حجم كارثة الشمال السوري بالأرقام: نزوح وموت ودمار

حجم كارثة الشمال السوري بالأرقام: نزوح وموت ودمار

12 مايو 2019
نازحون من قصف النظام السوري(أنس الدياب/فرانس برس)
+ الخط -

استخدمت قوات النظام السوري والطيران الحربي الروسي قوة تدميرية هائلة في حملة قصف جوي ومدفعي على مناطق في شمال غربي سورية، لا تزال مستمرة، أدت إلى نزوح عشرات آلاف المدنيين، ومقتل وإصابة المئات وتدمير أغلب المرافق الحيوية، خصوصاً المستشفيات والمراكز الصحية. وأكد ناشطون اعلاميون وعمال إغاثة أن الأوضاع الإنسانية للنازحين تكاد تصل حدود الكارثة، مع انتشار أغلبهم في العراء في ظل غياب المنظمات الإنسانية الدولية المختصة. في المقابل اكتفت الأمم المتحدة ببيانات التنديد من دون تحرك انساني وسياسي جدي، يمكن أن يضع حداً أو يخفف من آثار الحرب على المدنيين الذين يدفعون فواتير ما يجري.
وقد وثّق فريق "منسقو استجابة سورية" الذي يضم عدداّ من الناشطين في المجال الإنساني في شمال غربي سورية، نزوح 228416 مدنياً من مناطق في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي خلال الفترة من 29 إبريل/نيسان الماضي، وحتى 9 مايو/أيار الحالي، أي في الفترة التي شهدت تصعيداً كبيراً من قبل قوات النظام، أعقبه تقدّم بري. وكشف الفريق أن حركة النزوح عموماً بدأت منذ أواخر العام الماضي، أي بعد توقيع اتفاق سوتشي بين الأتراك والروس في سبتمبر/أيلول الماضي، الذي كان من المفترض أن يحوّل محافظة إدلب ومحيطها إلى منطقة آمنة، لكن النظام لم يلتزم به.

وأشار الفريق إلى أنه نزح عشرات الآلاف من المدنيين أواخر العام الماضي، وتلا ذلك موجة نزوح في شهر فبراير/شباط الماضي، مع بدء الحملة العسكرية، وحتى نهاية إبريل الماضي، وسُجّل نزوح 214329 شخصاً خلال هذه الفترة. وأوضح الفريق في بيان أن العدد الكلي للنازحين من ريفي حماة وادلب خلال الفترات السابقة بلغ نحو 537391 نسمة موزعين على مناطق الشمال السوري. وأكدت مصادر محلية لـ "العربي الجديد"، أن "النازحين يعيشون ضمن ظروف إنسانية تكاد تصل إلى حدود الكارثة"، مضيفة أنهم "تُركوا لمصيرهم في شهر رمضان".

وجاء في تقرير لـ "منسقو استجابة سورية"، أن "قوات النظام والطيران الروسي استهدفا بالطيران الحربي خلال الفترة من 29 إبريل و6 مايو 89 نقطة، جلها في ريفي حماة وإدلب". وأوضح التقرير أن "عدد القتلى المدنيين منذ بداية فبراير وحتى 6 مايو بلغ 364 قتيلاً، جلهم في ريفي حماة وإدلب، بينهم 117 طفلاً". كما أحصى التقرير عدد المدارس والمنشآت التعليمية التي تعرضت للقصف من قبل قوات النظام وروسيا في إدلب وريفها، منذ تاريخ 5 يناير/كانون الثاني الماضي وحتى 7 مايو، فبلغ 44 مدرسة ضمن المجمعات التربوية التابعة لمديرية والتعليم في محافظة إدلب".

ولفت الفريق إلى أن "المدارس التي تعرضت للقصف وخرجت عن الخدمة، توزعت على المجمعات التربوية لمدن وبلدات إدلب، وهي 25 مدرسة في مجمع مدينة خان شيخون، و7 مدارس في مجمع مدينة كفرنبل، و5 مدارس في مجمع أريحا، و3 مدارس في مجمع جسر الشغور، و3 مدارس في مجمع إدلب التربوي، ومدرسة واحدة في مجمع مدينة معرة النعمان". وكشف أن "نسبة الأضرار تفاوتت بين 5 في المائة، وصولاً إلى خروج المدرسة عن الخدمة بشكل كامل".

ولم تسلم المستشفيات والمراكز الطبية في شمال غربي سورية من حملة القصف، مع تعمّد النظام وحلفاؤه تدمير هذه المراكز قبل الشروع في أي عمل عسكري بري. وسبق أن ذكرت مصادر مطّلعة في محافظة إدلب أن "القصف طاول مستشفى اللطامنة الجراحي ومستشفى 111 للنساء والأطفال في قلعة المضيق بتاريخ 28 إبريل الماضي، ما أدى إلى دمار شديد في البنية والتجهيزات في المستشفيين. كما تعرض مركز بلدة الهبيط للرعاية الأولية بتاريخ 30 إبريل الماضي لضربات أدت إلى خروجه بشكل كامل عن الخدمة. وخرج مستشفى "نبض الحياة" في بلدة حاس بريف إدلب عن الخدمة بشكل كامل في 5 مايو الحالي بعد استهدافه بغارات متتالية مباشرة دمّرت المبنى والتجهيزات بشكل كامل تقريباً.



كما أخرجت ضربات جوية مستشفى كفرنبل الجراحي عن الخدمة في 5 مايو الحالي، بعد دمار البنية التحتية والتجهيزات. وفي اليوم التالي تعرض مستشفى الأمل للعظمية في بلدة كنصفرة جنوبي إدلب لأضرار جسيمة نتيجة ضربات جوية، طاولت أيضاً مركز الزربة الصحي في ريف حلب الجنوبي الغربي.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية، ستيفان دوجاريك، منذ أيام، إن "سبع منشآت طبية على الأقل تم استهدافها منذ 28 إبريل الماضي"، موضحاً خلال مؤتمر صحافي، أن "تلك المنشآت هي 4 في محافظة حماة و3 في محافظة إدلب". وكانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، أفادت في تقرير صدر منذ أيام، أن "الحملة العسكرية التي تشهدها منطقة إدلب، منذ 26 إبريل الماضي، هي الأعنف منذ دخول اتفاق سوتشي حيِّز التنفيذ، في سبتمبر الماضي، وهي الأسوأ على الصعيد الإنساني". وأشارت الشبكة إلى أنه "سُجل في المدة التي يُغطيها التقرير 1068 غارة جوية لطائرات النظام والطائرات الروسية، 496 منها على يد سلاح الجو التابع لقوات النظام السوري، و572 من قبل سلاح الجو الروسي". وبيّن أن "التصعيد العسكري تسبّب في موجة نزوح كبيرة من ريفي حماة الشمالي والغربي، وريف إدلب الجنوبي، فقد بلغ عدد النازحين نحو 130 ألف نسمة، بين 26 إبريل و6 مايو".

وطبقاً للتقرير، فقد "قتلت قوات الحلف السوري الروسي ما لا يقل عن 108 مدنيين، بينهم 26 طفلاً، و24 امرأة، وارتكبت 3 مجازر خلال هذه الفترة"، موضحاً أن "قوات النظام السوري قتلت 71 مدنياً، بينهم 12 طفلاً و18 امرأة، معظمهم في محافظة إدلب، فيما قتلت القوات الروسية 37 مدنياً، بينهم 14 طفلاً و6 نساء توزعوا بين محافظتي حماة وإدلب، وارتكبت ثلاث مجازر جميعها في محافظة حماة". وأشار التقرير إلى تكتيك اتَّبعه النظام السوري، على مدى سنوات عدة، وهو الاستهداف المدروس للمستشفيات ومراكز الإيواء، لافتاً إلى أنَّ "النزاع السوري هو أكثر نزاع تم فيه استهداف للمستشفيات والمراكز الطبية على هذا النحو، وذلك بهدف نشر الرعب في المجتمع". وبحسب التقرير، فقد "طاولت الهجمات أكثر من 80 مركزاً حيوياً مدنياً، بينها 11 من أماكن العبادة، و28 مدرسة، و18 منشأة طبية، و9 مراكز للدفاع المدني".

وأضاف التقرير أن "القوات الروسية نفَّذت هجوماً واحداً بذخائر عنقودية، في حين ألقى سلاح الجو التابع لقوات النظام السوري ما لا يقل عن 188 برميلاً متفجراً في المدة ذاتها، معظمها على محافظة إدلب". وأكد أن "أغلب الهجمات تمت عبر سلاح الجو، والطوافات، وهذا السلاح لا يمتلكه سوى النظامين السوري والروسي"، موضحاً أن "حصيلة الحملات العسكرية التي شنَّتها قوات الحلف السوري الروسي بلغت منذ توقيع اتفاق سوتشي، 544 قتيلاً مدنياً، بينهم 163 طفلاً و105 نساء، وتشريد قرابة 900 ألف مدني، نزح مئات الآلاف منهم غيرَ مرة". وأضاف تقرير الشبكة أن "هذه الاعتداءات أسفرت أيضاً عن تدهور الوضع المعيشي لنحو 4.7 ملايين شخص يقطنون في مساحة تبلغ نحو 6800 كيلومتر مربع، يعيش قسم كبير منهم على المعونات، في ظلِّ انتشار الفقر والبطالة، وتوقُّف عدد كبير من المنظمات الدولية عن العمل، بعد سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على مناطق واسعة من محافظة إدلب". بدورها، ذكرت مصادر إعلامية معارضة أن يوم الجمعة الماضي شهد 147 طلعة جوية، منها 41 غارة من الطيران الحربي الروسي، مشيرة إلى أن "طيران النظام ألقى 104 براميل متفجرات على 22 نقطة في الشمال الغربي من سورية، أدت إلى مقتل 13 مدنياً".


المساهمون