سلفيو المغرب... "أرانب سباق" الانتخابات التشريعية

سلفيو المغرب... "أرانب سباق" الانتخابات التشريعية

08 اغسطس 2016
تشكل الانتخابات اختباراً جديداً لقوة الأحزاب(عبد الحق سناّ/فرانس برس)
+ الخط -
تكثّف أحزاب سياسية مغربية من تحركاتها بهدف استقطاب قيادات سلفية وإقناعها بخوض الانتخابات التشريعية المقررة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل ضمن صفوفها، ما يدفع عددا من المراقبين إلى تسمية السلفيين بـ"أرانب سباق الانتخابات البرلمانية"، التي ستفرز تشكيلة حكومية جديدة في البلاد.
ويعد حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية من بين الهيئات السياسية التي فتحت أبوابها لسلفيين مغاربة، منهم من عاشوا تجربة السجن بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب، من قبيل الشيخ عبد الكريم الشاذلي الذي يترأس جمعية حقوقية تابعة للحزب وتطالب الدولة بجبر ضرر المعتقلين الإسلاميين.
يقول محمد علاوي، وهو عضو ناشط في الحزب، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن فتح الحزب أذرعه للتيار السلفي ليس غرضه الرئيسي خوض الانتخابات أو استقطاب أصوات السلفيين في الاستحقاقات المقبلة، بل الانفتاح على تيار لا يمكن إنكار أنه جزء لا يتجزأ من المشهد السياسي والاجتماعي بالبلاد.


من جهته، يعتمد حزب "اليقظة والفضيلة"، الذي يقدم نفسه على أنه حزب بمرجعية إسلامية، على قيادات سلفية من أجل جذب أصوات محتملة في الانتخابات المقبلة، وهو الأمر نفسه الذي يعتزم حزب الاستقلال "المعارض" القيام به، من خلال منح قيادات سلفية فرصة تصدّر القوائم الانتخابية.

ظاهرة تنافس الأحزاب السياسية المغربية على استقطاب التيارات السلفية، يعتبرها الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، محمد الزهراوي، من بين الظواهر الجديدة التي أفرزها الحقل السياسي المغربي نتيجة التفاعلات والتناقضات المرتبطة بالحقل الديني والواقع الاجتماعي. يقول الزهراوي لـ"العربي الجديد" إن هذه الظاهرة تحتدم مع قرب الاستحقاقات الانتخابية بالبلاد، ولا سيما مع سعي بعض الأحزاب إلى استقطاب وإقناع بعض الرموز السلفية المعروفة للترشح ضمن قوائمها الانتخابية، بما في ذلك شخصيات كانت تصنف في خانة ما يصطلح عليه بـ"السلفية الجهادية".
ووفقاً للزهراوي، فإنه يجب التمييز بين ثلاثة اتجاهات أساسية في السلفية المعاصرة، الأول يمثله ما يسمى "السلفي الجهادي" الذي يؤمن بالعنف والتغيير الراديكالي ويكفّر الحكومات والشعوب، على حد وصفه. أما الاتجاه الثاني فهو دعوي تقليدي محافظ، يركز على العمل الدعوي ويرفض المشاركة السياسية، في حين أن الاتجاه الثالث فهو التيار السلفي المعتدل التي يتبنى الأفكار السلفية ويؤمن بالمشاركة السياسية والتغيير السلمي.
ونتيجة لمجموعة من العوامل والتحولات التي شهدتها المنطقة العربية ولا سيما بعد الحراك الشعبي الذي وقع أواخر سنة 2010، يرى الزهراوي أن دائرة الحركة السلفية المعتدلة توسعت بعد أن انتقل الاتجاه الأول، أي السلفية الجهادية، من المجال الدعوي إلى المجال السياسي.
ويرجع الباحث نفسه هذا الانتقال إلى تجربة حركات الإسلام السياسي، بعدما تصدرت نتائج الانتخابات في كل من مصر وتونس والمغرب، فضلاً عن قيام الاتجاه الثالث، أي التيار الجهادي، بمراجعات داخل السجون ودخوله في توافقات وتسويات مع السلطة لإطلاق سراحهم، والسماح لهم بالمشاركة في العمل السياسي.
ووفقاً للزهراوي فإنه يمكن فهم محاولة الأحزاب المغربية استمالة هذا الفصيل السلفي إلى صفوفها، وترشيح بعض المشايخ والرموز في الانتخابات التشريعية المقبلة من خلال ثلاث دلالات أساسية.

الدلالة الأولى، بحسب الباحث نفسه، تتمثل في أن محاولة استقطاب هذا التيار السلفي، هي اعتراف ضمني بقوته وشعبيته وتغلغله في المجتمع المغربي، بعدما برز المكون السلفي في الساحة السياسية كقوة صاعدة لها امتدادها وتجذرها داخل النسيجين الاجتماعي والثقافي.
والدلالة الثانية، يضيف الزهراوي، هي محاولة توظيف شعبية بعض الرموز السلفية وارتباطاتها التنظيمية والإيديولوجية في بعض المدن، مثل فاس وشمال المغرب، لكسب أكبر عدد من المقاعد ومزاحمة مرشحي حزب العدالة والتنمية الإسلامي. ويشير الزهراوي إلى أن ترشح بعض شيوخ السلفية باسم هذه الأحزاب يعني ضمنياً حرمان حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة من الأصوات السلفية التي كانت تصوت لصالحه، على اعتباره أنه كان الأقرب إيديولوجياً في ظل غياب بنية تنظيمية مستقلة تمثل هذا التيار.
أما الدلالة الثالثة، فتتجلى وفقاً للزهراوي، في تقوية الموقع التفاوضي مع الدولة، إذ يعد السلفيون ورقة ضغط مهمة، ولاسيما أن نجاح احتواء هذا الفصيل في العملية السياسية قد يشجع السلطة على دعم هذا المسلك، عوض السماح لهم بتأسيس حزب ولم تنضج بعد الظروف والشروط الموضوعية لذلك. ويلفت الباحث إلى أن "هذه القوى السلفية الصاعدة تعتبر خزاناً انتخابياً، وقوة تنظيمية لها القدرة على منافسة تيارات الإسلام السياسي، وإحداث نوع من الانقسام أو التوازن الإيديولوجي، بدل احتكارها المرجعية الإسلامية في شعاراتها وخطاباتها"، على حد قوله.

دلالات

المساهمون