الحجز الاحتياطي على أسهم مخلوف بالبنوك

وسط تصاعد الخلاف بين الأسد ومخلوف... الحجز الاحتياطي على أسهم الأخير بالبنوك

21 مايو 2020
تفاقم الخلاف بين مخلوف وأسماء الأسد (فرانس برس)
+ الخط -
تأتي خطوة الحجز على أسهم رامي مخلوف (رجل الأعمال السوري وابن خال بشار الأسد) المودعة في 12 مصرفاً بـسورية، كأبرز خطوات الضغط المستمرة عليه منذ فترة، والتي أرغمته للجوء إلى مواقع التواصل وكشْف خلافات الدائرة الضيقة في النظام إلى العلن. 

واستمر تصاعد الخلاف بين الطرفين حتى وصل إلى الحجز على أموال مخلوف وأموال زوجته وأولاده، من ثم الحجز على أسهمه المالية المقدرة بحوالي 15 مليون سهم.

وأعلن "سوق دمشق للأوراق المالية" في بلاغه لـ "الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد" أن مركز المقاصّة والحفظ المركزي قام بالحجز على كامل أسهم مخلوف المودعة لدى: بنك العودة، والبنك العربي، وبنك بيبلوس، وبنك الأردن– سورية، وبنك سورية والمهجر، وبنك فرنسبك سورية، والمصرف الدولي للتجارة والتمويل، وبنك قطر الوطني–سورية، وبنك سورية والخليج، وبنك الشرق، وبنك سورية الدولي الإسلامي، وبنك الشام".

وجاء قرار الحجز على الأسهم بموجب قرار وزارة المالية بالحجز الاحتياطي على أموال رامي مخلوف والذي حمل رقم 1236/ والصادر يوم الثلاثاء الماضي، والذي يهدف لإرغام مخلوف على دفع مبلغ 130 مليار ليرة سورية عن شركته (سيريتل) للشبكة الخلوية، لصالح "الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد"، كـ "فروقات لبدل الترخيص الابتدائي"، بحسب الهيئة، التي حددت مدة نهائية في الخامس من الشهر الحالي، والتي تم تجاوزها من قبل مخلوف وشركته.

واستخدم مخلوف وسائل التواصل الاجتماعي للخروج بمقاطع مصورة، عرض فيها "مظلمته" مع التلميح إلى وجود أطراف تحاول إزاحته عن المشهد، ممن وصفهم بـ "أثرياء الحرب". وتشير المعلومات إلى تفاقم الخلاف بين مخلوف وأسماء الأسد زوجة بشار الأسد منذ منتصف الصيف الماضي، حيث سحبت الأخيرة الامتيازات الممنوحة لعائلة مخلوف على المستوى الاقتصادي في سورية، لصالح أفراد من عائلتها.

تقليم الأظافر الاقتصادية لمخلوف 

وحول قرار الحجز على أسهم مخلوف في البنوك، يرى الصحافي الاقتصادي مرشد النايف، أن "الخطوة تعني إبعاد رامي مخلوف عن الاقتصاد السوري، وكان أكبر الفاعلين فيه، وهي تقليم الأظافر المالية والاقتصادية لرامي مخلوف داخل سورية".

وأوضح النايف: "بالتأكيد ستكون لذلك انعكاسات سلبية على حاضر ومستقبل الاقتصاد السوري، لأن ملكيته ستنتقل إلى فاعلين جدد يتقدمهم فراس فواز الأخرس شقيق أسماء زوجة بشار، الذي سيبدأ ببناء وتكديس الثروة من جديد، وخنق السوق المتهتكة أصلاً".

وأضاف النايف في حديث مع "العربي الجديد": "ما يحصل حالياً من تجاذبات تصل إلى حد الضرب تحت الحزام، بين كل من القطبين (الأسد – مخلوف)، يعيق الحديث عن أمل بإحداث انتعاشة تخفف تكاليف المعيشة على الناس، وسيدفع الاقتصاد السوري نحو مزيد من التهتك والتقلص، ويحد من تدفق الاستثمارات والرساميل الأجنبية إلى داخل مناطق سيطرة الأسد". وأشار إلى أن تلك التجاذبات ستزيل أي أمل بتعافي الاقتصاد السوري وستدفعه إلى الهاوية. 

وبعد قرار الحجز الاحتياطي على أمواله يوم الثلاثاء الماضي، قال رامي مخلوف، في بيان، نشره على صفحته: "بعد الرد الأخير من قبلنا على الهيئة الناظمة للاتصالات، وإظهار عدم قانونية إجراءاتهم إضافة إلى توضيح عدم المصداقية يردون بإجراءات أخرى غير قانونية أيضاً، ويلقون الحجز على أموالي وأموال زوجتي وأولادي، مع العلم أن الموضوع هو مع الشركة وليس معي شخصياً، إضافة إلى المحاولة لإقصائي من إدارة الشركة بالطلب إلى المحكمة تعيين حارس قضائي يدير الشركة- كل ذلك بذريعة عدم موافقتنا على تسديد المبلغ؛ وكما تعلمون كل ذلك غير صحيح".

وأشار مخلوف خلال بيانه، إلى أن كل ذلك يتم بهدف السيطرة على شركته (سيريتل) للاتصالات بالقول: "الشباب بدن الشركة ومو شايفين غير السيطرة عليها وتاركين كلشي".

وتطرق مخلوف إلى قرار منعه من التعامل مع الدولة الصادر عن رئاسة الحكومة، حين قال: "إضافة إلى رد آخر من رئيس الحكومة على كتابنا المرسل له، والذي طلبنا بمضمونه عدم عرقلة أعمال مؤسسة (نور للتمويل الصغير) والتي تساعد شريحة كبيرة من السوريين المحتاجين لمثل هذه القروض، وكنّا بصدد تخفيض الفوائد إلى النصف كدعم إضافي، فالمصرف المركزي يمنع المؤسسة من الاستمرارية بالعمل، فتساءلنا في كتابنا هل الحكومة في خدمة الشعب أم الشعب في خدمة الحكومة؟ فكان جوابهم بكتاب رسمي منع رامي مخلوف من التعامل مع الدولة لمدة خمس سنوات".

 

ولا يبدو مخلوف مستعداً لتقديم تنازلات كبيرة ضمن هذه المعركة الاقتصادية ذات البعد النفوذي على مكامن الاقتصاد السوري، إذا لمّح في ظهوره الأخير إلى بقائه في مكانه وعدم قدرة الأطراف التي تنازعه على إزاحته بسهولة. 

إلا أنه يبدو مستعداً بشكل أكبر للمواجهة، والتي يحضّر لها من خلال تهيئته لمحيطه في الطائفة العلوية، من خلال التصوير أن البدلاء الاقتصاديين له يسعون للانتقاص من نفوذ الطائفة العلوية في سلطة آل الأسد (على اعتبار أنهم من أقرباء أسماء الأخرس التي تتحدر من الطائفة السنية)، هذا على صعيد التحريض وخلق مزاج عام داخل الطائفة، أما من الناحية الإدارية فقد عيّن مخلوف ابنه علي المقيم في الإمارات العربية المتحدة، رئيساً لمجلس إدارة شركة (سيريتل)، بعد إزاحة شقيقه إيهاب من رئاسة مجلس إدارة الشركة، في محاولة لعدم ضغط الأجهزة الأمنية على إيهاب لتوقيع أي قرار من شأنه أن يطيح حيازة رامي مخلوف للشركة
.

ودخل يوم أمس على خط الخلاف القائم، رئيس الوزراء السوري الأسبق والمنشق رياض حجاب، الذي تطرق لصراع الأسد – مخلوف من خلال عدد من التغريدات، حيث أشار إلى أنه "بالإضافة إلى الخلاف القائم بين أسماء الأخرس ورامي مخلوف؛ هنالك صراع آخر في الكواليس بين أسماء وبين ماهر الأسد وزوجته منال جدعان، كما يدور في الخفاء صراع بين رجال الأعمال المحسوبين على آل الأسد، وآل مخلوف، وآل شاليش، ما يفسر إجراءات الاعتقال والحجز ومنع السفر".

ولفت حجاب إلى أن "رامي هو مجرد واجهة لمجموعة من المتأثرين بالإجراءات الأخيرة، أبرزهم خال بشار الأسد محمد مخلوف وابنه الآخر حافظ، وقائد الحرس الجمهوري الأسبق اللواء عدنان مخلوف، وعدد من رجالات القصر الذين استحوذوا على الأجهزة الأمنية والعسكرية وعلى مفاصل الاقتصاد السوري لفترة طويلة".

وأضاف حجاب أن "الخلاف القائم يعكس تفكك الدائرة الضيقة المحيطة ببشار الأسد؛ فقد عبر لي مقربون من القصر عن امتعاضهم من سطوة آل مخلوف على بشار الأسد ودعمه لهم، لوضع أيديهم على مفاصل الاقتصاد السوري برمته، وإخراجهم الجزء الأكبر من ثروتهم إلى الخارج لحمايتها".

وإلى الآن، تتواصل التكهنات في شأن الطرف الذي يقف وراء مخلوف في دعمه ضد خصومه داخل النظام، وسط توزيع التوقعات بين روسيا وإيران، مع ميل للأولى أكثر من الثانية.

وتحتضن روسيا التي يقيم بها والد رامي، محمد مخلوف، وشقيقه حافظ، الكثير من استثمارات العائلة، وهي مصدر الضغوط الإعلامية الأخيرة على بشار الأسد التي شارك فيها مخلوف من خلال التوقع بأنه يقف وراء تسريب إحدى المعلومات لصحيفة روسية عن شراء بشار الأسد لوحة فنية لزوجته بحوالي 30 مليون دولار، في حين تمر البلاد بأزمة اقتصادية غير مسبوقة أفقرت أكثر من 70 في المائة من السوريين.

مخلوف يستخدم خطاباً دينياً 
وفي الوقت ذاته، يستخدم رامي مخلوف خطاباً دينياً بلكنة ومفردات (شيعية بفلسفة علوية)، الأمر الذي يذهب بالتخمينات إلى أن هذا الخطاب موجه لإيران بهدف استمالتها، وهي التي تدعم أقطاباً كبيرة داخل النظام ومنها ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد وقائد الفرقة الرابعة، الذي لم يتسرب إلى الآن موقفه من التطورات العائلية الأخيرة.

تلك التطورات، انعكست ولا تزال على اقتصاد البلاد بشكل يومي، حيث تراجع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، حتى وصل إلى أرقام غير مسبوقة بـ 1900 ليرة في مقابل الدولار الواحد في بعض المناطق، إلى أن تحسن اليوم ليصل إلى 1660 ليرة مقابل الدولار الواحد. وأثّر تدهور الليرة بشكل كبير على معيشة المواطن من خلال ارتفاع جنوني في الأسعار، وانخفاض قيمة الرواتب والأجور.

المساهمون