ألمانيا: اليمين الشعبوي يشوّه الحقائق لتعزيز حضوره بالبرلمانات الشرقية

ألمانيا: اليمين الشعبوي يمعن في تشويه الحقائق لتعزيز حضوره بالبرلمانات الشرقية

30 اغسطس 2019
"البديل" يحرض على اللاجئين (Getty)
+ الخط -
لم يبق للحزب اليميني الشعبوي "البديل من أجل ألمانيا"، سوى التركيز على الجرائم المرتكبة من قبل المهاجرين، إلى جانب ملف اللاجئين، في حملاته الانتخابية، للانتخابات البرلمانية الإقليمية، بعد غد الأحد، ورغم تأكيد السلطات الأمنية تراجع نسبة الجريمة وعدم ربطها باللاجئين، إلا أن الحزب الشعبي لا يزال يحرّض على اللاجئين ويلصق بهم التهم، في ما يمكن وصفه بـ"تشويه للحقيقة".

ويستكمل الحزب اليميني الشعبوي بذلك ما دأب به منذ عام 2015، مع وصول الآلاف من اللاجئين في ظل سياسة الترحيب التي اعتمدتها المستشارة أنجيلا ميركل آنذاك؛ من بث لخطابات الحقد والكراهية والغضب والاستياء بكافة الوسائل، ما أثّر بشكل كبير على المشهد والتحولات السياسية في الولايات الشرقية الألمانية، التي تفتقر للخدمات وقلة المساندة اللازمة لجيل الشباب لبدء حياة مجتمعية جديدة.

أمام هذا الواقع، يسعى سياسيو ومناصرو البديل إلى التجييش بالدعاية الانتخابية عبر شبكات التواصل الاجتماعي و"يوتيوب" لجعل العنصرية تبدو طبيعية، مستخدمين شعارات مثل "دعونا نفعل ذلك بأنفسنا"، "نحن الألمان الجدد"، فضلاً عن انتشار مشاهد مصوّرة تتغنى باليمين الشعبوي، ناهيك عن اعتماد الأسلوب نفسه من قبل المؤثرين الذين يمجدون العنف العنصري ويحفزون متابعيهم بشكل غير مباشر على العدائية والجرائم الجنائية.

 ويدلي مرشحو "البديل"، خلال جولاتهم الانتخابية بكثير من المواقف الجريئة والمنفرة على حد سواء، ففي ولاية براندنبورغ مثلاً قال المرشح اندرياس كابليتز إن "الثقافة المسيحية الغربية بقيمها الأساسية أصبحت مهددة"، وفق ما ذكرت "فوكس أون لاين".

وتبرز تصريحات لمسؤولي حزب "البديل" تعمم سيناريو الرعب، عبر القول إن أعمال العنف في زيادة مطردة، في إشارة إلى أن الدولة لم تعد قادرة على حماية مواطنيها ولتغذية جوّ من عدم الأمان، وهذه الصورة لا تتطابق فعلياً مع ما يزعمه "البديل".

كذلك يعمد "البديل" إلى تسويق أفكاره المناهضة للهجرة لدى الرأي العام، وتعميم طروحاته في هذا المجال، بينها الترحيل الفوري للّاجئين المرفوضة طلبات لجوئهم بصرف النظر عمّا إذا كانت بلدانهم آمنة أو تسود فيها الاضطرابات، فضلاً عن الأسباب الأخرى لتعديل القانون للتخلص من حق التقييم الفردي الخاص باللاجئين، ورفض حصص اللاجئين عملاً بالاتفاق الأوروبي إلى إغلاق الحدود وإقامة معسكرات اللجوء خارج الحدود لمنعهم من الوصول إلى ألمانيا.

حيال ذلك، اعتبر المستشار السياسي مارتن فوش لتاغس شبيغل، أن "تأثير اليمين الشعبوي على الكتلة الكبرى من الناخبين، ليصبح الكتلة الأقوى ضئيل نسبياً، والسبب أنه لا يستطيع الفوز مع فئة الشباب فقط، ومن هم دون سنّ 35 عاماً، لأنها كتلة ناخبة صغيرة".

وفي السياق، وعد مرشح "البديل" في سكسونيا يورغ أوربان في تعليق له على "تويتر"، بوقف "الجريمة المترامية الأطراف بأي شكل من الأشكال"، مدعياً أن "كل هجوم بسكين يرتكبه أجنبي".

فيما أرقام الشرطة في سكسونيا، تفيد بأن الجريمة في أدنى مستوياتها منذ عشر سنوات، كما بينت في رد على سؤال برلماني من "البديل"، أنه ومنذ يناير/ كانون الثاني 2017 حتى نهاية يونيو/ حزيران 2018، تم التعرف إلى 3063 ألمانياً و1292 من المشتبه بهم غير الألمان فيما تسمى جريمة السلاح.

وأبرز موقع "فوكوس أون لاين"، أن المتحدث باسم كتلة "البديل" لم يرغب بالإجابة عن سؤال حول مزاعم مصادر زميله أوربان، علماً أن ولاية سكسونيا ليست من الولايات التي تسجل جرائم العنف بالسكين بشكل منفصل، ومن ثم ليس هناك أي إحصائيات عن هجمات بالسكاكين.

وفي تطور بارز وجديد، بادرت وزارة الداخلية في ولاية شمال الراين فستفاليا أخيراً، للإعلان عن أنّ الشرطة في الولاية ستعلن في تقاريرها الصحافية هوية المشتبه بهم من الجناة أو المرتكبين، مبررة الأمر بأنها محاولة للتصدي ومنع نشر المعلومات والأخبار الكاذبة والدعاية الشعبوية وكمبدأ للشفافية.

تجدر الإشارة، إلى أن مدينة كيمنتس التي شهدت العام الماضي أعمال عنف ومعاداة للأجانب، ومطاردتهم من قبل اليمين المتطرف على خلفية مقتل أحد المواطنين الألمان على يد أحد اللاجئين، بادرت وبواسطة الجمعيات المحلية إلى إظهار نوع من الانفتاح والتسامح، فنظمت عدداً من النشاطات لتظهر أن الأغلبية فيها تؤيد التنوع والاندماج بدلاً من رفض للمهاجرين.

ولم يقتصر الأمر عند هذا الحدّ/، بل خرجت تظاهرات ضد العنصرية في دريسدن عاصمة ولاية سكسونيا، نهاية الأسبوع الماضي، شارك فيها أكثر من 30 ألف شخص، مطالبين بعدم تهميش فئات من المجتمع وجاهروا بتأييدهم التنوع وعدم معاداة الأجانب والمهاجرين.

في موازة ذلك، يرى خبراء في الشؤون السياسية الألمانية، أن النجاحات الانتخابية المفترضة "للبديل"، يوم الأحد، ستؤدي إلى تفاقم الصراع على السلطة بشكل كبير وستقوي جناح أقصى اليمين ليكون الحزب أكثر راديكالية، علماً أن الانقسامات في صفوفه ازدادت في الفترة الأخيرة وفي عدد من الروابط الولائية بينها في ولاية شمال الراين فستفاليا وبافاريا، حيث سيصار إلى استبدال عدد من أعضاء اللجان التنفيذية.

دلالات

المساهمون