مصر: معركة في مشروع تعيين رؤساء الهيئات القضائية

مصر: معركة في مشروع تعيين رؤساء الهيئات القضائية

22 ابريل 2017
يريد السيسي تمرير مشاريعه قضائياً (مصطفى الشامي/الأناضول)
+ الخط -
يعود مجلس النواب المصري للانعقاد، اليوم السبت، في ظلّ صراع خفي حول مستقبل مشروع القانون الذي يتيح للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية، بين الدائرة الاستخباراتية - الرقابية الخاصة بالسيسي، المتحمسة لتمرير هذا المشروع، أياً كان ثمن معارضة الهيئات القضائية له، وبين دوائر أخرى مناوئة لها خصوصاً في جهاز الاستخبارات العامة ترغب في عرقلة المشروع.

في هذا السياق، كشفت مصادر قضائية وسياسية متطابقة في معلوماتها لـ"العربي الجديد" عن أن "تحركات يقودها بعض النواب المقربين من جهات وأجهزة نافذة في الدولة، على رأسهم النائب مصطفى بكري، تمارس على نطاق واسع بعيداً عن عيون الإعلام، لإقناع نواب الأكثرية النيابية (دعم مصر) بعدم التصويت لصالح هذا المشروع، وتأييد رأي قسم التشريع بمجلس الدولة الذي رفض المشروع وأكد وجود شبهات عدم دستورية فيه".
وأضافت المصادر أن "الخلاف الأساسي بين دائرة السيسي والدوائر الأخرى الداعمة للنواب المعارضين للمشروع، يدور حول بعض الشخصيات المرشحة لرئاسة الهيئات القضائية، وعلى رأسها المستشار يحيى دكروري، صاحب حكم بطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، إذ ترغب بعض هذه الدوائر الأخرى في تصعيد دكروري ليكون رئيساً لمجلس الدولة وفق أقدميته المستحقة وهو ما يدفعها للوقوف ضد المشروع".

وكشفت أنه "من جهتها تروّج دائرة السيسي بين نواب البرلمان بأن دكروري ليس هو المستهدف أصلاً من المشروع وأن حكم تيران وصنافير لن يؤثر على فرص توليه رئاسة مجلس الدولة، لا سيما أنه معروف بتأييده المبدئي للنظام الحالي لدرجة تعيينه عضواً بمجلس إدارة البنك المركزي. وتروّج الدائرة ذاتها أيضاً لأنه في حال صدور هذا القانون فإن السيسي سوف يستبعد شخصاً واحداً فقط من تولي رئاسة هيئته القضائية، هو المستشار أنس عمارة الذي تؤهله أقدميته لرئاسة محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى".

وبحسب المصادر فإن "رئيس اللجنة التشريعية والدستورية"، بهاء أبو شقة، وهو والد المحامي محمد أبو شقة المقرب من السيسي، أكد لبعض المقربين منه أن عمارة لن يتولى منصب رئيس محكمة النقض أبداً. وذلك ارتباطاً بشائعات تتهم عمارة بالانتماء لجماعة الإخوان، لمجرد صداقته وعلاقته الوطيدة بالمستشار حسام الغرياني الرئيس الأسبق لمحكمة النقض ورئيس الجمعية التأسيسية لدستور 2012 الذي صدر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي".



وأوضحت المصادر أن "دائرة السيسي ترغب في تصعيد وزير الشؤون النيابية السابق والنائب الحالي لرئيس محكمة النقض المستشار إبراهيم الهنيدي، ليتولى منصب رئيس محكمة النقض بدءاً من مطلع يوليو/تموز المقبل، متخطياً بذلك العضو الأقدم منه وهو عمارة، وهو ما لا يمانع فيه باقي أعضاء محكمة النقض المنتظر تصعيدهم لمجلس القضاء الأعلى، وهو ما قد يفسر الموقف المتخاذل من مجلس القضاء الأعلى في معارضة مشروع القانون، على عكس الموقف المعارض الصارم من مجلس الدولة".

وأشارت المصادر إلى أن "السيسي سيحسم بنفسه مصير هذا المشروع الأسبوع المقبل، سواء بالاستمرار في إجراءات إصداره، أو تعطيله ليكسب مزيداً من الشعبية في أوساط القضاء، وذلك لأن المشروع ينص على أن تخطر الهيئات القضائية رئيس الجمهورية بمرشحيها الثلاثة المبدئيين لمناصب رئاسة الهيئات قبل 60 يوماً على الأقل من خلو المناصب، أي في موعد أقصاه 30 إبريل/نيسان الحالي. أي أن مجلس النواب أمامه أقل من 10 أيام عمل لحسم المشروع، وإلّا فسيكون هذا النص عديم القيمة".

وفي السياق ذاته، تعرض الوسط القضائي لضربة من الداخل بتراجع ضمني من هيئة النيابة الإدارية عن معارضتها السابقة للمشروع، إذ تضمن مشروع القانون الذي أعدته النيابة لنفسها وأرسلته لمجلس النواب تمهيداً لاعتماده، نفس النصوص التي تضمنها المشروع المطروح من دائرة السيسي، فيما يخص اختيار رئيس الجمهورية لرئيس الهيئة من بين 3 مرشحين يختارهم المجلس الأعلى للهيئة، وهو ما يعتبر ارتداداً عن موقف الهيئة السابق برفض المشروع.

وأعربت مصادر قضائية بمحكمة النقض ومجلس الدولة عن تخوفها من استغلال مجلس النواب لتراجع النيابة الإدارية في تصوير الأمر وكأن الوسط القضائي منقسم بالفعل، بين هيئتين لا ترحبان بالمشروع هما القضاء العادي ومجلس الدولة، وهيئتين ترحبان بالمشروع هما النيابة الإدارية وقضايا الدولة، علماً بأن الهيئتين الأخيرتين لم تكونا تعتبران من الهيئات القضائية إلّا بعد وضع دستور 2012، وهما لا تمارسان العمل القضائي بمعناه المفهوم.

يذكر أن نادي القضاة سبق وطلب مقابلة السيسي لعرض اعتراضاته على المشروع، إلّا أن رئاسة الجمهورية لم تحدد موعداً لهذا اللقاء حتى الآن، كما أن مجلس الدولة هو الهيئة الوحيدة التي اعترضت رسمياً 3 مرات على المشروع، بينما لم تصدر المحكمة الدستورية العليا أي موقف إزاء المشروع نظراً لعدم مساسه بها.