مواجهة الاحتلال مع حملات المقاطعة تصل إلى زيورخ

مواجهة الاحتلال مع حملات المقاطعة تصل إلى زيورخ

04 يونيو 2015
من حملة سابقة لمقاطعة الاحتلال (فرانس برس)
+ الخط -

تتوالى ضربات حركة المقاطعة العالمية للاحتلال، والتي شغلت الكنيست الإسرائيلي، أمس الأربعاء، إذ شهد نقاشاً حول تصاعد الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل ومنتجات الاحتلال، فيما كانت نائبة وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي حوطيبلي، تنشر تهديدات لجمعية "يكسرون الصمت" التي تنشط في فضح جرائم الاحتلال سواء خلال العدوان الأخير على غزة، أم الممارسات الإجرامية اليومية في الضفة الغربية المحتلة، عبر سرد شهادات موثّقة جمعتها من جنود في جيش الاحتلال شاركوا في العدوان على غزة، وآخرين يخدمون في الأراضي المحتلة.

وتشهد مدينة زيورخ في سويسرا، اليوم، نقطة جديدة من المواجهة بين الحكومة الإسرائيلية وبين جمعية "يكسرون الصمت"، التي تُنظّم اليوم في زيورخ معرضاً للصور ومقاطع الفيديو إلى جانب تقديم شهادات حية لجنود من جيش الاحتلال حول الممارسات الإجرامية في الحرب الأخيرة على غزة، وفي مقدمتها لهو الجنود الإسرائيليين بإطلاق النار على السيارات الفلسطينية المارة، مثلاً، وقيامهم بقتل مسن فلسطيني، ثم مواراة جثته بالتراب بمساعدة جرافة كبيرة من طراز "دي 9" من دون إبلاغ أحد.

وقد أثار تنظيم المعرض، اليوم، موجة غضب في إسرائيل منذ أسابيع بلغت ذروتها، أمس، عندما أعلنت حوطيبلي أنها أوعزت للسفارة الإسرائيلية في زيورخ بالعمل الفوري لمنع إقامة المعرض، وفحص كل الطرق الممكنة لمواجهة ذلك.

لكن هذه المعركة شقّت، أيضاً، الجاليات اليهودية في سويسرا، ففيما أشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن بعض أقطاب الجالية اليهودية دعا حكومة الاحتلال إلى التحرك لمواجهة المعرض المذكور عبر إيفاد جنود وممثلين رفيعي المستوى عن الجيش الإسرائيلي لعرض موقف الجيش، مما تكشفه شهادات جنود "يكسرون الصمت"، ذكر موقع "معاريف" أن أحد رؤساء الجالية اليهودية في زيورخ، أندريه بولوغ، أبلغ الموقع أن يهود المدينة لن يتدخّلوا لمنع المعرض لأن هذا واجب السفارة الإسرائيلية، وليس من شأنهم هم، قائلاً: "صحيح أننا لن نحضر المعرض لكننا لن نتحرك لمنعه".

وفيما تصر الجمعية على إقامة المعرض وسط تهديدات الخارجية الإسرائيلية بالعمل ضد كل "من يعمل ضد إسرائيل من الخارج والداخل لتشويه سمعة الجيش الإسرائيلي"، يتضّح عملياً أن حكومة الاحتلال تتخبط في مواجهة هذه الحركات وهذا النشاط، على الرغم من أن وزيرة العدل الإسرائيلية الجديدة، أيليت شاكيد، والتي هي رئيسة اللجنة الوزارية للتشريع، تهدد بالمضي في سن قانون "الجمعيات" الذي يهدف إلى منع التمويل عن جمعيات اليسار وحقوق الإنسان في إسرائيل، وسط حملة صحافية وإعلامية مرافقة لهذا النشاط.

ويُشكّل معرض "يكسرون الصمت" شهادة حية ودليلاً دامغاً من داخل إسرائيل على انتهاك الجيش الإسرائيلي لكل حقوق الإنسان وكل قوانين الحرب وصولاً إلى ارتكاب جرائم فظيعة، تفضح أكذوبة "الجيش الأخلاقي" التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي التمسّك بها.

اقرأ أيضاً: "يديعوت" تُعلنها حرباً على "حملة المقاطعة": خطر وجودي

وقد طالت المعركة في إسرائيل، أمس، توجيه أصابع الاتهام للحكومات الأوروبية التي تموّل جمعيات اليسار الإسرائيلي. فقد نشر "معاريف" نقلاً عن جمعية يمينية تدعو إلى حماية جنود الاحتلال، أن جمعية "يكسرون الصمت" حصلت في الأعوام الثلاثة الأخيرة على مبالغ تصل إلى 3.5 ملايين دولار من حكومات كل من الدنمارك وسويسرا وهولندا وإسبانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي وبلجيكيا والنرويج.

ويُشكّل النشاط الدولي لجمعيات اليسار، وخصوصاً جمعية "يكسرون الصمت"، في هذه الفترة، مصدر قلق لإسرائيل ليس فقط على صعيد سمعتها ومكانتها الدولية، بل يوفر في واقع الحال أدلة على جرائم الحرب، وبالتالي يُهدد عدداً كبيراً من كبار جنرالات الجيش وضباطه من السفر إلى بلدان أوروبية خوفاً من محاكمتهم بجرائم الحرب. وسبق أن اضطر عدد من الوزراء الإسرائيليين إلى البقاء في الطائرات وعدم النزول إلى أرض المطار في عواصم أوروبية مختلفة، خوفاً من تسلّمهم مذكرات اعتقال، كما أن جنرالات سابقين وحاليين أمثال دان حالوتس، وإيهود باراك، وموشيه يعالون، وحتى الوزيرة السابقة تسيبي ليفني، يمتنعون عن التوجّه إلى بعض الدول خوفاً من اتخاذ إجراءات قضائية ضدهم.

وكشفت الصحف الإسرائيلية، أمس، أن المعرض سيُقام في صالة الثقافة في مدينة زيورخ وبتمويل من البلدية نفسها يصل إلى 25 ألف دولار. وسيقام المعرض تحت رعاية منظمة سويسرية تدعى "Medico International" لها مقران أساسيان في ألمانيا وسويسرا وتنشط في أفريقيا والشرق الأوسط من أجل حقوق الإنسان.

وتخشى إسرائيل من أن يفضي نجاح المعرض في زيورخ إلى سلسلة معارض مشابهة في ظروف دقيقة تحاول فيها مواجهة حملات المقاطعة، من جهة، والتهرب من ضغوط سياسية واقتصادية قد تتخذها دول العالم ضد الاحتلال، بعد التوصل إلى اتفاق بين إيران والدول الغربية، خصوصاً على ضوء المبادرة الفرنسية التي يُنتظر أن تُطرح في سبتمبر/أيلول على مجلس الأمن الدولي، والتي تدعو لمفاوضات لمدة 18 شهراً بين إسرائيل والفلسطينيين يتم في نهايتها الإعلان عن دولة فلسطين.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تستخدم رؤساء الجامعات لمواجهة حملات "المقاطعة"