مشاريع "تنمية" غزة: إلحاق القطاع بالاقتصاد المصري وإراحة إسرائيل

مشاريع "تنمية" غزة: إلحاق القطاع بالاقتصاد المصري وإراحة إسرائيل

22 مايو 2018
يمكن للنظام المصري إغلاق الحدود بأي لحظة(سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -

هناك ما يدل على أن نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتعاون مع مخطط أميركي يهدف إلى إعفاء إسرائيل، كدولة محتلة، من مسؤولياتها حيال قطاع غزة، عبر إلحاقه اقتصادياً بمصر. وقال مصدر فلسطيني مطلع، لـ"العربي الجديد"، إن فصل مدينة رفح المصرية عن بقية مناطق شمال سيناء، وهو الأمر الذي يقوم به الجيش المصري حالياً، يهدف إلى تدشين منطقة تجارة حرة لخدمة قطاع غزة. وأشار إلى أن المشروع يعد حلقة ضمن مخطط أشرف على إعداده المبعوث الأميركي للمنطقة، جيسون غرينبلات، الذي أعلن أخيراً أنه يجري اتصالات مكثفة مع قوى إقليمية وعالمية بهدف التوافق على خطوات ترمي للإسهام في تخفيف الضائقة الاقتصادية التي يعيشها الفلسطينيون.

وأوضح المصدر، أنه حسب المخطط الأميركي المصري، فإن البدء بتشغيل منطقة التجارة الحرة سيتم بعد أن تتشكل لجنة لإدارة حكم قطاع غزة تكون بديلاً عن إدارة الأمر الواقع التي تمارسها حركة "حماس"، في أعقاب فشل تطبيق اتفاق المصالحة، مع العلم أن قطاع غزة يخضع نظرياً لسلطة حكومة "التوافق"، التي يرأسها رامي الحمد الله. وقد سبق لغرينبلات أن كشف، قبل نحو عشرة أيام، أنه بحث مع مدير الاستخبارات العامة المصرية، عباس كامل، أفكاراً لتخفيف الضائقة الاقتصادية في القطاع. ويرجح أن تكون قضية تدشين منطقة التجارة الحرة قد نوقشت بشكل مفصل خلال جلسة "العصف الذهني" التي دعا إليها غرينبلات واحتضنها البيت الأبيض قبل ثلاثة أشهر، وحضرها ممثلون عن دول عربية وإسرائيل.

وحتى من دون أن تقر الإدارة الأميركية ونظام السيسي بذلك، فإن تطبيق هذه الخطة يرمي إلى تقديم مسوغات لإعفاء إسرائيل بوصفها دولة الاحتلال من مسؤوليتها وواجباتها تجاه قطاع غزة، بحيث يمكن لتل أبيب استغلال ربط غزة اقتصادياً بمصر لتبرير إقدامها على إغلاق المعابر التجارية التي تربطها بالقطاع، والتي يتم عبرها نقل البضائع والسلع الأساسية، ومن خلالها تتواصل حركة الاستيراد والتصدير. وفي الوقت ذاته، فإن الخطة تمكن تل أبيب من الادعاء أمام العالم بأنها لم تعد تمارس إجراءاتها كقوة احتلال ضد قطاع غزة، مع العلم أن إسرائيل ستواصل محاصرة القطاع براً وبحراً وجواً. إلى جانب ذلك، فإن هذه الخطة تهدف إلى سحب الذرائع من الغزيين لمواصلة حراك مسيرات العودة ورفع الحصار، والذي بات يمثل لإسرائيل مصدر قلق كبير، سياسياً وأمنياً. وبالنسبة لصناع القرار في تل أبيب، فإن استعادة الاستقرار والهدوء على الحدود مع قطاع غزة تكتسب أهمية كبيرة في ظل المخاوف من إمكانية انفجار الأوضاع في الضفة الغربية، لا سيما مع تعاظم المؤشرات على تراجع الوضع الصحي لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وإمكانية انتهاء الأمور هناك إلى فوضى عارمة في حال فارق مسرح الأحداث من دون ترتيب أمور خلافته.

وعلى الرغم من أن المصدر، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، يستبعد أن يكون مشروع منطقة التجارة الحرة مرتبطا بتطبيق مشروع التسوية الذي أعدته الإدارة الأميركية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والذي يطلق عليه "صفقة القرن"، ويرى أن المشروع يتعلق فقط بتحقيق هدف إسرائيل المتمثل بإلحاق غزة بمصر اقتصادياً، إلا أن المشروع يمكن أن يسهم في توفير بيئة اقتصادية تسهم في تطبيق "الصفقة". فحسب تسريبات نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية أخيراً فإن الإدارة الأميركية بحثت مع مصر تدشين مطار وميناء في منطقة العريش لخدمة الدولة الفلسطينية، التي يفترض أن يتم الإعلان عنها بعد إنجاز "الصفقة". وبالتالي فإنه يمكن لمنطقة التجارة الحرة في رفح المصرية، إلى جانب المطار والميناء في العريش، أن تمثل البنى التحتية الرئيسة التي تخدم "الدولة" الفلسطينية العتيدة. ومن الواضح أن سقف خطة تدشين منطقة التجارة الحرة أدنى بكثير من سقف الخطة التي بلورها وزير الاستخبارات والمواصلات الإسرائيلي الليكودي، يسرائيل كاتس، الذي اقترح أن يتم تدشين مطار وميناء عائمين قبالة غزة، بحيث يكون للغزيين الحق في التواصل مع العالم الخارجي مباشرة.
إلى جانب ذلك، فإن إرث العلاقة الإشكالي بين قطاع غزة ونظام السيسي يفاقم المخاطر من القبول بأية فكرة تقوم على ربط القطاع بمصر، إذ إن النظام بإمكانه أن يغلق الحدود في أي لحظة، من دون أن يكون للفلسطينيين عندها الحق بتحميل إسرائيل المسؤولية عن تبعات ذلك. من هنا، فإن حركة "حماس" التي تعي التبعات الخطيرة لارتباط القطاع بغزة، قد رفضت أخيراً، كما كشف المصدر، عرضاً أوروبياً يقضي بربط القطاع بمصر. وهكذا، فإنه في حال تواصل مشروع تدشين منطقة التجارة الحرة من دون تنسيق مع "حماس"، فإن هذا يدلل على أن هناك توجها لفرض المشروع بشكل أحادي الجانب.