استعدادات الانتخابات التكميلية في الكويت: عزوف سياسي وشعبي

استعدادات الانتخابات التكميلية في الكويت: عزوف سياسي وشعبي

04 مارس 2019
تجري الانتخابات الكويتية في 16 مارس (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -


بدأ التنافس في الانتخابات التكميلية لمجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، بين 57 مرشحاً ومرشحة، عقب إعلان رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، خلو مقعدي النائبين جمعان الحربش ووليد الطبطبائي، على خلفية صدور حكم سجن بحقهما برفقة عدد من زعماء المعارضة في الكويت، في قضية دخول واقتحام مجلس الأمة عام 2011 خلال موجة الاحتجاجات الشعبية التي عمت الكويت آنذاك مطالبة بمحاسبة رئيس الحكومة السابق ناصر المحمد الأحمد الصباح.

ومن المقرر أن تجري الانتخابات في 16 مارس/ آذار الحالي، وسط غياب الكتل السياسية المهمة عن المشاركة في الترشح، فضلاً عن توقعات بعزوف كبير من الناخبين لأسباب عدة، أبرزها اليأس وعدم الوثوق بجدوى الانتخابات بسبب قرب انتهاء مدة المجلس (خلال عام ونصف العام). وأعلنت اللجنة المكلفة بتقييم أوضاع المرشحين شطب خمسة مرشحين، ثلاثة منهم بسبب عدم توافر شرط السمعة الحسنة فيهم ولصدور أحكام قضائية بحقهم، فيما شطبت الرابع لعدم رد الاعتبار إليه في قضية جنائية، والخامس بسبب افتقاده لشرط اللياقة الصحية، لكن المحكمة أعادت قيد أحد هؤلاء الخمسة، وهو المرشح صالح جرمن، بعد رفعه دعوى قضائية مستعجلة ضد الحكومة.

وأُثير جدل دستوري بعد إعلان إدارة شؤون الانتخابات وقف تقييد الناخبين الجدد أو تحويل القيود الانتخابية، وهو إجراء يتم في شهر فبراير/ شباط من كل عام، وذلك خشية من وجود تلاعب ونقل أصوات في هذه الانتخابات، لكن المحامي نواف الفزيع قدم طعناً أمام المحكمة ضد قرار الإدارة ووزير الداخلية، ما قد يؤدي إلى إيقاف الانتخابات أو بطلانها بعد إجرائها لتتعطل العملية السياسية في الكويت من جديد.

وتعد هذه الانتخابات هي الانتخابات التكميلية الثانية عشرة في تاريخ الكويت البرلماني، إذ سبق أن أجريت 11 انتخابات تنوعت أسبابها بين استقالات الأعضاء الاحتجاجية، كما هو الحال في أعوام 1964 و1965 و1967، أو وفاة أحد أعضاء البرلمان الذين كان آخرهم النائب نبيل الفضل الذي توفي داخل قاعة البرلمان عام 2015.

وتأتي الانتخابات وسط حالة من الصدمة تعيشها المعارضة الكويتية نتيجة تأكيد المحكمة الدستورية وجوب إعلان خلو مقعدي النائبين الحربش والطبطبائي وتصويت البرلمان بشكل سريع على إعلان خلوهما، من دون ترك فرصة للمعارضين كي يوقفوا الجلسة.



وقال نواب اجتمعوا بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، لبحث ملف العفو الأميري بحق المتهمين بقضية دخول واقتحام مجلس الأمة وبقية القضايا السياسية، والذين يعيشون في الخارج، إن "العفو الأميري غير مطروح إلا بعودة المدانين بالقضايا السياسية وتطبيقهم لجزء من عقوبتهم على الأقل". وبحسب تسريبات عن فحوى الاجتماع، أوضح النواب أنفسهم أنهم "تلقّوا رسالة صارمة من أمير الكويت تفيد بعدم جدوى محاولات الكثير من الكتل السياسية وأقطاب كبيرة في البلاد، حلّ البرلمان عبر تقديم نواب محسوبين عليهم لاستجوابات لرئيس مجلس الوزراء".

وأعلنت الحركة الدستورية الإسلامية (الجناح السياسي للإخوان المسلمين في الكويت)، والتي ينتمي إليها النائب المسقطة عضويته جمعان الحربش، مشاركتها في الانتخابات، وبدأت في حشد قواعدها الانتخابية لدعم مرشحها حمد المطر، بهدف الحفاظ على مقعدها وعدم خسارته. وتملك الحركة ثلاثة مقاعد برلمانية وتطمح في دعمها بمقعد رابع يزيد من قوتها السياسية في الداخل، خصوصاً في ظل الضغوط السعودية – الإماراتية المتزايدة على الكويت بشأنها.

كما أعلن كل من عبد الرحمن العنجري وعمار العجمي، وهما نائبان سابقان ينتميان لكتلة الأغلبية في مجلس عام 2012 المعارض، والذي قامت المحكمة الدستورية بحله وتسببت بأزمة كبيرة في الكويت، ترشحهما للانتخابات في محاولة لملء الفراغ الناتج عن إسقاط عضوية الحربش والطبطبائي، لكن ترشحهما لم يحظ بمباركة زعماء المعارضة في الخارج، وعلى رأسهم النائب مسلم البراك وفيصل المسلم.

في موازاة ذلك، أعلن مرشحون شبان مقربون من المعارضة، مثل فواز المخلد ومهلهل المضف وأنور الطبطبائي، شقيق النائب المسقطة عضويته وليد الطبطبائي، عن ترشحهم للانتخابات أيضاً. وتنوعت بقية الأسماء المرشحة بين ممثلة لمستقلين إسلاميين أو ليبراليين أو قبليين، فيما غابت الكتل السياسية المهمة عن هذه الانتخابات باستثناء الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين التي قررت المشاركة. وترى الكتل المقاطعة أنه لا جدوى من استنزاف مواردها المالية وقواعدها الانتخابية في انتخابات لبرلمان ستنتهي مدته الأصلية بعد عام ونصف العام فقط. كما أن التوقعات تشير إلى أن البرلمان قد يتعرض لحل دستوري وتجرى إعادة انتخابات له في مدة أقل من عام ونصف العام.

ولم يقدم المرشحون في هذه الانتخابات أي برامج انتخابية واضحة، لكن يتم التركيز على المطالب الشعبية الأكثر إلحاحاً والتي هي حديث الساعة في الكويت، مثل المطالبة بإسقاط القروض وحل قضية البدون وتقديم المزيد من المعونات الحكومية للمواطنين، فيما وصف مراقبون سياسيون هذه الانتخابات بأنها مجرد إجراء دستوري روتيني لم تنجرف إليه الكتل السياسية.



دلالات