وفاة مؤسس "جبهة الإنقاذ" الجزائرية عباسي مدني

وفاة مؤسس "جبهة الإنقاذ" الجزائرية عباسي مدني

24 ابريل 2019
لم يخلف مدني مذكرات حول مساره السياسي(تويتر)
+ الخط -

توفي اليوم الأربعاء، الرجل الأول في "الجبهة الإسلامية للانقاذ" الجزائرية المحظورة، الشيخ عباسي مدني، في منفاه الاختياري في العاصمة القطرية الدوحة، التي وصل إليها العام 2003، بعد خروجه من السجن وانتهاء إقامته الجبرية.

وبعد مسار سياسي متقلب، غادر الرجل السياسي المثير للجدل في الجزائر الدنيا، مغترباً بعيداً عن وطنه، بعدما كان يعد أحد نشطاء الحركة الوطنية ومن مجاهدي ثورة التحرير بالجزائر، كما كان ضمن المجموعة التي نفذت عمليات مسلحة ليلة اندلاع الثورة في الأول من نوفمبر 1954، قبل أن يتم اعتقاله، حيث قضى سبع سنوات في السجن حتى استقلال البلاد.

بعد الاستقلال، عمل الشيخ عباسي مدني في التعليم ودرس الفلسفة والتربية في بريطانيا، قبل أن ينتقل إلى العمل في الجامعة كأستاذ فلسفة، وعُرف بمواقفه المعارضة لنظام الرئيس الراحل هواري بومدين ولتوجهاته الاشتراكية، وبدأ في السبعينيات نشاطه الدعوي، بعد خروجه ومجموعة من القيادات الإسلامية من السجن في بداية عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، حيث شارك في أول تجمع للإسلاميين في مسجد الجامعة المركزية، واشترك بعد انتفاضة أكتوبر 1988 مع القيادات ذاتها في تشكيل رابطة الدعوة الإسلامية التي كان يقودها الشيخ أحمد سحنون.

في عام 1989، ومباشرة بعد إقرار التعددية السياسية في البلاد، أعلن عباسي مدني مع علي بلحاج وعدد من القيادات الإسلامية، عن إنشاء "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، وقادها الى انتصار ساحق في الانتخابات البلدية التي جرت في يونيو/حزيران 1990، لكنه أبدى مواقف متشددة إزاء السلطة وتمسك برحيل الرئيس الشاذلي بن جديد وإجراء انتخابات رئاسية مسبقة قبل الانتخابات النيابية.

وفي يونيو 1991، وعقب أحداث دامية ومواجهات مع قوات الأمن، نشر عباسي مدني منشوراً في الصحف عُدَّ تحريضاً لقوات الجيش على التمرد، ما أدى إلى اعتقاله ورفيقه علي بلحاج وحوكما أمام محكمة عسكرية قضت في يوليو 1992 بسجنهما لمدة 12 سنة، انقضت عام 2004، لكنه كان قد استفاد من حالة الإفراج المقيد عنه في منتصف عام 1997، في سياق إجراءات تهدئة، لكنه وُضع تحت الإقامة الجبرية بسبب تقدمه في السن، ومُنع من المغادرة والحركة والتنقل.

وفي يناير 1992، تدخل الجيش الجزائري لوقف المسار الانتخابي، وقرر في مارس/آذار 1992 حلّ "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، واعتقال كل قياداتها و30 ألفاً من مناضليها، وخلال فترة توقيف عباسي مدني في السجن، جرت محاولات بين السلطة التي كان يقودها الرئيس السابق ليامين زروال للحوار معه لتوقيف العنف وإعلان دعوة صريحة لنبذ الإرهاب، لكنها فشلت بسبب تمسك عباسي وبلحاج بموقفهما بالإفراج عنهما قبل أي حوار سياسي.

وأبقت السلطات الجزائرية حظر النشاط السياسي على مدني، الذي سيغادر الجزائر في أغسطس/آب 2003 بترخيص من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للعلاج في ماليزيا، ومنها إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث أقام هناك، وأطلق سلسلة مبادرات سياسية، وتمسك بحق حزبه، "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، في العودة إلى النشاط السياسي بشكل شرعي.

ولم يخلف عباسي مدني مذكرات حول مساره السياسي، وخاصة المحطات المثيرة للجدل المرتبطة بالصراع بين القوى الإسلامية بعد أكتوبر/تشرين الأول 1988، وظروف تأسيس وإنشاء "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، وكذا فترة التسعينيات قبل اندلاع الأزمة الأمنية، والإرهاب وفترة السجن، والحوار مع السلطة حينها.