الحكومة التونسية تكثف مساعيها لإقناع البرلمان بتفويض سلطاته للفخفاخ

الحكومة التونسية تكثف مساعيها لإقناع البرلمان بتفويض سلطاته للفخفاخ

25 مارس 2020
"النهضة" تعارض طلب حكومة الفخفاخ (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تواصل الحكومة التونسية سعيها لحشد الدعم البرلماني لصالح مقترحها القاضي بتفويض السلطات التشريعية لفائدة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، وتنظيم الفترة المقبلة بالمراسيم.

وبعد الحضور الإعلامي المكثف للوزراء لتفسير مسألة التفويض، عقدت رئاسة الحكومة اجتماعين متتاليين، أمس الثلاثاء، خصص الأول لمجلس الوزراء من أجل تدارس مشروع قانون التفويض، والثاني للقاء الأحزاب البرلمانية حكماً ومعارضة في إطار إقناعها بالتصويت لفائدته. 

وحضرت أحزاب المعارضة البرلمانية، باستثناء "الدستوري الحر"، الاجتماع الذي أداره وزير أملاك الدولة غازي الشواشي، ووزير العلاقة مع البرلمان علي الحفصي جدي، علاوة عن ممثلين عن أحزاب الائتلاف الحاكم. 

وطرح ممثلا الحكومة على الحاضرين، مشروع قانون التفويض في إطار الاستماع لتصوراتهم ورؤاهم حول المسألة، خاصة وأنّ كثيرين من بين الحاضرين سبق أن أعلنوا رفضهم للمقترح.

وأضاف مخلوف أنّ "المرحلة تقتضي الوحدة الوطنية لا الانقسام، سلطة ومعارضة، لذلك مدت الكتلة المعارضة يدها لأي مقترحات جدية تسهم في تجاوز الأزمة. وكشف رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة" المعارضة بالبرلمان سيف الدين مخلوف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الائتلاف دعي لاجتماع مع ممثلي الحكومة وعدد من مستشاري الفخفاخ حول مسألة التفويض قبل إحالة الصيغة النهائية على البرلمان. 

واقترح، تشكيل خلية أزمة صلب الحكومة، تضم ممثلين عن المجموعات النيابية ومستشاري الفخفاخ، مهمتها متابعة الوضع، إضافة إلى استشارتها في كافة المراسيم التي يعتزم رئيس الحكومة إعلانها.

وجاء الاجتماع مباشرة عقب مصادقة مجلس الوزراء على المشروع في انتظار إحالته، خلال الأيام المقبلة، للبرلمان. 

ومنذ دعوة الفخفاخ لتفعيل الفصل السبعين من الدستور التونسي، الذي يتيح تفويض سلطة التشريع لفائدته لمدة محدودة لا تتجاوز الشهرين، ولغرض معين، برزت موجة من الرفض واتهامات بمحاولة الاستحواذ على السلطات، ولم تعترض على المقترح أحزاب المعارضة فقط، وإنما بعض مكونات الائتلاف الحاكم على غرار حركة "النهضة". ويعود رفض "النهضة" إلى عدم وجود حجج مقنعة لتعليق عمل البرلمان وتفويض سلطاته للحكومة.


وفسّر القيادي في حركة "النهضة" محمد القوماني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "موضوع التفويض يطرح عدداً من التساؤلات، يتعلق أولها بالآجال القانونية والوقت الذي سيستغرقه إحالته على أنظار الجلسة العامة". وتابع أنه "لو كانت الحكومة تريد تمرير مشروعها في أقرب الآجال لأحالته قبل الجلسة العامة المقبلة".

وذكر القوماني أنّ "طلب التفويض لم يقترن بالحرب على فيروس كورونا، كما يحاول الكثير من الوزراء إيهام التونسيين به، وهذا طلب اقترحه الفخفاخ وفريقه من الأحزاب التي تم التشاور معها خلال فترة المشاورات الحكومية، وذكر في وثيقة التعاقد الحكومي، كما سبق أن طالب نواب مقربون من الفخفاخ بتفعيل هذه الآلية".

ويطرح ما سبق تساؤلاً بالنسبة لـ"النهضة" حول الخلفية السياسية للمقترح، وما إذا كان هذا التفويض فعلاً بغاية الحرب على فيروس كورونا أم لغايات آخرى، لا سيما أنّ الحكومة لم توضح بالحجج المقنعة ما الذي أعاق تنفيذ قراراتها وبالتالي أجبرها على طلب التفويض.

وأشار القوماني بحديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "مجلس النواب سلطة رقابية وتشريعية أصلية ولا يمكن أن يتخلّى عن صلاحياته خلال هذا الظرف الصعب، ولم تشهد مختلف برلمانات العالم الذي يعيش ذات الأزمة طلباً من أي من حكوماتها تفويضاً، وإنما عمدت إلى صيغ معدلة في العمل".

ولفت إلى أنّه "أمام البرلمان صيغ عديدة من داخل آلياته للتسريع في المصادقة على القوانين دون اللجوء للتفويض"، مشدداً على أنّ الموقف المبدئي للحركة هو باتجاه رفض التفويض، و"إذا عدل فإنه سيكون في اتجاه التفويض المحدد في الزمن وفي المضمون"، كما قال.


وتقاسم "النهضة" عدة أطراف سياسية أخرى قلقها من هذا المقترح، ومن المتوقع أن تكون هذه النقطة الموضوع الأساسي للحوار مع الحكومة في جلسة البرلمان، الخميس المقبل. 

ومن المرتقب أيضاً أن تطالب الكتل الفخفاخ بتفويض محدد زمنياً ومشروط بالاقتصار بالنصوص المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا.

ويرى "التيار الديمقراطي" الداعم للحكومة أنّ الظروف الاستثنائية تحتم اتخاذ إجراءات ورد فعل حينية على تطورات الوضع، ولا يمكن الرد بالسرعة المطلوبة إلا إذا تم التفويض لرئيس الحكومة بسن المراسيم اللازمة.

من جهته، بيّن رئيس "الكتلة الديمقراطية" هشام العجبوني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الفصل السبعين من الدستور نص على إمكانية إسناد صلاحية سن قوانين يقتضيها الظرف للحكومة في إطار المرونة وتسريع تسيير دواليب الدولة".

ويناصر التيار أيضاً رؤية التفويض المشروط، إذ "لا وجود لصك على بياض، التفويض مرتبط بمواجهة كورونا، ولا بد من استشارة الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي"، بحسب العجبوني، لافتاً إلى أنّ الحكومة "لا يمكن لها أن تستغل هذا التفويض لتمرير قوانين لا علاقة لها بمجابهة الفيروس، أو سبق أن تم رفضها أو أثارت جدلاً".

المساهمون