جلسة منح الثقة لوزيري الشاهد: معسكرا الحكم والمعارضة يتصادمان

جلسة منح الثقة لوزيري الشاهد: معسكرا الحكم والمعارضة يتصادمان

17 مارس 2017
جاء رد الشاهد على مداخلات النواب مقتضباً (أمين لندلسي/الأناضول)
+ الخط -
لم تسر جلسة منح الثقة لوزيري حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة يوسف الشاهد، التي تواصلت إلى ساعة متأخرة من ليل أمس الخميس كسابقاتها من الجلسات المخصصة لنيل الثقة، بل كاد السبب الأول لانعقادها أن يضمحل تماما وسط التصعيد بين معسكر الحكم الذي تجند لتجديد ولائه ودعمه للشاهد "ورد أذى معارضيه عنه"، ومعسكر المعارضة البرلمانية الذي ادخر كل انتقاداته وتحفظاته لجلسة يوم أمس وأطلقها دفعة واحدة في وجه الشاهد.

وتقف رؤى الفريقين على طرفي نقيض، فقد صورت مداخلات نواب حزبي نداء تونس والنهضة أداء رئيس الحكومة وطاقمه بأحسن ما يكون تقريبا باستثناء بعض النواقص، التي برروها بضعف الإمكانات والأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. فيما رسمت مداخلات المعارضة الوضع بصورة قاتمة سوداء، ووصمت الحكومة بالفشل والإخفاق في جل الملفات، وبدا حدث منح الثقة لكل من وزير الشؤون الدينية الذي تحصل على 119 صوتا مؤيدا و40 معارضا، وكاتب الدولة للتجارة الذي نال تأييد 120 صوتا، ورفض بـ40، هامشيا للغاية.

واعتبر رئيس كتلة النداء، سفيان طوبال، خلال مداخلته، أن تقييم عمل الحكومة مرتبط بمدى التزامها بوثيقة قرطاج، الذي وصفه بالمرضي والإيجابي حيث "دحرت الإرهاب"، وآخر دليل على ذلك عملية قبلي الأخيرة، كما أنها حققت نجاحا بإقناع متساكني جهة قفصة بإعادة الإنتاج في مناجم فسفاط قفصة، وهو ما ساهم في تحقيق مؤشرات إيجابية في النمو الاقتصادي.

واتهمت النائبة عن نداء تونس أنس الحطاب المعارضة بتجييش المواطنين ضد الحكومة والعمل على تأزيم الأوضاع، مؤكدة أن قاطنين بجهتها "القيروان" أكدوا لها أن معارضين اتصلوا بهم وطلبوا منهم مقاطعة السلط الجهوية والمحلية، مشيرة إلى أن الحكومة حققت مشاريع للجهة لم تكن ممكنة في السابق، وأشارت إلى ارتفاع نسبة الانتحار في الجهة مرجعة ذلك إلى خطاب اليأس والإحباط الذي تسوق له بعض الأطراف.

وفي ذات السياق، اعتبر رئيس كتلة النهضة، نور الدين البحيري، أنه وجب التقييم بناء على ما تحقق وما يجب أن تتظافر الجهود من أجل تحقيقه، وأشار إلى أنه لا يجوز استغلال الفرصة السانحة لإحباط الناس والحط من عزائمهم وإنما المساعدة للوصول إلى الحلول السليمة من أجل مقاومة الإرهاب والبطالة، معتبرا أن  البعض من السوداويين يحاولون إخافة التونسيين وهم بذلك جزء من أجندة الثورة المضادة التي تريد أن تنهار البلاد.

أما في المعسكر المقابل، فإن المعارضة كرست مداخلاتها في سياقين، واحد متعلق بالائتلاف الحاكم، وآخر يتعلق برئيس الحكومة ردا على استعماله لمقولات يسارية خدمة لبرامج "يمينية وليبيرالية بحتة"، على حد توصيف النائب عن الجبهة الشعبية أيمن العلوي، الذي أضاف أن نواب الائتلاف مهمتهم التصفيق لكل ما يأتيه الشاهد دون ترجيح مصلحة البلاد.

فيما دعا رئيس كتلة الجبهة الشعبية، أحمد الصديق، الحكومة وداعميها إلى عدم تعليق فشلهم على المعارضة، وبدل تقديم النصح لها والتغاضي على النواقص، كان من البديهي أن تعي الحكومة أن المعارضة ليست من جنودها وليس من واجبها مدحها أو تقديم المقترحات لها. واختتم الصديق قوله بأن "ما تريده الحكومة من المعارضة هي بروبغاندا مفلسة".

وقيم النائب عن الكتلة الديمقراطية المعارضة، نعمان العش، الحكومة بــ"الساقطة" أخلاقيا وسياسيا على حد تعبيره، معددا الإخلالات والخروقات التي حصلت منذ مباشرتها لعملها، من بينها ما سمّاه "بفضيحة وزير التجهيز في الانقلاب على إرادة المشرع، والرغبة في بيع البنوك العمومية وفضيحة وزير البيئة والشؤون المحلية، وغياب نية مكافحة الفساد والمرور جانبا على مكافحة الفساد ومحاولة إرضاء ممولي نداء تونس وداعميه إبان التشريعية، بقانون مصالحة على المقاس".

وجاءت ردود رئيس الحكومة يوسف الشاهد على ما يقارب عشر ساعات من المداخلات والخطاب، مقتضبة، حيث اعتبر أن الوضع عامة ورغم صعوبته يبعث على التفاؤل، إذ سجلت نسبة النمو الاقتصادي ارتفاعا طفيفا سيواصل التحسن خلال الأشهر المقبلة.

وسجلت البلاد استقرارا أمنيا رغم وجود بعض التهديدات التي تمثل أمرا عاديا ومتوقعا، مستدلا بجاهزية قوات الأمن والجيش في حادثة قبلي لبيان، وقدرة الحكومة على تطويق الأزمة.

وطالب الشاهد البرلمان بالتسريع في سن مشاريع قوانين ضرورية في مقدمتها الطوارئ الاقتصادية والمصالحة.