رعب الجثث المجهولة يهيمن على بغداد

رعب الجثث المجهولة يهيمن على بغداد

11 يناير 2016
فشلت أجهزة الأمن في التعامل مع الظاهرة (فرانس برس)
+ الخط -
لم ينتهِ مسلسل الجثث المجهولة في العاصمة العراقية بغداد، والذي بدأ خلال فترة العنف الطائفي في العراق عامي 2006 و2007، على الرغم من تبدل الحكومات وتغيير الوزراء الأمنيين، وذلك بتأكيد جهات صحية وأمنية عراقية، تُفيد باستمرار هذا المسلسل وبوتيرة أعلى.

يؤكد أحد مسؤولي دائرة الطب العدلي بمدينة الطب في بغداد على وجود ارتفاع ملحوظ في عدد الجثث الجهولة التي تصل الى الدائرة يومياً، مشيراً في حديثٍ لـ "العربي الجديد" إلى أنه "يتمّ استقبال ما بين ست إلى عشر جثث مجهولة الهوية يومياً، من مناطق متفرقة من العاصمة".

ويوضح الطبيب أن "أغلب الجثث تتواجد في مناطق الصدر والسدة والزعفرانية والرستمية والكمالية في جانب الرصافة من بغداد، وأحياء الشعلة والعامل والبياع في جانب الكرخ من العاصمة العراقية". ويلفت إلى أن الضحايا تعرّضوا لعمليات إعدام من مسافة قريبة، بتلقيهم رصاصات عدة في مناطق الرأس والصدر والبطن"، مضيفاً أن "بعض الجثث تصل إلى دائرة الطب العدلي مشوّهة، بسبب تعرّضها للتعذيب وتقطيع الأوصال قبل تنفيذ عمليات القتل".

يُذكر أن دائرة الطب العدلي التابعة لوزارة الصحة العراقية، هي الجهة الوحيدة المخوّلة تسلّم الجثث المجهولة في بغداد، لتحفظها في ثلاجات مخصصة لهذا الغرض، قبل أن يتم دفنها في مقابر خاصة في بغداد والنجف وكربلاء، إذا لم يتم التعرف إليها واستلامها.

اقرأ أيضاً: الجعفري إلى طهران..للعب دور الوسيط في أزمة السعودية وإيران

في سياق متصل، يُشدّد المقدم في الشرطة الاتحادية، زياد العتابي، على أن "المناطق الشرقية من العاصمة العراقية، المتمثلة بجانب الرصافة، تحوّلت إلى معقل عصابات القتل والجريمة والفصائل المسلحة الخارجة على القانون". ويلفت، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، إلى أن "المدنيين تعرّضوا في تلك المناطق لعمليات قتل وخطف وابتزاز من عصابات مرتبطة بمليشيات متنفذة".

ويشير العتابي إلى أن "دوريات الشرطة الاتحادية والجيش العراقي على عشرات الجثث المجهولة المرمية على قارعة الطريق، خصوصاً في منطقتي الصدر والسد، شرقي بغداد، خلال الشهرين الماضيين". ويتساءل عن "الجهات التي تقف وراء هذه العصابات، وسبب التراخي عن كبح جماحها، على الرغم من تركيز نشاطها في مناطق معينة".

وسبق للجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، في وقت سابق، أن أقرّت بعودة ظاهرة الجثث المجهولة إلى شوارع العاصمة العراقية. ويقول، في هذا الصدد، رئيس اللجنة سعد المطلبي، إن "تصاعد حدة هذه الظاهرة يعود لأسباب عدة، أهمها تصفية الخصوم لأسباب سياسية، والقتل للحصول على الأموال، فضلاً عن الخلافات العشائرية التي تسبّبت بمقتل عشرات الأشخاص". ويشير إلى أن "مديرية مكافحة الجريمة المنظمة التابعة لعمليات بغداد، قامت بالتنسيق مع مختلف الأجهزة الأمنية للحدّ من تصاعد عمليات القتل".

كما يشير عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، علي جاسم، إلى أن "هناك معلومات استخبارية تؤكد تزايد حالات القتل والجثث مجهولة الهوية في بغداد". ويوضح في تصريح صحافي أن "أغلب الجثث تعود لفئة الشباب قُتلت من قبل جهات منظمة"، من دون الإشارة إلى تلك الجهات.

من جهته، ينتقد عضو "تحالف القوى العراقية"، خالد الحياني، صمت الجهات الحكومية عن عصابات القتل والجريمة المنتشرة في العاصمة العراقية. ويرى في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "هذه العصابات نشرت الرعب بين سكان بغداد، إلى درجة دفعت بعضهم للسفر إلى إقليم كردستان أو خارج البلاد".

ويلفت الحياني إلى أنه "تمّ استهداف عراقيين نازحين من محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل بعمليات الخطف والقتل"، مبدياً استغرابه من "اقتصار جرائم العصابات المنظمة في بغداد على طائفة معيّنة من دون الطوائف والمكوّنات الأخرى".

كما يُحذّر الخبير الأمني، فراس العكيلي، من "وجود فصائل مسلحة وعصابات جريمة منظمة مرتبطة بأجندات إقليمية تحاول نشر ثقافة القتل الجريمة في المجتمع العراقي". ويعتبر في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "مسلسل الجثث المجهولة أصبح صفة ملازمة للأحداث الأمنية في العراق، على الرغم من تبدّل الحكومات والوزراء الأمنيين". ويشير العكيلي إلى "ضرورة تحديد الجهات العابثة بأمن البلاد وإخضاعها لسلطة القانون"، داعياً الحكومة العراقية والسلطة القضائية إلى "الضرب بيد من حديد ضد عصابات القتل والجريمة في بغداد وبقية أنحاء البلاد".

اقرأ أيضاً: دعوات عراقيّة لنبذ الطائفيّة وترك الخلافات

المساهمون