تشاؤم فلسطيني يخيّم على الزيارة الـ19 لوفد المفاوضات الأميركي

تشاؤم فلسطيني يستبق الزيارة الـ19 للوفد الأميركي غداً: تنازلات بلا أفق تفاوضي

23 اغسطس 2017
علاقات شخصيّة تجمع الوفد الأميركي بإسرائيل (توماس كويكس/فرانس برس)
+ الخط -
عشية الزيارة الـ19 التي يُجريها مسؤولون أميركيون للأراضي الفلسطينية المحتلة، منذ بداية العام، يبدو التشاؤم وانعدام الأفق لأي جديد يحمله الأميركيون مسيطراً على اجتماعات وأحاديث القيادة الفلسطينية، والتي لا تعلق آمالًا تذكر على الزيارة.

ويلخّص المسؤولون الفلسطينيون خيبة أملهم من الأميركيين، عبر الترحيب بمبادرات ومشاريع سلام جديدة بعيدًا عن الاحتكار الأميركي، مثل المشروع الصيني، والمبادرة الفرنسية والروسية، لكن في الوقت ذاته ليس بوسعهم رفض مزيد من اللقاءات والاجتماعات من المسؤولين الأميركيين المعروفين إما بكونهم يهودًا أو يجمعهم ولاء مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ويجتمع الوفد الأميركي، برئاسة جاريد كوشنير، كبير مستشاري الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وجيسون غرينبلات، المساعد الخاص لترامب، والمبعوث الأميركي للمفاوضات الدولية، ودينا باول، نائبة مستشار الأمن القومي للشؤون الاستراتيجية، مساء يوم غد الخميس، مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ومسؤولين فلسطينيين، بعد الاجتماع مع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

وفيما يرى بعض أن مناورة الرئيس محمود عباس مع الأميركيين ربما وصلت آخرها، إذ لا جديد يقال ولا قديم يعاد معهم، مع رفض الإدارة الأميركية التطرّق لأمرين أساسيين تصر عليهما القيادة الفلسطينية؛ وهما حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وإدانة الاستيطان الإسرائيلي بصفته معيقًا لعملية السلام؛ وعلى الرغم من أن الوصف الأخير مخفف للغاية، ولا يمت للواقع السيئ على الأرض بصلة، لأن الاستيطان يقتل بالفعل حل الدولتين، إن لم يكن قد فعل أصلًا؛ فإن القيادة الفلسطينية ما زالت تلهث وراء أي كلمة أميركية، ولو ناعمة، ضد الاستيطان، في ظلّ إدارة يملك بعض مسؤوليها، لا سيما أولئك المرتبطين بشكل مباشر بالقضية الفلسطينية، سجّلًا حافلًا في الدفاع عن الاستيطان، ومنهم، على سبيل المثال، السفير الأميركي في إسرائيل، دافيد فريدمان، والذي استقبل بـ"فخر"، قبل عدة أيام، ابنته "المهاجرة" إلى إسرائيل كمستوطنة تسعى للاستيلاء على أراضٍ فلسطينية والعيش فيها.




وتقول مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد": "ليس لدى الأميركيين سوى الحديث عن المسار الأمني والاقتصادي، والطلب منا، مرارًا وتكرارًا، قطع رواتب أسر الشهداء والأسرى والجرحى بحجة أنهم (إرهابيون) والعمل على منع التحريض. ليس في جعبتهم شيء آخر".

ومن جانبه، يقول عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، محمد اشتية، لـ"العربي الجديد": "لا علم لنا إن كانوا يحملون أي شيء جديد أم لا؛ ننتظر لنسمع".

وقال اشتية: "تابعنا تقارير إعلامية تؤكد وصول ابنة السفير الأميركي في تل أبيب كمستوطنة إلى إسرائيل، ومعها 161 يهوديًّا، حضروا ليمارسوا الاستيطان".

وتابع اشتية: "إذا كان هناك مسار تفاوضي جدي وناجح؛ فنحن المستفيد الأول منه، لأننا نريد إنهاء الاحتلال. وبالنسبة للوساطة الأميركية، فأي وسيط في الدنيا يجب أن يعرف في ماذا يتوسط، نريد أن تكون الوساطة واضحة حول إنهاء الاحتلال، وترسيخ إقامة دولة فلسطين تتويجًا لحل الدولتين الذي يجمع عليه العالم كله".

وأردف قائلًا: "ما نقوله في هذا الموضوع هو أن هذه الإدارة (الأميركية الحالية) أمام امتحان جدّي وحقيقي يتجلّى بمدى قدرتها على لجم حكومة نتنياهو الاستيطانية، وهذا امتحان يعكس إذا كانت الإدارة قادرة أم لا".

بدوره، أكد مستشار رئيس السلطة الفلسطينية للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، نبيل شعث، لـ"العربي الجديد"، أن "القيادة الفلسطينية تريد أن تعرف بكل وضوح ما هو هدف المفاوضات التي يتحدث عنها هذا الفريق، والذي يتم إرساله في كل مرة بهدف طرح مزيد من الأسئلة؛ لأن الهدف بالنسبة للقيادة الفلسطينية هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، لنصل إلى دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس على حدود 1967 وتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل. وحتى يتحقق الهدف الفلسطيني يجب أن يتم وقف الاستيطان، لكن الإدارة الأميركية لم تعلن أي شيء بهذا الخصوص حتى الآن".

وحول ما يتسرّب من أن الوفد الأميركي سيعاود طرح مسارات الأمن والاقتصاد من دون التطرق إلى المسار السياسي، أجاب شعث: "الوفد الأميركي كله أشخاص يتمتّعون بقرب كبير من إسرائيل، ومن الممكن أنهم قادمون ليتحدثوا عن الأمن والاقتصاد، لكن القيادة الفلسطينية لن تتكلم عن هذه الأمور، بل عن إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وأي مفاوضات يجب أن يكون هدفها إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية على حدود 1967، وليس استمرار الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني الصهيوني الذي نخسر بسببه مزيداً من الأراضي الفلسطينية، هذا ما سنقوله لهم بوضوح".

وبخصوص التقارير التي تتحدّث عن حضور ابنة السفير الأميركي في إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلة كمستوطنة، علّق شعث: "سمعت هذا الكلام في الإعلام، ولا يوجد لدي معلومة أكيدة حوله، لكن منذ أن بدأت عملية السلام والإدارة الأميركية تختار دائمًا يهودًا أميركيين على علاقة قوية مع الإسرائيليين. الأميركيون يعتقدون أن هذا يسهل المضي قدمًا في عملية السلام ويسهل محاولات إقناع إسرائيل، لكن الذي يحدث العكس؛ هذا لا يقنع إسرائيل لأنها ماضية في مشروعها الاستيطاني الاستعماري من دون أن تحسب حسابًا لأي أحد".

وأكد قائلًا: "أنا أراهن أنه ما من شخص في حكومة الاحتلال الإسرائيلي يريد عملية سلام، حتى ولو كان ترامب وأصدقاؤهم اليهود الأميركيون جزءًا منها. لا يريدون عملية سلام، بل وضعًا راهنًا يسرقون فيه ما تبقّى من الأرض والماء الفلسطينيين".

وشدّد شعث "على أهمية المشروع الصيني للسلام الذي تم عرضه على الرئيس أبو مازن خلال زيارته إلى الصين في يوليو/ تموز الماضي، والذي يشتمل على مرجعية دولية واضحة، ودولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، ومفاوضات متعددة الأطراف، وكلها معايير تريدها القيادة الفلسطينية".

وقال: "لدينا الآن مشروع صيني للسلام واضح المعالم، والأميركيون دخلوا على الخط وقالوا لنا نريد أن نقدم مبادرة، وسمعنا لهم وشرحنا لهم الوضع بدقة على الأرض. لكن بالنسبة لهم، وعشية قدوم وفد أميركي للأراضي الفلسطينية المحتلة، ما زالت الأمور غير واضحة عندهم في ما يخصّ القواعد والشروط والأهداف التي يريدونها، لا سيما مع انشغال الرئيس الأميركي بقضايا داخلية وخارجية كثيرة".

وأضاف: "بالنسبة للقيادة الفلسطينية، الأمور لدينا واضحة، سواء مشروع أميركي أو فرنسي أو متعدد الأطراف؛ يجب أن يستهدف أي مشروع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وغزة، بما فيها القدس الشرقية، ويسمح بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ويبحث كل قضايا الحل النهائي التي تم تأجيلها، وعلى رأسها موضوع اللاجئين. وإذا كانت الإدارة الأميركية مستعدة لذلك فأهلًا وسهلًا، لكن يجب أن تكون الأمور واضحة ومعلنة".