القضية الكردية تؤجج خلافات الأحزاب التركية قبل الانتخابات

القضية الكردية تؤجج خلافات الأحزاب التركية قبل الانتخابات

24 أكتوبر 2015
عاد "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري" للصدام مجدداً (هاكان غوكتيبي/الأناضول)
+ الخط -
تستعر السجالات الانتخابية التركية مرة أخرى، لكن هذه المرة حول مسألة القضية الكردية وعملية السلام مع حزب "العمال الكردستاني"، في وقتٍ تبقى مسألة نيل حزب "العدالة والتنمية" الغالبية الكافية للتفرّد بالحكم في البلاد أمراً خلافياً، وذلك قبل أيام من إجراء الانتخابات البرلمانية في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وبعد أن كان السؤال الأهم خلال الانتخابات البرلمانية الماضية في 7 يونيو/حزيران الماضي، هو ما إذا كان حزب "الشعوب الديمقراطي" (ذو الغالبية الكردية) سيتجاوز العتبة البرلمانية، بات السؤال الأهم في هذه الانتخابات، ما إذا كان "العدالة والتنمية" سيستطيع العودة للتفرّد بتشكيل الحكومة.

وفي هذا الصدد، تختلف الأرقام التي تقدّمها استطلاعات الرأي، لتبدو استعادة "العدالة والتنمية" مرحلة التفرّد بالحكم على حدّ السكين، الأمر الذي أكده وزير الطاقة السابق تانر يلدز، الذي يرى أنه "علينا أن نحقق أهدافنا بالتفرّد بتشكيل الحكومة مرة أخرى، وأتمنى أن نستطيع تحقيق ذلك، حتى لو تمّ الأمر عبر الحصول فقط على الحدّ الأدنى من عدد المقاعد الكافي لذلك".

وتترواح الأرقام التي تقدّمها استطلاعات الرأي لنسبة الأصوات التي سيحصل عليها "العدالة والتنمية"، وبينما تشير أقلّها تفاؤلاً إلى أن "العدالة والتنمية لن يحصل سوى على 40 في المائة من الأصوات، بالتالي سيحصل على 242 مقعداً"، يؤكد آخر استطلاع للرأي أجرته شركة "أو آر سي"، المعروفة باستطلاعاتها الموثوقة، أن "العدالة والتنمية رفع نسبة أصواته على حساب الحركة القومية (يميني متطرف)، وسيحصل على 44 في المائة من الأصوات، وبالتالي ستكون حصته 276 مقعداً برلمانياً". وهو عدد كافٍ من المقاعد لتمرير الحكومة بالتصويت على الثقة داخل البرلمان، بينما سيحصل حزب "الشعب الجمهوري" على 27.8 في المائة من الأصوات، أما حزب "الشعوب الديمقراطي" 11.4 في المائة، و"الحركة القومية" على 13.4 في المائة، ودائماً وفقاً لاستطلاع "أو آر سي".

اقرأ أيضاً: الطوروسيون البيض... يشعلون حملات الانتخابات التركية 

وعلى الرغم من التفاهم والتقارب الذي حصل بين الحزبين، أثناء محادثات تشكيل الحكومة الائتلافية، إلا أن الجدال اندلع بين "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري" (أكبر أحزاب المعارضة) مرة أخرى، إثر التصريحات التي أدلى بها زعيم "الشعب الجهوري"، كمال كلجدار أوغلو، الذي حمّل حكومة "العدالة والتنمية"، مسؤولية الهجمات التي تتعرّض لها البلاد اليوم.

ويشير كلجدار أوغلو إلى أن "الحكومة تذكّرت فجأة أن حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، بعد أن تجنّبت التعرّض له على مدار عامين، في أثناء ما أسمته بمفاوضات السلام". ويُضيف أنها "أعطت وعوداً للعمال الكردستاني". ويعمل كلجدار أوغلو على إحراج "العدالة والتنمية"، بينما يحاول استقطاب أصوات القوميين الأتراك. ويدعو "العدالة والتنمية" إلى "الإفصاح عن اللقاءات السرية التي أُجريت في العاصمة النرويجية أوسلو وجزيرة إمرالي التركية، بما في ذلك الوعود التي تم تقديمها للكردستاني". ويسأل "لماذا لم يتم الإفصاح عما دار في هذه اللقاءات، على الرغم أن قيادات العمال في جبال قنديل بكردستان العراق، يطالبونها بالإعلان عن هذه الوعود؟ يجب عليهم أن يكشفوا عن هذه الوعود". ويتابع "لقد اطّلعت شخصياً على وثائق عدة في هذا الصدد. أقول ذلك ولا أريد التطرق إلى التفاصيل، وأكتفي بالقول إن هناك وعوداً وتعهدات مقدمة للمنظمة الإرهابية، والحكومة ترزح تحتها".

لم يترك رئيس الحكومة المؤقتة أحمد داود أوغلو، كلام كلجدار أوغلو من دون ردّ، فدعاه لـ"الكشف عن هذه الوعود"، قائلاً "بما أننا لا نصرح، قم أنت وصرحّ بهذه الوعود. لا يناسب السياسي أن يتحدث من دون دراية". كما كان ردّ المتحدث باسم "العدالة والتنمية" عمر جيلك، أكثر حدّة، عندما دعا كلجدار أوغلو لـ"الإفصاح عن هذه الوعود، وأن يستقيل في حال لم يستطع ذلك".

ولم تمضِ ساعات حتى خرج نائب رئيس حزب "الشعب الجمهوري" والمتحدث باسمه، خلوق كوج، ليكشف عن أوراق عدة تمثل التفاهمات التي حصلت بين الحكومة التركية و"العمال الكردستاني" عام 2009 في أوسلو، المكوّنة من مدخل من ثلاث فقرات وتسعة بنود، تمّ التوقيع عليها من قبل ممثلين عن الدولة، كما تمّ حفظها في أرشيف الدولة.

ويتضمن الجزء التمهيدي لهذه الوثيقة: "تأكيد الطرفين على ضرورة مواصلة المحادثات، واعتماد الحوار والمفاوضات باعتبارها السبيل الأساسي في حل القضية الكردية، وفق مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة. كما يتعهد الطرفان العمل على إنهاء الأمر ضمن إطار قانوني ودستوري، آخذين بعين الاعتبار الورقة التي قدمها زعيم العمال عبد الله أوجلان. وأبديا التزامهما بالعمل على ترشيح الأسماء للجان الثلاث، التي اقترحتها ورقة أوجلان، وهي مجلس دستوري ومجلس السلام ولجنة الحقيقة والعدالة".

يُذكر أن الهدنة التي أعلنها "العمال الكردستاني" إثر اتفاق أوسلو، انهارت بعد كشف الاتفاق، واتهام المعارضة بما في ذلك "الشعب الجمهوري"، الحكومة حينها بـ"التفاوض مع الإرهاب"، لناحية أن مقاربة "العدالة والتنمية" في التفاوض مع "الكردستاني" شكّلت خرقاً كبيراً لأسلوب "الإنكار" الذي ميّز السياسة التركية لعقود في التعامل مع القضية الكردية.

اقرأ أيضاً: الخطة الأوروبية التركية لاحتواء أزمة اللاجئين: تنازلات والتزامات