استراتيجية "داعش" في مصر: خلط اﻷوراق ﻹرباك اﻷمن

استراتيجية "داعش" في مصر: خلط اﻷوراق ﻹرباك اﻷمن

23 ديسمبر 2016
الكنيسة البطرسية بعد تفجيرها (ديفيد ديغنر/Getty)
+ الخط -

حاول "تنظيم الدولة اﻹسلامية" (داعش)، خلط الأوراق في مصر، في محاولة لإرباك اﻷجهزة اﻷمنية، وصعوبة تعقّب عناصره، تحديداً تلك التي تعمل في إطار محافظتي القاهرة والجيزة. وقد أعلن في هذا الصدد، وجود مجموعة عاملة في محيط القاهرة والجيزة، من دون ذكر اسم فرعه في سيناء، بما يعني وجود نوع من الاستقلالية في العمل، من دون التقيد بالعمليات في سيناء. وسبق لـ"داعش"، أن تبنّى في يوليو/تموز 2015، أولى عملياته في القاهرة، حين استهدف مبنى القنصلية الإيطالية في منطقة وسط البلد. وقد تبنّى سلسلة عمليات منذ ذلك التاريخ وحتى 11 ديسمبر/كانون اﻷول الحالي، مع تفجير الكنيسة البطرسية في العباسية، وبلغ عدد العمليات 11 عملية مسلحة.

في هذا السياق، رأى مراقبون أن "داعش يحاول من خلال ادعاء تبني العمليات خلال الفترة الماضية، التأكيد على وجود شبه استقلال بين فرعه بسيناء والمجموعات التي تعمل خارجها، لانشغال اﻷول بمواجهات شديدة مع قوات الجيش والشرطة". وأردفوا "لكن هذا الاستقلال الظاهري، تخلّى عنه أخيراً، تحديداً عقب انفجار الكنيسة البطرسية بالعباسية، الذي سقط فيه 25 قتيلاً كما جُرح 49 آخرون، بعد نشر تنظيم ولاية سيناء، الذي أعلن منذ أكثر من عام ونصف العام، مبايعته داعش، صورة ادّعى أنها لمنفذ الانفجار".

الصورة التي التقطت لمنفذ الانفجار وهو "ملثم" واسمه الحركي "أبو عبد الله المصري"، حملت اسم "ولاية سيناء" للمرة الأولى في بيانات التبنّي وصور التفجيرات وعمليات "داعش" في القاهرة والجيزة، وهي تعكس نوعاً من خلط اﻷوراق، بحسب باحث في الحركات اﻹسلامية، رفض الكشف عن اسمه.

وقال الباحث في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "ولاية سيناء، قبل مبايعة داعش، عمد إلى تشكيل خلايا له في الوادي والدلتا، لتنفيذ عمليات، وبالفعل كانت سلسلة تفجيرات موجعة". وأضاف أن "قوات الجيش بدأت في إحداث نقلة على التنظيم حينما كان اسمه أنصار بيت المقدس، بعد استهداف قوات الجيش والشرطة، وبالتالي بات عليه التركيز أكثر في هذه البقعة، خاصة وأنها مركز ثقله اﻷساسي".

ونوّه المصدر نفسه إلى "ظهور مجموعة جديدة تعمل في العاصمة، لم تكن بعيدة عن ولاية سيناء، وهي نفسها الخلايا التي تكوّنت في فترات سابقة، ولكن ربما تمت إعادة تشكيلها وترتيب صفوفها مرة أخرى". وأشار إلى أن "إعادة ترتيب تلك الخلايا (في الوادي والدلتا)، يأتي بعد التشديدات اﻷمنية في محيط أقسام الشرطة ومديريات اﻷمن، خوفاً من استهدافها، فكانت هناك حاجة للتنظيم لتعديل استراتيجيته في اختيار اﻷهداف".



وحول وجود فصل تام بين "ولاية سيناء" ومجموعة "داعش" في القاهرة، رجّح أن "العلاقة بينهما لا انفصال واستقلال تام، ولا تبعية تامة. فهي مزيج بين الاثنين، بحكم الخبرات والقدرات تمدّ الخلايا العاملة في الوادي والدلتا بالدعم المادي واللوجستي وتدريب المقاتلين واﻹمداد بالسلاح والمتفجرات".

وطالب الخبير اﻷمني، محمود قطري، بضرورة تشديد اﻹجراءات اﻷمنية على كل من يدخل ويخرج من سيناء، منعا لتسلل شباب ينضمون للمسلحين أو عودة بعضهم بعد تلقِّي تدريبات لتنفيذ عمليات إرهابية. ورأى في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الصورة التي ظهرت لمنفذ الانفجار، يبدو أنها كانت في سيناء، ما يعني أنه تلقَّى تدريبات هناك ثم عاد مرة أخرى إلى القاهرة، بانتظار تنفيذ الانفجار اﻷخير". وأضاف أن "نشر معلومات من جهات تابعة للتنظيم الإرهابي، غرضها التلاعب وتضليل أجهزة اﻷمن، ولا أحد يعرف من انتقل من سيناء إلى محافظات أخرى والعكس".

وذهب خبير أمني، إلى حدّ القول إن "الصورة التي انتشرت لمنفذ الانفجار وهو ملثم وفي يده سلاح آلي، تكشف عن وجود خلل في إحكام السيطرة على سيناء". ولفت في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "اﻷزمة تكمن في وجود ممرات وطرق جبلية وصحراوية، يستغلها التنظيم في الخروج والدخول إلى سيناء، بعيداً عن أعين اﻷجهزة المعنية بمكافحة اﻹرهاب". وشدّد على "ضرورة زيادة النشاط الاستخباراتي وجمع المعلومات بالتعاون مع أهالي سيناء، لرصد تحركات وخبايا التنظيم المسلح، ﻹحكام السيطرة على منافذ الأموال والسلاح إليه، وتسلل عناصره من وإلى سيناء". واعتبر أن "محور تحركات كل خلايا داعش في القاهرة والجيزة، هو فرع التنظيم في سيناء. لذلك يجب القضاء عليه تماماً في أقرب وقت، وإلا فإن موجة تفجيرات متوقعة بعد انفجار الكنيسة".