"حالة الاتحاد" وأحوال أهله في واشنطن
مناسبة الخطاب قدمت له فرصة للتخفيف من وطأة هذه الفضيحة، من خلال التركيز في عرضه على الوضع الاقتصادي الجيد الذي تنعم به أميركا في الوقت الحالي. أفاض ترامب في تسليط الأضواء على المكتسبات لينسبها إلى رئاسته، ويدعو بالتالي إلى الالتفاف حولها لتعزيز حالة البحبوحة المتميزة، وتسليط الأضواء على أهم جوانبها، بما يخدم تعزيز التفاف قاعدته حوله، ومخاطبة الناخب بشكل عام. مخاطبته كانت انتخابية أكثر مما هي أجندة سياسية، كما هو مفترض، للمتبقي من ولايته الأولى. بالغ في عرضها، وحجمها، وفي نسبها لإدارته بصورة حصرية. مرّ مرور الكرام على السياسة الخارجية بحوالي عشر دقائق أو أقل، من أصل أكثر من 80 دقيقة. عرّج بصورة عابرة على "داعش"، وإيران، و"صفقة القرن"، وأفغانستان. الباقي تركه للشأن الداخلي. الأرقام تساعده، والناخب يتعامل مع واقع الحال القائم والراجحة كفته لمصلحة الرئيس. معدل البطالة هابط إلى حدود لم يعرفها منذ خمسين سنة، يرافقه تحسن في مستوى الأجور، وثقة المستهلك، وفورة البورصة، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، على الرغم من الخلل في توزّع المردود، وما نشأ عنه من تفاوت طبقي. ويحصل ذلك في لحظة ارتفع تأييده، وللمرة الأولى إلى 49%، وهو مقبل على إعفائه اليوم الأربعاء من الذنب في قضية أوكرانيا، ولو أن هذا الإعفاء قد يرتد ضده، من باب أن المحاكمة كانت "منحازة ومنقوصة"، كونها جرت من دون شهود ومستندات.
المفارقة أن الرئيس ترامب يبدو، على الرغم من المحاكمة، في وضع مريح أكثر من خصومه. حالته في الوقت الراهن أفضل من حالة الاتحاد المنقسم على ذاته، فهو أول رئيس يحاكَم قبل أقل من عشرة أشهر من الانتخابات، ويخرج أكثر تماسكاً من الديمقراطيين على الصعيد الانتخابي. هل يستمر ذلك أم أنه موقت؟ سؤال يعتمد على قدرة الحزب الديمقراطي ومرشحه على استعادة المبادرة؛ وفي هذا، الاحتمالات غير قوية حتى الآن.