"حوار طرشان" في جنيف اليمني تحت سقف الهدنة

"حوار طرشان" في جنيف اليمني تحت سقف الهدنة

16 يونيو 2015
بان التقى الوفد الحكومي وغادر إلى نيويوك(فابريك كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -
غابت صنعاء وحضرت الرياض. هذا هو ملخص اليوم الأول من  جلسات مؤتمر جنيف اليمني الذي تحول إلى مشاورات أحادية الجانب مع الوفد الآتي من الرياض بعد امتناع رئيس "وفد صنعاء"، وزير الخارجية اليمني الأسبق أبوبكر القربي، عن المشاركة في المشاورات رغم وصوله إلى جنيف في الوقت المناسب. وأعرب عدد من أعضاء الوفد الحكومي اليمني في حديث لـ"العربي الجديد" عن ارتياحهم لعدم حضور وفد جماعة "أنصار الله" الحوثية والرئيس اليمني المخلوع علي صالح. 

اقرأ أيضاً: تأخّر الحوثيين عن مشاورات جنيف وبان يدعو للهدنة

لكن الأمم المتحدة لم تقطع الأمل بعد في وصول الأخيرين، الذين تسميهم "أعضاء وفد الطرف الآخر"، بحسب ما ذكر عضو في وفد الرياض لـ"العربي الجديد"، لكنه أشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وصف الحوثيين وصالح بالطرف الآخر، ولم يشر إليهم بأي صفة تحاشياً لإثارة غضب الوفد الحكومي. وتجلّى حرص المنظمة الدولية على وجود مختلف الأطراف، في وضعها لجدول لقاءات منفصلة مع وفدين يمنيين على نمط مفاوضات كامب ديفيد الفلسطينية ــ الإسرائيلية.
إذ إن الأمين العام للأمم المتحدة غادر جنيف في اليوم الأول من المؤتمر، بعدما التقى الوفد الحكومي اليمني الآتي من الرياض، متوجهاً إلى نيويورك، وكلف مبعوثه الشخصي إسماعيل ولد الشيخ بعقد لقاءات منفصلة مع وفدي الرياض وصنعاء على نمط مفاوضات كامب ديفيد بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل أيهود باراك وفي حضور الرئيس الأميركي حينئذ بيل كلينتون عام 2000، إذ كان الأخير يتنقل بين غرفتين معزولتين لنقل مطالب كل طرف من الطرف الآخر ورؤيته للحلول.

ويأمل المبعوث الخاص ولد الشيخ أن تعطي مشاورات جنيف بشأن اليمن قوة دفع جديدة لإعادة بناء الثقة بين الأطراف اليمنية، كما يحرص بحكم خلفيته في العمل في المجال الإنساني أن تتمخض المشاورات عن إيقاف الحرب والغارات الجوية وبدء العمل الفوري على تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من المعارك اليمنية الداخلية ومن ضربات عمليات التحالف.

غير أن مراقبين في جنيف لا يزالون يشككون في تجاوب الأطراف السياسية اليمنية مع حلول قد تنقذ وطنهم من المأساة التي يمرون بها، بسبب الفجوة الكبيرة بين الجهات المتخاصمة، ويعتقد البعض أن النظام اليمني السابق يحاور نفسه في جنيف بعدما انقسم بين أنصار الرئيس عبد ربه منصور هادي وأنصار المخلوع صالح وحلفائهما الجدد. مع العلم أن المنظمة الدولية ألغت مصطلحي "الحكومة الشرعية" و"المتمردون" من قاموس مشاورات جنيف اليمنية وأطلقت على وفدي التفاوض تسميتين بديلتين محايدتين، على حد وصف مصدر أممي، هما "وفد الرياض" و"وفد صنعاء"، في محاولة منها لضمان مشاركة ممثلين عن حركة التمرد الحوثية وحليفها الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح.


هدنة... وخيبة
وكانت مشاورات جنيف اليمنية قد بدأت أمس الاثنين بلقاء افتتاحي قصير لبان كي مون، مع وفد الشرعية الآتي من الرياض، في حين امتنع رئيس وفد صنعاء أبوبكر القربي وأعضاء آخرين عن حضور جلسات اليوم الأول رغم وجودهم في جنيف. وبرروا الامتناع بتأخر وصول بقية أعضاء الوفد القادم من صنعاء. ودعا الأمين العام عقب اللقاء إلى هدنة إنسانية فورية لمدة أسبوعين في اليمن مع اقتراب بدء شهر رمضان. وقال "لقد شددت على أهمية هدنة إنسانية ثانية لمدة أسبوعين"، مضيفا أن "رمضان يبدأ بعد يومين ويجب أن يكون فترة وئام وسلام ومصالحة". وأمل في أن "يشكل هذا الأسبوع بداية لانتهاء المعارك". وأشار إلى أن "الوقت الذي يمر ليس دقات الساعة إنما دقات قنبلة موقوتة".

في المقابل، أكد عضو الوفد الحكومي اليمني إلى جنيف، رئيس مؤتمر الرياض اليمني عبدالعزيز جباري، لـ"العربي الجديد"، أن ما طرحه الأمين العام للأمم المتحدة على الوفد الحكومي يتلخص في السعي لتحقيق هدنة إنسانية والتعبير عن رغبة أممية في إيقاف الحرب. كما أوضح عضو الوفد الحكومي اليمني الوزير فهد كفاين، أن وفد الشرعية اليمني لمس من طرح بان كي مون أن مفهوم الأمم المتحدة لوقف الحرب يقتصر على وقف الغارات الجوية من دون النظر إلى ما يجري على واقع الأرض. فيما أعرب عضو الوفد الحكومي الشيخ عثمان مجلي، وهو أحد أبرز مشايخ صعدة المناوئين لحركة التمدد الحوثي، عن خيبة أمله قائلاً إنه لا يتوقع مخرجات ذات جدوى من المشاورات.

بدوره، رأى محافظ أبين الجنوبية وعضو الوفد أحمد الميسري، في حديث لـ"العربي الجديد" أن المقاومة الجنوبية على الأرض هي وحدها القادرة على تغيير كل المعادلات، ملمحاً إلى مفاجآت قادمة في طريقها للحدوث. وقال وفد الشرعية الحكومية أمين عام حزب "الرشاد السلفي" في اليمن عبدالوهاب الحميقاني، لـ"العربي الجديد"، إن المطلب الأساسي للشرعية واضح وبسيط وهو تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الأخير. وأدى تأخر بعض أعضاء وفد  صنعاء إلى إنقاذ الأمم المتحدة من إحراج الجمع بين وفدين لا يريدان اللقاء مع بعضهما بعضاً وجهاً لوجه.
وعلمت "العربي الجديد" أن الأمين العام للأمم المتحدة التقى قبل مغادرته جنيف أيضاً سفراء مجموعة الـ16 لدى اليمن الذين وصلوا جميعا إلى جنيف، بمن فيهم سفراء دول مجلس التعاون الخليجي الست واليابان ونائب سفير تركيا في صنعاء إلى جانب ممثلة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن ومبعوث مجلس التعاون الخليجي الخاص إلى اليمن وسفراء الدول العظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.


مشاركون بلا صفة

وفي الوقت الذي ترأس فيه الوفد الحكومي الشرعي، المؤلف من ستة أعضاء آخرين، وزير الخارجية بالنيابة الدكتور رياض ياسين، لاحظت "العربي الجديد" وجود مشاركين يمنيين مع الوفد الحكومي نفسه بلا صفة رسمية لهم، من بينهم أحمد عوض بن مبارك، مدير مكتب الرئيس هادي سابقا. وقال أعضاء في الوفد لـ"العربي الجديد"، إن وجود بن مبارك ضمن الوفد كاستشاري فقط، غير أن منظمة الأمم المتحدة منعته من دخول الجلسات. واشتكى أعضاء آخرون من نزاع على رئاسة الوفد بين ياسين وبن مبارك، في حين قال آخرون إن بن مبارك لعب دورا إيجابيا بإضفاء نوع من المرونة على مواقف وفد الرياض، ومن بين ذلك تمكنه من إقناع أعضاء الوفد بالتخلي عن إصرارهم على اعتبار مؤتمر الرياض مرجعية من مراجع مشاورات جنيف. في المقابل، دعا رئيس الحكومة اليمنية خالد بحاح، الأطراف اليمنية المشاركة في المؤتمر إلى "الإخلاص في اللحظات الفارقة من أجل مستقبل اليمن". وكتب في تدوينة له على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "دعوة صادقة لكل من يؤمن بالإنسانية وقيمها، وطننا أمام مفترق طرق، لنكن مخلصين في هذه اللحظات الفارقة، فمستقبل جيل قادم مرهون بقرارتنا".

اقرأ أيضاً جنيف اليمني: إلغاء "الشرعية" وابتكار بدائل تفاوضية