مرشحون مغمورون للانتخابات الرئاسية في تونس: تعرّف على برامجهم

مرشحون مغمورون للانتخابات الرئاسية في تونس: تصريحات غريبة وهندام لافت

03 اغسطس 2019
المرشح المستقل فتحي الكريمي (موقع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات)
+ الخط -
أثار ترشح أشخاص مغمورين في تونس، للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 15 سبتمبر/ أيلول المقبل، لم يُعرف لهم سابقاً أي نشاط سياسي أو حزبي أو جمعياتي، ردود فعل متباينة، بين من اعتبر ذلك هوساً في الترشح بعد القمع الذي عاناه المواطنون خلال فترة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وبين من اعتبر المرشحين مدفوعين من جهات سياسية لتشتيت الرأي العام والتشويش على المنافسين.

وتواصل "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" في تونس، استقبال مطالب إيداع الترشحات للانتخابات الرئاسية المبكرة، لليوم الثاني على التوالي، حيث ستستمر عملية قبول المطالب إلى غاية يوم 9 أغسطس/ آب الحالي، وقد تجاوز العدد، حتى اليوم السبت، الـ10 مطالب.

ومن بين هؤلاء؛ محمد عبو عن "التيار الديمقراطي"، ونبيل القروي عن حزب "قلب تونس"، ومنجي الرحوي عن "الجبهة الشعبية"، وعبير موسي عن الحزب "الحر الدستوري"، ولطفي المرايحي عن "الاتحاد الشعبي الجمهوري".

كما شكّل دخول أربعة مستقلين مغمورين سباق الرئاسيات، مفاجأة لدى الرأي العام وبعض الأحزاب، وهؤلاء هم؛ منير الجميعي ونضال كريم وحمدي علية وفتحي الكريمي.

ولم يقدّم أحدهم التزكيات الضرورية، فيما أثار هندام وتصريحات بعضهم استغراباً لدى التونسيين.

وفي هذا السياق، قال المرشح فتحي الكريمي إنّ برنامجه الانتخابي يقوم أساساً على إلغاء الأحزاب السياسية في تونس، مشيراً إلى أنّه عمل بسلك الأمن وسبق أن ترشح في 2009 و2014 وتم رفضه لعدم استيفاء الشروط.

وبالإضافة إلى تصريحه الغريب حول القضاء نهائياً على الأحزاب السياسية، فإنّ الكريمي أثار موجة من الانتقادات بسبب هندامه، حيث ظهر بربطة عنق غير متجانسة ما دفع ببعض النشطاء، لتشبيهها في تعليقات على "فيسبوك" بحبل المشنقة.

أما المرشح حمدي علية، فوعد بأنّه "سيخلّص تونس من ظلم الحكام"، معرباً عن ثقته بالفوز في الانتخابات الرئاسية، قائلاً إنّه وراء نجاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب للوصول إلى الحكم لأنه مختص في هذا الشأن.

وأثار هذا المرشح سيلاً من الانتقادات بسبب ظهوره بلباس غريب لا يليق، وفق المواطنين، بمرشح للرئاسة.

من جانبه، أكد المرشح نضال كريم أنّ ملف ترشحه منقوص رغم أنّه متخصص في الحقوق، واعداً بأنّها سيسعى إلى تدارك الأمر، معتبراً أنّه لا يمكن له الحديث عن برنامج انتخابي رئاسي وأنّ الشرط المالي الذي طالبت به الهيئة المستقلة للانتخابات "باطل ولاغٍ".


عوامل نفسية واجتماعية

وعن هذه الترشحات غير الاعتيادية، قال المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "القانون التونسي يسمح لكل من تتوفر فيه الشروط أن يترشح، وهو من حق كل تونسي يرى في نفسه الأهلية، وهو من مقتضيات الديمقراطية، فكل من لديه إرادة بإمكانه الترشح وهو ما يفسر دخول بعض المغمورين السباق رغم أنّ بعضهم لا تجربة سياسية له، وبعضهم لا مستوى ثقافياً أو علمياً لديه ومع ذلك فلديه الجرأة لتقديم طلبه".

وأوضح الحناشي أنّ "هناك عوامل نفسية واجتماعية قد تدفع البعض إلى الترشح رغم يقينهم أنهم ليسوا أهلاً لذلك"، معتبراً أن هذا الأمر "قد يكون إيجابياً ولكنه يحمل تداعيات سلبية في نفس الوقت لأنّ مثل هذه الترشحات تسيء إلى منصب الرئاسة، ولا تضفي الجدية المطلوبة على الترشحات، كونه يُفترض توفر حد أدنى من الجدية والتجربة في النشاط السياسي والعمل في مناصب عليا في الدولة للترشح".

وأضاف أنّ "هؤلاء ظاهرة عابرة وراءها حب البروز وخلق الإثارة بعيداً عن الرغبة الحقيقية في الترشح"، مذكّراً أنّه في الانتخابات الرئاسية السابقة برز عدد من هؤلاء الأشخاص "كان هدفهم البروز في الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي وتسجيل حضورهم تاريخياً، وهو ما يفسر لباسهم وتصريحاتهم الغريبة والعجيبة مثل تصريح أحدهم هذه المرة إنّه أوصل ترامب للسلطة، وبالتالي فبعضهم يعاني حتى من خلل نفسي ولكن للأسف القانون يسمح لهم بالترشح".

ودعا الحناشي إلى تطوير القانون للترشح للرئاسية بعد تجربة 2014، والاستظهار بملف صحي من الصحة العمومية، مشيراً إلى أنّ جمع التزكيات "قد لا يكون صعباً، فالبعض قد جمعها من المقاهي والطرقات، وهناك من يستطيع بالمال اقتناء إمضاءات وبالتالي فلا بد من توفر الحد الأدنى من المقاييس، وقد حان الوقت لتطوير القانون"، داعياً النخبة السياسية إلى ضبط معايير الترشح للرئاسية وفق شروط محددة ودقيقة لكي لا يتم الاستهانة بالمنصب.


أما المحلل السياسي محمد بوعود، فقد ذكر في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ وراء هذه الترشحات "رغبة في دخول غمار السباق إلى الرئاسية، خاصة أن الترشح أصبح متاحاً بعد سنوات لم يكن مجرد التفكير فيها في الترشح ممكناً".

وأضاف أنّ "هناك أيضاً أحزاباً قد تدفع ببعض الأشخاص وتشجعهم على الترشح للرئاسية لتشتيت الأصوات أو التشويش على بعض المترشحين ولجعل العملية في حد ذاتها مبعثاً للسخرية في محاولة لخلط الأوراق أو لبعض الحسابات".

وقال بوعود إنّ "الأشخاص غير المعروفين سيختفون لأنّ مطالبهم لا تستجيب للشروط، إذ إنّه يمكن إيداع الترشح ثم التعهد بإضافة الوثائق المطلوبة"، معتبراً أنّ "البعض قد تدفعه أيضاً الرغبة في إنقاذ البلاد ولكن نسبة هؤلاء تظل ضعيفة".

وقال عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عادل البرينصي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك خمسة طلبات ترشح جدية تقدم بها سياسيون معروفون، وبقية الطلبات لا تتوفر فيها الشروط المنصوص عليها"، مؤكداً أنّ هيئة الانتخابات "ستنظر في مطالب المترشحين وستقوم بعملية التصفية".

المساهمون