الحكومة الليبية تحشد لـ"معركة الحسم"... ومعسكر حفتر يستجدي الدعم

الحكومة الليبية تحشد لـ"معركة الحسم" جنوب طرابلس... ومعسكر حفتر يستجدي الدعم

16 ديسمبر 2019
خطاب صالح وُصِف بـ"الانهزامي"(أنطوان جيوري/Getty)
+ الخط -
تطغى على خطاب رئيس مجلس النواب الليبي المنعقد بطبرق، عقيلة صالح، والموالي للواء المتقاعد خليفة حفتر، لغة الاستعطاف والاستجداء؛ في وقت أعلنت مدينة مصراته ومدن أخرى، غرب البلاد، حالة النفير من أجل "معركة الحسم"، مقابل استمرار الإعلام الموالي لحفتر بالحديث عن سلسلة من الانتصارات الافتراضية.

وتوجه صالح بخطاب لليبيين، في وقت متأخر من ليل أمس الأحد، قائلاً: "أدعوكم للوقوف مع القوات المسلحة (قوات حفتر) التي لا تسعى إلا لفرض الأمن والاستقرار وحماية الحدود والمقدرات، وقدمت تضحيات بالأرواح الغالية لمنحكم حرية تنشدونها اغتصبت منكم بأيدي المنحرفين والضالين واتباع الأجندات الخارجية وسماسرة الوطن"، في محاولة الاستعطاف واللعب على وتر الاحتياجات المعيشية التي يعانيها الليبيون.

ووعد صالح بـ"تشكيل حكومة من الأقاليم الثلاثة قادرة على حل جميع الأزمات"، مشيراً إلى أن "أولوياتها ستكون توحيد مؤسسات الدولة وإيجاد معالجات عاجلة لمشكلة اختفاء السيولة المالية والحد من ارتفاع السلع التموينية وتوفير الخدمات الصحية".

وقال أيضاً إنه "فور تحرير القوات المسلحة للعاصمة طرابلس"، سيشكل مجلس النواب لجنة من أطياف الليبيين لـ"صياغة الدستور في فترة وجيزة. دستور يُلبي رغباتكم وطموحاتكم ويضمن لكم وللأجيال القادمة الحرية والكرامة، يشرع بعدها في تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية، تعبرون من خلالها عن إرادتكم الحرة بإشراف دولي".

في المقابل، وصف المحلل السياسي الليبي، أحمد الأشهب، خطاب صالح بـ"الانهزامي"، معتبراً أنه يكشف عن سوء الأوضاع التي يعانيها معسكر حفتر.

وأوضح الأشهب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مؤشرات التردي التي يعيشها حفتر لم تتوقف عن التوالي؛ فبعد فضيحة ساعة الصفر أرسل خطاباً يغازل فيه مصراته ولما أعلنت مصراته عن موقفها صراحة بدأ صالح يستجدي الليبيين، ويُدندن على وتر حاجاتهم المعيشية".

وتأتي تصريحات صالح بالتزامن مع إعلان بلدية مصراته وبلدات أخرى بغرب ليبيا، حالة "النفير" لإنهاء المعركة ضد مليشيات حفتر جنوب طرابلس، وفيما وصفت بيانات البلديات النفير بـ"الحاسم"، شددت على أنه "سيكون طوافاً هادراً يستأصل الطغيان والاستبداد".

وكشف مصدر عسكري مقرّب من عملية "بركان الغضب"، التي تقودها حكومة الوفاق ضد قوات حفتر؛ النقاب عن استعدادات عسكرية كبيرة لعملية واسعة في جنوب العاصمة.

وقال المصدر، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عن ذكر اسمه، إن "بركان الغضب دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة وأحكمت خطتها لكنها تنتظر أوامر التنفيذ لبدء عملية عكسية شاملة في كل المحاور".

على الضفة الأخرى، تواصل وسائل الإعلام الموالية لحفتر، الحديث عن انتصارات وصفها مراقبون للشأن بأنها "افتراضية ولا علاقة لها بالميدان ولا الواقع".

ولفت المركز الإعلامي لعملية "الكرامة"، التابعة لحفتر إلى "تحقيق تقدم مهم باتجاه قلب العاصمة" دون تحديده.

بدوره، أكد آمر التوجيه المعنوي بقوات حفتر، خالد المحجوب، لموقع إماراتي، تعرض موكب وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، الذي ظهر أثناء إعلان بلدية طرابلس حالة النفير ليل أمس، "لوابل من الرصاص، في محاولة لاغتياله داخل مصراته".

كما تحدث عن "غارات جوية ليلية استهدفت مخازن استراتيجية بمصراته، تحوي معدات وأسلحة تركية قضت على ما تبقى من إمدادات عسكرية لخطوط الجبهات".

غير أن مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، أعلن، في المقابل، عن تقدم جديد في محور الكازيرما، بالإضافة لنشر مقاطع مصورة توضح تقدماً آخر في محور الطويشة، جنوب العاصمة.

وحاول المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حفتر، أحمد المسماري، أمس الأحد، تبرير فشل قوات حفتر في تنفيذ أوامر "ساعة الصفر" التي أعلن عنها ليل الخميس الماضي، بالقول إنها لا تعني بدء عملية جديدة و"لكنها تعني بدء مرحلة نهائية في الحرب تشمل اقتحام قلب العاصمة"، دون أن يتمكن من تحديد المواقع الجديدة التي اقتربت فيها قوات حفتر من قلب العاصمة بعد مرور ثلاثة أيام من إعلان "ساعة الاقتحام الواسع الكاسح والتقدم نحو قلب العاصمة".

ويرى الأشهب، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، أنّ "إعلان حفتر كان محاولة لترقيع خرق قواته وتراجع كبير في صفوفها بعد انخفاض وتراجع الدعم الإقليمي الذي كانت تتلقاه".

وكشف الأشهب أن المعلومات التي وصلته تشير إلى أن "محاور القتال لم يعد فيها سوى مرتزقة أفارقة وقلة من مقاتلي حفتر من الليبيين، وأن قاعدة الجفرة على وجه التحديد فارغة من أي مقاتل ليبي".

في السياق، أشار الباحث في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، إلى أن العوامل والمواقف الدولية التي لم تعد ترحب بمشروع حفتر العسكري شكلت ضغطاً إضافياً ومهماً، وعلى رأسها التقارب بين الحكومة وتركيا، لا سيما بعد إعلان الرئيس التركي أردوغان أنه لا يستبعد إرسال قوات تركية لدعم قوات حكومة الوفاق وفق الاتفاق الأمني الموقع بينهما.

وذكر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مقابلة تلفزيونية أمس الأحد، أنه سيبحث اليوم الإثنين مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، مستجدات عقد مؤتمر برلين بشأن ليبيا.

وأوضح البرق لـ"العربي الجديد"، أن "الملف الليبي لم يعد يناقش في كواليس برلين فقط فالقمة الثلاثية التي جمعت فرنسا بإيطاليا وألمانيا في بروكسل، أخيراً، تشير إلى تغير فرنسي وأوروبي شامل في الموقف من حفتر بتأثير من الموقف التركي الداعم لحكومة الوفاق وانزعاج أوروبي واضح من التوغل الروسي".

وتابع رصده لمستجدات الوضع، قائلاً إن "الحديث لم يعد ساخناً عن الاتفاق التركي مع الحكومة في شقه البحري بل انتقل الحديث بشكل كثيف عن الشق الأمني واستعداد البرلمان التركي للمصادقة عليه، ما يعني دخوله حيز التنفيذ خصوصاً أن أنقرة أبدت استعدادها أكثر من مرة لإرسال قواتها إلى ليبيا".

واعتبر الباحث في العلاقات الدولية أن "حفتر وقع في خطأ استراتيجي كبير بتحالفه مع موسكو وإفساح المجال لها للتوغل في ليبيا"، مشيراً إلى أن "الوجود الروسي هو من أهم المؤثرات الجديدة في كواليس الملف الليبي التي منحت حكومة الوفاق أوراقاً جديدة وحلفاء كباراً من بينهم واشنطن.

وبيّن أنه "ليس فقط على المستوى العسكري يظهر التراجع بل على المستوى السياسي أيضاً"، متسائلاً "لماذا الصمت الإماراتي السعودي بعد فشلهما في مشروع سحب الشرعية من حكومة الوفاق؟"، الذي أكده تصريح عقيلة صالح لقناة "العربية".

وتابع متسائلاً: "لماذا القاهرة أدارت ظهرها لحفتر ولم تستجب لمطالب صالح لسحب الشرعية من الحكومة، بل تحايلت واكتفت ببيان للخارجية اعترفت فيه بشرعية مجلس النواب دون الحديث عن الحكومة".