تقارب سعودي أميركي في اليمن وتباعد بالملف السوري

تقارب سعودي أميركي في اليمن وتباعد بالملف السوري

15 مايو 2016
الموقف الأميركي من سورية يظل غامضاً (واس)
+ الخط -
لم يحدث تغيير كبير في السياسة السعودية، بعد قمة المملكة مع الولايات المتحدة، والتي استبقت القمة الخليجية الأميركية في العاصمة السعودية الرياض، في 21 أبريل/ نيسان الماضي، وجمعت ما بين الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقادة دول مجلس التعاون الخليجي، في وقت حساس للجانبين، لا سيما في ملفات المنطقة الساخنة، كالملف السوري واليمني.


بعد أيام قليلة من الاجتماع الخليجي الأميركي، شنت قوات الشرعية في اليمن، والمتمثلة بالقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، مسنودة بغطاء التحالف العربي، والذي تقوده السعودية، هجوماً واسع النطاق على تنظيم القاعدة في حضرموت، نتج عنه تحرير مدينة المكلا في 25 أبريل/ نيسان.

وتزامنت العمليات ضد تنظيم القاعدة في اليمن، مع البدء في مشاورات الكويت، بين الشرعية في اليمن، ومليشيات الحوثي وممثلين للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. هذه المشاورات، المجدولة سلفاً قبل القمة الخليجية الأميركية، تأتي امتداداً لتفاهمات مسبقة، بين السعودية والحوثيين، أدت إلى هدوء نسبي على الحدود السعودية اليمنية، على الرغم من الجو الحذر، والهدنة الهشة، والتي يتم اختراقها بين وقت وآخر.

تطوران مهمان حدثا لاحقا كشفت عنهما التصريحات السياسية السعودية حيال اليمن، حين أكد وزير الخارجية السعودية، عادل الجبير، قبل أيام من استقباله نظيره الأميركي، يوم أمس السبت، بصيغة غير مباشرة، أن مواجهة تنظيم القاعدة تعد من أولويات التحالف العربي في اليمن. وكان الجبير قد قال في حوار مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية: "القاعدة وداعش منظمتان إرهابيتان بينما الحوثيون يمنيون. إنهم جيراننا ونحن نتفاوض معهم".



ويرى مراقبون أن هذا التصريح أخذ أكبر من حجمه إعلاميا، إذ إن السعودية، ومنذ انطلاق عمليات عاصفة الحزم، كانت تضع من ضمن أهدافها، خضوع الحوثيين للشرعية، والانسحاب من صنعاء، وتسليم السلاح الثقيل. وكانت تصريحات المسؤولين السعوديين آنذاك، تؤكد على أن الحوثيين "جزء من النسيج الاجتماعي اليمني ولا يمكن إقصاؤه، لكن يجب عليه الخضوع للتفاهمات ما قبل الانقلاب في صنعاء، واعتبار المبادرة الخليجية وقرارات اجتماعات الحوار الوطني اليمني كمرجعية".

لكن الأهم في تصريح الجبير، شقه الأول، وهو التأكيد على محاربة تنظيمي "القاعدة"، و"الدولة الإسلامية"، والتي لم تكن من أولويات التحالف العربي في اليمن، والذي لم يواجه "القاعدة" إلى بعد مرور قرابة سنة على بدء عملياته.

يمكن اعتبار هذا التغير امتداداً لتصريح آخر لوزير الخارجية السعودية، مع صحيفة لوموند الفرنسية، الأسبوع الماضي، حيث أكد أن العلاقات السعودية الأميركية "متماسكة جداً"، لكنه في الوقت نفسه، تحدث عن "خلافات تكتيكية مع واشنطن لا تمس الأهداف الاستراتيجية". ويبدو أن الأمر يتعلق بتباين الأولويات بين الرياض وواشنطن في مقاربة ملفات المنطقة، حيث تضع السعودية مواجهة النفوذ الإيراني كأهم أولوياتها، بينما ترى الولايات المتحدة أن الإرهاب هو أهم ملفات المنطقة على الإطلاق، بل ربما هو "الملف الوحيد".

ولأن السعودية أيضاً تضع الإرهاب كإحدى أولوياتها، فقد يكون هذا الملف مدخلاً لإزالة التوتر بين الرياض وواشنطن، خاصة في سورية واليمن. وكانت السعودية قد حاولت مسايرة الأجندة الأميركية في سورية، من خلال الإعلان عن استعدادها لإرسال قوات برية لمواجهة تنظيم "داعش". وفي الوقت نفسه، لم تغير من سياساتها المتباينة عن سياسات واشنطن، حيال الملف السوري، حيث ما زالت الرياض متمسكة بمقررات جنيف 1، ورحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، وتقديم المساعدات العسكرية للمعارضة المسلحة، فيما تبدو الولايات المتحدة أقل حسماً بشأن مصير الأسد، ومترددة في تسليح فصائل المعارضة، وترتكز أولوياتها على الانتهاء سريعاً من "الأزمة" السورية، والالتفات لمحاربة "داعش".

في هذا السياق، ترى المعارضة السورية، والهيئة التفاوضية العليا، أن جون كيري، قام عمدا بإفساد اجتماع الدول الداعمة لسورية، في باريس، والذي ضم وزراء خارجية السعودية وقطر وتركيا وفرنسا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى دول أخرى، وذلك من خلال البيان الاستباقي لاجتماع باريس، والذي أصدره الوزير الأميركي، مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، حول الهدنة، وإيجاد تسوية سياسية في سورية، يُراد لها أن تكون تسوية أميركية – روسية على ما يبدو.



لا تبدو الصورة مختلفة في اليمن، ففي حين تبدو واشنطن وكأنها راغبة بإنهاء الحرب هناك، بغض النظر عن مخرجاتها، لا يبدو أن الرياض ستقبل بتسوية لا تعيد الأوضاع إلى ما قبل دخول مليشيات الحوثي، العاصمة اليمنية صنعاء، والذي يتضمن اعتراف الحوثيين بشرعية الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، والخروج من العاصمة صنعاء.

لكن لا يبدو أن هذا الأمر وارد في ظل تجاذبات مشاورات الكويت اليمنية – اليمنية، والتي لم تحقق أي تقدم يذكر، على الرغم من استمرارها ثلاثة أسابيع، وسط تفاؤل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، والذي بشر اليوم بحدوث "مفاجآت" خلال الأيام القليلة الماضية.

على الأرجح لن يتغيّر الشيء الكثير في الملفين السوري واليمني، بعد لقاء وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بالعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، اليوم، ولقائه بولي العهد، الأمير محمد بن نايف. وكذلك اجتماع كيري مع نظيره السعودي يوم أمس. حيث لم تشر وسائل الإعلام السعودية إلى أي تفاصيل حول اللقاء، باستثناء الحديث عن مناقشة الشأن السوري مع وزير الخارجية، ومحاربة الإرهاب مع ولي العهد، وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، كما أن الجانبين لم يصدرا أي تفاصيل تذكر، حتى اللحظة.

المساهمون