علاقات المغرب وإسبانيا: أزمة صامتة

علاقات المغرب وإسبانيا: أزمة صامتة

22 اغسطس 2017
إسبانيا تحاول منع تدفّق المهاجرين (الكسندر كورنير/ Getty)
+ الخط -

تشهد العلاقات المغربية الإسبانية نوعاً من التوتر غير المعلن عنه، إلى حدّ تسمية الأجواء الحالية بين البلدين بالأزمة الصامتة، وذلك في خضم صمت حكومتي الرباط ومدريد، بيْدَ أن عدة مؤشرات وقرارات تشير إلى "حادثة سير" في طريق العلاقات بين البلدين المتحالفين.


ويترقّب الرأي العام السياسي الإسباني والمغربي زيارة منتظرة للملكة صوفيا، عقيلة العاهل الإسباني، فيليبي السادس، إلى مدينة سبتة، والتي توجد في التراب المغربي وتحت السيادة الإسبانية، بهدف حضور حدث عسكري إلى جانب وزير دفاع بلادها، وفق ما كشفت صحف إسبانية.


وبالإضافة إلى هذه الزيارة المنتظرة للملكة صوفيا إلى سبتة التي تعتبرها الرباط مدينة مغربية محتلة، ما قد يؤدي إلى غضب صناع القرار في الرباط، هناك مؤشر ثانٍ على بوادر "أزمة هادئة" بين البلدين، تتمثل في اعتزام وزارة الدفاع الإسبانية نشر طائرات بدون طيار على حدودها مع المغرب، وتحديداً في حدود سبتة ومليلية، الواقعتين في أقصى شمال المملكة.


وتشهد مدينة مليلية بوجه خاص ارتفاع حالات اقتحام أعداد كبيرة من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، والمقيمين في المغرب، كمحطة عبور، حيث يقتحمون السياج المحيط بالمدينة التي تعيش وفق النظام الإسباني، بهدف العبور إلى الضفة الأوروبية، ما دفع إلى تشديد المراقبة من طرف الإسبان على حدود سبتة ومليلية.


وقرّرت وزارة الدفاع الإسبانية إجراء مراقبة جوية من خلال نشر طائرات حديثة بدون طيار فوق سماء المدينتين، المغربيتين جغرافياً والإسبانيتين سيادة، من أجل التضييق على المهاجرين غير الشرعيين الذين باتوا يشكلون "صداعاً" في رأس الحكومة الإسبانية، الشيء الذي قد يُغضب الرباط من هذا التصرّف.


كذلك أقدم الجيش الإسباني قبل أيام على تصرّف اعتبره كثيرون سلوكاً مستفزاً للمغرب، إذ سرّبت وزارة الدفاع مقطع فيديو يُظهر طريقة بدت مهينة لاعتقال ستة جنود مغاربة عند واقعة اقتحام جزيرة ليلى (تورة) في صيف 2002، من دون معرفة دوافع نشر الفيديو.


حديث وسائل الإعلام المغربية والإسبانية أيضاً عن بوادر أزمة صامتة بين البلدين، خصوصاً بسبب اعتزام نشر طائرات بدون طيار على حدود مليلية وسبتة، اعتبره أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فاس، سعيد الصديقي، أنه قد يعمّق هذه الأزمة الكامنة، لكنه لن يفجّرها.


ويشرح الصديقي في تصريحات لـ"العربي الجديد" بأنه "لا يُتصور أن تقدم إسبانيا في تنفيذها لهذا الإجراء على المس بالوضع القائم لنظام مراقبة الحدود الحالية بين البلدين"، مضيفاً أنه "ليس من مصلحة إسبانيا حالياً توتير علاقتها بالمغرب أكثر؛ لأن ذلك سيفتح ملف الهجرة غير النظامية على المجهول، وستكون له عواقب أمنية كبيرة على إسبانيا".


وفي المقابل، يضيف الخبير ذاته، يتعيّن على المغرب أيضاً "ألا يبالغ في استعمال الملف الأمني والهجرة غير النظامية في علاقته مع الأوروبيين عموماً، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى نتائج عكسية" وفق تعبيره.


وخلص المحلل إلى أن "علاقات البلدين تحكمها مصالح اقتصادية كبيرة ومتينة، وتظل على المستوى السياسي خاضعة لحسابات دقيقة، لذلك فإن البلدين مدركان جيداً لأهمية الحفاظ على هذا التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والسياسية لعلاقاتهما، ومهما ساءت هذه العلاقات في ظل ظروف طارئة، فإن هناك حدوداً دنيا لا يمكن تجاوزها".