العراق: الخلافات تطيح جلسة منح الثقة لحكومة علاوي

العراق: الخلافات تطيح جلسة منح الثقة لحكومة علاوي

28 فبراير 2020
من المقرّر عقد جلسة غداً السبت(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

أخفق رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي، في تمرير حكومته في البرلمان أمس الخميس، بعد أن امتدت الخلافات داخله إلى هيئة الرئاسة إثر مشادة كلامية غير مسبوقة بين رئيسه محمد الحلبوسي ونائبه الذي ينتمي للتيار الصدري، حسن الكعبي، على خلفية تأجيل جلسة منح الثقة لرئيس الوزراء المكلف. ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة داخل البرلمان، أحدهم بالدائرة القانونية فيه ومقرّب من رئيسه، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن تأجيل الجلسة جاء بسبب استمرار الخلافات، بعد فشل اجتماع لعلاوي مع ممثلي القوى السياسية الكردية والعربية السنية عقد في البرلمان وفي مقر إقامته بالمنطقة الخضراء صباح أمس الخميس. وأكدت أن القوى الكردية أصرّت على موضوع تمثيل وزراء أكراد بترشيح من قبلها لا من علاوي، إضافة إلى موضوع تحديد الانتخابات المبكرة، وتفعيل الاتفاقيات المبرمة مع حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة. ولفت إلى أن تشكيلة حكومة علاوي ضمّت خمسة وزراء محسوبين على أحزاب وكتل سياسية، منهم المرشح لوزارة الخارجية جابر حبيب جابر، الذي تبيّن أنه سبق أن ترشح إلى انتخابات عام 2010 عن كتلة حزب الدعوة الإسلامية، بالإضافة إلى المرشح لوزارة الدفاع قصي عبد المحسن، وهو من المقرّبين لزعيم الحشد الشعبي، فالح الفياض ونجله عبد الرحمن الفياض، بينما المرشح لوزارة الزراعة شاكر عبد الأمير، محسوب على حركة "صادقون"، الجناح السياسي لمليشيا العصائب، بزعامة قيس الخزعلي، في وقت سجلت على مرشحين آخرين لوزارات ملاحظات مثل وزير حسين الجلبي البالغ من العمر 74 عاماً، وآخرين لديهم ملفات بهيئة النزاهة.

وبحسب المصادر ذاتها فإن قوى عربية شيعية، تراجعت عن دعم الحكومة أبرزها "دولة القانون"، بقيادة نوري المالكي، بسبب توجهات بعض الأسماء المرشحة لشغل الوزارات واعتبرتها نكثا بوعد علاوي بحكومة لا تتبع لأي جهة سياسية كانت. وقال قيادي في تحالف "النصر"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، لـ"العربي الجديد"، إن ما جرى نهار الأحد الماضي، هو أول تغيير يطرأ على العملية السياسية بالعراق بعد مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، إذ إن نوابا عن كتل "السند الوطني" وعطاء ونوابا آخرين من تحالف "الفتح"، رفضوا دخول قاعة البرلمان رغم الضغط الإيراني من عدة أطراف لتمرير الحكومة وإنهاء أزمة العراق السياسية.

وأضاف أن "الفوضى داخل البرلمان بدت واضحة ليس على مستوى الكتل بل داخل الكتلة الواحدة نفسها، وهذا أمر إيجابي، إذ إن المفاوضات والحراك بين النواب أدخل البرلمان في حالة جديدة لم تكن موجودة سابقاً". وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء المكلف أعاد تغيير تشكيلته الوزارية، ورفع منها أسماء وزير الدفاع وغيّر اسم المرشح لوزارة العمل وألغى وزارة شؤون إقليم كردستان، كما ترك وزارات الداخلية والمالية والعدل إلى جانب الدفاع شاغرة، في محاولة منه لكسب قبول بعض القوى السياسية في البرلمان، مؤكدة أن برنامج علاوي الحكومي خلا من بند إخراج القوات الأجنبية من العراق وكذلك المضي بتنفيذ اتفاقية الصين، على خلاف ما تعهد به في وقت سابق لكنه وعد بإضافتها، على غرار التعديل الذي أجراه على تشكيلة حكومته.



النائب عن تحالف "سائرون"، رعد المكصوصي، قال لـ"العربي الجديد"، إن "جهات سياسية تعمّدت إفشال جلسة البرلمان، بسبب عدم موافقة علاوي على طلباتها المتعلقة بالحصص وتقسيم المغانم". وكشف عن "كتل سياسية تغير مواقفها بشكل مفاجئ، على باب قاعة البرلمان، رغم مواقفها السابقة التي أيدت التصويت لصالح حكومة علاوي"، معتبراً أن تأجيل الجلسة كان قراراً سياسياً. وأضاف أنه "خلال الساعات المقبلة ستُعقد حوارات ومفاوضات مكثفة من أجل حسم الموقف النهائي للقوى السياسية للتصويت على الحكومة الجديدة، خلال جلسة نأمل أن تعقد غداً السبت".

بدوره، ذكر النائب عن "تحالف القوى العراقية"، عبد الله الخربيط، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تأجيل الجلسة رافقه رفض برلماني كبير لمنح الثقة لحكومة علاوي، وهذا الرفض من قوى سياسية شيعية أيضاً لا السنية والكردية فقط". واعتبر أن "الحل الأفضل لهذه الأزمة هو إيجاد بديل بأسرع وقت ممكن لعلاوي، وضرورة ترشيح شخصية غير جدلية، ومقبولة من قبل المتظاهرين". وأضاف أن "موقف تحالف القوى العراقية ثابت وقطعي برفض التصويت لحكومة علاوي، بل يدعو إلى إيجاد بديل لعلاوي بأسرع وقت من قبل القوى السياسية الشيعية".

من جهته، اعتبر المحلل السياسي محمد التميمي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن جلسة البرلمان المتعثرة ناتجة عن محاولة رئيس الوزراء كسر القاعدة النمطية التي سارت عليها مختلف الحكومات بعد عام 2003. ورأى أن حكومة علاوي المسرّبة ليست شبابية ولم تضمّ سوى سيدة واحدة، فيما أغلب الوزراء مقيمون خارج العراق منذ سنوات، وهذه ملاحظات تحسب على علاوي لا له وتشجع الكتل على اتخاذها ذريعة رفض جديدة لمنحه الثقة. ورأى أن علاوي "لا يمكنه الحصول على ثقة البرلمان، إلا بعد اتفاقه مع القوى السياسية".

وشدّد التميمي على أن "جلسة يوم السبت، إن عقدت ستكون مختلفة عن جلسة أمس الخميس، فالجلسة المقبلة لن تشهد حضور علاوي، وحضوره سيكون مشروطا بحصول نصاب قانوني لعقد الجلسة، كون الرئيس المكلّف ظلّ منتظراً ساعات عدة في غرفة بمبنى البرلمان على أمل عقد الجلسة واستدعائه لكن ذلك لم يتم. وتوقع عدم نيل حكومة علاوي ثقة البرلمان، حتى في جلسة الغد، بسبب اتساع الرفض السياسي لرئيس الوزراء المكلف، خصوصاً أن الأروقة السياسية تشهد حوارات لاختيار بديل عنه بأسرع وقت ممكن".