الحكيم يحشد أنصاره جنوبي العراق: اختبار شعبية غير مضمون

الحكيم يحشد أنصاره جنوب العراق: اختبار شعبية غير مضمون

17 يوليو 2019
يعتقد البعض أن الحكيم لن يحشد الكثير(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

يحشد رجل الدين العراقي وزعيم "تيار الحكمة" المنشقّ حديثاً عن المجلس الإسلامي الأعلى، عمار الحكيم، لتظاهرات "مليونية"، في البصرة ومدن عراقية أخرى جنوبي البلاد، يوم الجمعة المقبل، وذلك في أول نشاط له منذ تبنّيه خيار المعارضة البرلمانية مطلع الشهر الحالي. التظاهرة التي يحشد لها "تيار الحكمة" تحاكي دعوات شريكه السابق في "تحالف الإصلاح" مقتدى الصدر، الذي عرفت السنوات الماضية عنه إفراطه في استخدام خيار الشارع والتظاهر ضد الحكومة كورقة سياسية لترهيب خصومه، وكذلك استعراض شعبيته وقوته في الشارع الجنوبي. وهو ما يبدو غير مضمون بالنسبة للحكيم هذه المرة، بسبب اعتراضات كبيرة لاقتها دعوته للتظاهر، كان أولها من المتظاهرين المدنيين أنفسهم الذين اعتبروها محاولة تسلق التظاهرات وجعلها سياسية وليست دعوات التظاهرات التي أطلق عليها "مليونية"، جاءت عبر بيانات ودعوات لقادة "تيار الحكمة" في البصرة وبغداد، ومدن أخرى جنوبي البلاد، حددت يوم الجمعة المقبل موعداً لانطلاق التظاهرات التي لن تكون مختلفة لجهة ما تتضمنه من طلبات سابقة لمتظاهري الجنوب المدنيين والشيوعيين، وتتركز على محاربة الفساد، والفقر، والبطالة، وتوفير الخدمات، وأبرزها الماء والكهرباء، ورعاية القطاع الصحي العام، في تلك المناطق. وستكون البصرة مركزاً لها، وسط اعتراضات حادّة من كتل وقوى سياسية ومسؤولين في تلك المحافظات اعتبروها اخلالاً بالأمن، واستغلالاً للشارع ومطالبه.

وأعلن "تيار الحكمة" دخوله خانة المعارضة رسمياً مطلع الشهر الحالي، بعد أيام من خروجه من تحالف "الإصلاح" الذي يضم تحالفي "سائرون" و"النصر" بزعامة مقتدى الصدر، وحيدر العبادي. ويعتبر التيار الأحدث بين القوى الشيعية منذ انفصاله قبيل الانتخابات التشريعية العام الماضي، عن المجلس الإسلامي الأعلى الذي أُسس في إيران عام 1982، ولم يحصل على نتائج مرضية له في الانتخابات الأخيرة (مايو/ أيار 2018)، إذ حلّ سادساً حاصلاً على 18 مقعداً برلمانياً من أصل 329 مقعداً في البرلمان. وهو ما أقصاه من التنافس على المناصب الرئيسة في الحكومة الجديدة.

ووفقاً لمصادر في الحكومة في بغداد، فإن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي خوّل وزير الداخلية الجديد ياسين الياسري التعامل مع ملف التظاهرات الجمعة المقبل، "بما لا يسبّب مشاكل أمنية ولا سياسية"، بحسب موظف في مكتب عبد المهدي، أشار في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "التوقعات هي فشل الحكيم وتياره في حشد العدد الكافي لتظاهرات مليونية، لكن سيتم تأمين مناطق كافية لأنصاره بما لا يخلّ بالأمن". ولفت إلى أن "عملية نقل متظاهرين من منطقة إلى أخرى من قبل التيار يجب أن تستدعي تنسيقاً أمنياً، خوفاً من اختراق إرهابيين لمدن آمنة بحجة المتظاهرين والوضع الأمني لا يسمح بذلك"، وذلك في إشارة إلى وجود رفض لعملية نقل متظاهرين بالحافلات إلى البصرة، كما يجري الحديث من قبل ناشطين وسياسيين في البصرة منذ يومين.



القيادي في "تيار الحكمة" محمود الملا طلال قال لـ"العربي الجديد"، عن تظاهرات الجمعة المقبل، إنها ستكون في 14 مدينة جنوب العراق بينها البصرة، موضحاً أن "التظاهرات سلمية وستكون برفع لافتات وترداد شعارات تطالب الحكومة القيام بواجباتها وتوفير الخدمات"، معتبراً أن "الحكمة جزء من الشعب ولديه مطالب وإذاً تظاهراته عفوية وسلمية، وسيكون إلى جانب جمهور الحكمة مواطنون وفعاليات مدنية أخرى تشاركها نفس المطالب"، كاشفاً عن أن التظاهرات قد لا تكون يتيمة وستكون مستمرة.

إلا أن محافظ البصرة أسعد العيداني، قال في تصريح صحافي إنه "لن يسمح للحكمة بالتظاهر في المحافظة، إذا لم تكن بموافقة رسمية مسبقة"، مبيناً أنه "لا مانع لديه عند تقديم الطلب، حتى وإن كانت التظاهرة للمطالبة بإقالة المحافظ، فهذا مشروع بالأطر القانونية".

شعبياً، رأى عضو تنسيقية تظاهرات مركز محافظة البصرة، محي آل غضبان، أن "على أهالي البصرة عدم قبول دخول تيار الحكمة على خط التظاهرات الشعبية ومحاولة سرقة جهود المدنيين الذين يطالبون بتحسين الواقع المعيشي، واستغلال دماء الشباب الذين سقطوا في احتجاجات العام الماضي، لأن الأهالي جميعهم يعرفون أن أعضاء بتيار الحكمة متورطون بالفساد خلال توليهم مناصب مهمة في البصرة". وأكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المتظاهرين الذين لا ينتمون إلى أي حزب، لن يوجدوا في الساحات التي سيكون فيها تيار الحكمة، لأننا نرفض وجودهم معنا، وهم حزب سياسي يبحث عن مصالحه كبقية أحزاب السلطة في العراق".

بدوره، أكد عضو المجلس المحلي في البصرة نشأت المنصوري، أن "التظاهرات انحرفت والدعوات السياسية لها تخلُّ بأمن المحافظة"، مبيناً في حديثٍ صحافي، أن "الدعوات للتظاهر من قبل جهات سياسية مرفوضة، وأن المحافظة بالضد من أي تجمعات حزبية، والادعاء بأنها عفوية".

عضو البرلمان عن "الحكمة" محمد اللكاش، كشف عن جزء مما وراء الدعوات للتظاهر خلال حديثه عن محافظ البصرة أسعد العيداني، الذي وصفه بأنه "يشغل منصبين الأول كمحافظ للبصرة، والثاني عضو برلمان"، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إقالته باتت مطلباً شعبياً".

أما الخبير السياسي أحمد الموسوي، فتحدث من كربلاء لـ"العربي الجديد"، عما وصفه "استعراض قوة وليس تظاهراً". وتوقع ألا "تحشد تظاهرات الجمعة أكثر من 50 ألفاً في أفضل الحالات لصالح عمار الحكيم والحديث عن مليونية غير واقعي. وأعتقد أن الحكيم وضع نفسه بموقف حرج بتبني هذه الدعوة". وحول أسبابها قال: "الحكيم يريد تحقيق عدة أهداف منها، بينها ضرب محافظ البصرة أسعد العيداني وجعله وسط مطالب تحسين الخدمات وهو إقالته، وكذلك تبني خيار المعارضة في الشارع لا عبر البيانات فقط"، معتبراً أن "كتلاً أخرى حاولت تقليد الصدريين في الحشد لتظاهرات مليونية لكنها فشلت، وهو ما يرجح أن يكون مصير عمار الحكيم في الجنوب".


المساهمون