الروس والنظام يواصلان حرق القنيطرة... وعشرات الآلاف إلى العراء

الروس والنظام يواصلان حرق القنيطرة.. وعشرات الآلاف إلى العراء

17 يوليو 2018
النزوح مستمر باتجاه الجولان (مالك أبو عبيدة/الأناضول)
+ الخط -
على وقع استمرار موجة القتل في الجنوب السوري، بدا واضحاً أن المدنيين الهاربين من الموت، يسعون للاختباء في مناطق حدودية من الجولان المحتلّ، على اعتبار أن التواجد هناك، بالقرب من مقرّات الأمم المتحدة، وخلفها جيش الاحتلال الإسرائيلي، أكثر أماناً لهم، لأن النظام السوري، وبشهادة إسرائيلية، أكثر "الحلفاء" الميدانيين قرباً من إسرائيل، بدليل عدم إطلاقه أي رصاصة في الجولان المحتل منذ عام 1974. بالتالي فإن المدنيين واثقون من أن النظام لن يبادر إلى قصفهم وهم على الشريط الشائك، كي لا تطاول الشظايا قوات الأمم المتحدة أو جيش الاحتلال الإسرائيلي، في أكثر تجليات القضية السورية التي يدفع ثمنها المدنيين.

يتكرر اليوم في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة، بمحافظة القنيطرة جنوب سورية، سيناريو محافظة درعا الشهر الماضي، حيث يقوم الروس والنظام والمليشيات الموالية باعتماد القصف الناري الكثيف على مناطق عدة، ما يسبب حركة نزوح كبيرة بين المدنيين، بالتزامن مع قطع كل أنواع الدعم للفصائل والمدنيين في المنطقة، يليه فتح مفاوضات مناطقية مع البلدات والمدن ليرضخوا إلى تسويات هي أشبه باتفاقيات "استسلام". ويبدو واضحاً أن الهدف من الأسلوب الذي تتبعه كل من قوات النظام وروسيا لناحية كثافة القصف واتباع سياسة الأرض المحروقة، هو ترويع السكان وتحسين شروط التفاوض مع المعارضة التي بدأ يستفرد بمناطقها كل منطقة على حدة.

في هذا السياق، قال الناشط الإعلامي أبو محمد الحوراني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الطيران الروسي والقوات النظامية والمليشيات الموالية، واصلت يوم أمس الإثنين القصف المكثف لمناطق عدة في القنيطرة وما تبقى من ريف درعا الغربي، بعدما بدأت العمليات العسكرية يوم أول من أمس الأحد".

وبيّن أن "الغارات الجوية طاولت كلا من تل مسحرة وبلدة مسحرة، ونبع الصخر وكوم الباشا وتل الحارة، من دون ورود معلومات عن سقوط قتلى، خصوصاً أن تلك المناطق شهدت خلال الساعات الماضية حملات نزوح كبيرة"، لافتاً إلى أن "تل الحارة تعرضت لأكثر من 800 غارة جوية، وقرى عقربا ونبع الصخر ومسحره وتل مسحره، والمال وتل المال تعرضت لأكثر من 300 غارة، في حين سيطر النظام على بلدتي الطيحه وزمرين والحارة".

من جانبه، قال الناشط الإعلامي في منطقة الجولان بريف القنيطرة أبو عمر الجولاني، في حديث لـ"العربي الجديد"، "هناك جسر جوي للنظام على بلدات مثلث الموت نبع الصخر وكوم الباشا ومسحرة، وهذا بعد غياب لنحو أربع سنوات عن ريف القنيطرة". ولفت إلى أن "العمليات العسكرية تعتمد محورين رئيسيين في المعارك، محور بلدة مسحره بريف القنيطرة، ومحور بلدة الحارة بريف درعا الشمالي، الذي دخلها باتفاق. وهو ملاصق لريف القنيطرة، في حين العمليات العسكرية تبعد عن الشريط الشائك على حدود الجولان المحتل نحو 20 كيلومتراً".



وأوضح أن "الفصائل في ريف القنيطرة وريف درعا الشمالي قد توحّدت في غرفة عمليات جيش الجنوب، باستثناء هيئة تحرير الشام، التي تجمع مقاتلوها في القنيطرة، في وقت انقطع الدعم بشكل كامل عن الفصائل ومن كل الجهات".

وذكر ذات المصدر أن "الوضع الإنساني في تردٍ دائم فيما هناك حركة نزوح لعشرات آلاف المدنيين متواصلة باتجاه ريف القنيطرة الجنوبي وخاصة بلدة الرفيد، حيث يعتقد الناس أن قربها من الشريط الشائك ووجود نقطة للأمم المتحدة فيها قد تحميهم من القصف، فجميع أهالي ريف القنيطرة الشمالي وبلدات من الريف الشرقي وريف درعا قد نزحوا، في ظل وضع إنساني سيئ للغاية، فكثير من العائلات تفترش العراء، في ظل عدم توفر منازل أو مراكز إيواء تؤوي النازحين، كما يوجد نقص كبير بالمساعدات الإنسانية والأدوية". وبيّن أنه "إلى اليوم لم نسمع عن وجود مفاوضات بين الفصائل المسلحة والروس والنظام، في حين تعمل الفصائل على صد محاولات الأخيرين بالتقدم على حساب المناطق التي تسيطر عليها".

من جانبه، قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان" المعارض، على موقعه الرسمي، إن "منطقة مثلث الموت لا تزال تشهد استمراراً لعمليات القصف الجوي والصاروخي المكثف على مناطق فيها، وتواصل الطائرات الحربية والمروحية استهدافها بالغارات والبراميل المتفجرة منذ ما بعد منتصف ليل الأحد – الاثنين وحتى اللحظة، على أماكن في بلدتي عقربا والمال وتل المال وتل الحارة الواقعة في أقصى الشمال الغربي من محافظة درعا".

وأضاف أنه "كما تترافق الضربات الجوية المتواصلة مع معارك مستمرة بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من جانب، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب آخر، على محاور في أطراف ومحيط بلدة الطيحة، إذ إن المرصد السوري رصد تمكن قوات النظام من تحقيق مزيد من التقدم والسيطرة على بلدة الطيحة، مع تركز الاشتباكات الآن في محيطها من جهة بلدة المال، كذلك تمكنت قوات النظام من بسط سيطرتها على بلدة زمرين الواقعة في منطقة مثلث الموت أيضاً شمال غربي درعا، أما في القطاع الأوسط من ريف القنيطرة، فيشهد تل مسحرة الخاضع لسيطرة هيئة تحرير الشام، عمليات قصف صاروخي متواصلة تنفذها قوات النظام".



من جانبها، ذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام، عبر موقعها الرسمي، أن "وحدات من الجيش حررت عدداً من القرى بريف درعا الشمالي الغربي بعد القضاء على أعداد كبيرة من الإرهابيين".
ونقلت عن مصدر عسكري لم تسمّه قوله إن "وحدات من الجيش بالتعاون مع القوات الرديفة حررت قرى كفر شمس وأم العوسج والطيحة وزمرين بريف درعا الشمالي الغربي، بعد القضاء على أعداد كبيرة من الإرهابيين وتدمير أسلحتهم وعتادهم".

من جانبها، نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، عمن قالت إنه "قائد ميداني سوري"، قوله إن "الجيش السوري استعاد تل الحارة بعد ضربات جوية ومدفعية مكثفة أسفرت عن مقتل عدد كبير من مسلحي جبهة النصرة وفرار الباقين".

وسيطر النظام على قرى سملين وزمرين وتلتيها الشمالية والغربية ومنطقة خربة المليحة الواقعة على الطريق بين قريتي كفرشمس وعقربا، ومدينة الحارة بريف درعا الشمالي بعد انضمامها إلى عملية المصالحة. وقال قائد ميداني سوري لـ"سبوتنيك" إن "قوات الجيش السوري دخلت مدينة الحارة في ريف درعا الشمالي الغربي ضمن اتفاق مصالحة وطنية مع الجيش السوري برعاية روسية".

وكانت القوات النظامية والروسية قد بدأت حملة عسكرية واسعة النطاق في 15 يونيو/حزيران الماضي لدخول المنطقة الجنوبية من سورية، في ظل حديث متابعين وناشطين، أنها نتيجة ضوء أخضر إقليمي ودولي، إذ أن هناك توافقا دوليا على تسليم النظام جميع الأراضي السورية، للبدء فيما بعد بتطبيق حل سياسي يتناسب مع مصالح الدول الفاعلة في القضية السورية.