تمدّد اعتصامات الصدريين يربك العراق أمنياً وسياسياً

تمدّد اعتصامات الصدريين يربك العراق أمنياً وسياسياً

20 مارس 2016
اعتصامات الصدريين مستمرة (صباح أرار/فرانس برس)
+ الخط -
تدخل اعتصامات أنصار التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، يومها الثالث على التوالي، في ثلاثة مواقع مختلفة تحيط المنطقة الخضراء، في العاصمة العراقية بغداد، وسط إجراءات أمنية مشددة. وأدّى الاعتصام ضد الحكومة العراقية تحت شعار "الإصلاح السياسي والمعيشي"، إلى شلّ حركة المرور من وإلى المنطقة الخضراء التي تضم مقرات الحكومة، والبرلمان، والبعثات الدولية.

وفي اليوم الثاني من الاعتصامات، ضاعف أنصار الصدر، أمس السبت، عدد خيمهم أمام البوابات الرئيسية لتصل إلى نحو ستين خيمة حَوَت المئات من أنصار الصدر. وانضمّت إليهم، أخيراً، شخصيات دينية، واجتماعية، والعشرات من أفراد التيار المدني الحر الذي يضم الحزب "الشيوعي" العراقي، والحركة المدنية المستقلة. وامتدت الاعتصامات إلى محافظتَي بابل وكربلاء، أهم معاقل التيار الصدري جنوب العراق، بشكل ينذر بتوسع حركة الاعتصامات والاحتجاجات ضد الحكومة التي بدت أكثر من قلقة خلال الساعات الماضية من خلال تصريحاتها، وعمليات النقل والتجميد في صفوف القيادات العسكرية العليا.
 

في هذا السياق، يقول القيادي في التيار الصدري، الشيخ حسن الدراجي، إن "الاعتصامات ثابتة أمام المنطقة الخضراء إلى حين الإصلاح الحقيقي والجذري". ويوضح الدراجي لـ"العربي الجديد" أنّ "قوات الأمن ابتعدت، أمس السبت، عن خيم المعتصمين، لكنها تفتّش الداخلين والخارجين بدعوى الحذر من دخول انتحاريين". ويصف القيادي نفسه موقف الجيش بـ"الجيد"، منتقداً لجوء رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي إلى إقالة وتجميد قيادات عسكرية، بسبب تهاونهم مع المتظاهرين والمعتصمين"، على حد قوله.

من جهته، يتحدث مصدر برلماني عراقي عمّا اعتبره "شللاً كبيراً بالحركة من وإلى المنطقة الخضراء بسبب الاعتصام"، مؤكّداً لـ"العربي الجديد" أنّ "أعضاء البرلمان وعدداً من الوزراء استخدموا طريقاً يمر من جوار وزارة التخطيط السابقة على نهر دجلة، ثم استخدموا باباً صغيراً خاصاً بأفراد وعناصر الأمن للدخول إلى مكاتبهم ومزاولة أعمالهم". ويضيف أنّ هذه الخطوات شملت عدداً من الوزراء المتهمين بالفساد وبالتصريحات المعادية للتيار الصدري، خصوصاً أنصار وأعضاء حزب الدعوة الذي يقوده نائب رئيس الجمهورية العراقي، نوري المالكي"، وفقاً للبرلماني ذاته.

وفي ظلّ تمدّد حركة الاحتجاجات تدريجياً إلى الجنوب العراقي، نظّم العشرات من أنصار الصدر اعتصاماً مفتوحاً أمام مبنى محافظتَي بابل وكربلاء، قابلته القوات العراقية باستخدام الهراوات وخراطيم المياه لتفريق المعتصمين، ما أدّى إلى إصابة عدد من المعتصمين بجروح، بحسب ناشطين. ويؤكد هؤلاء لـ"العربي الجديد" أنّ المعتصمين عادوا إلى مكانهم بعد ساعات، لكن بعدد أقل وسط منع قوات الأمن وسائل الإعلام من تغطية الأحداث. وضع دعا الصدر إلى إصدار بيان انتقد فيه وسائل الإعلام "في سوء تغطيتها" لحراك أنصاره.

اقرأ أيضاً نِزال الصدر و"الدعوة": شلل بغداد في معركة الحليفَين
 
من جانبه، يقول الناشط حيدر الحلي إنّ "القوات العراقية بدأت بتحشيد قواتها ونشر قوات مكافحة الشغب في بابل وكربلاء لمواجهة المعتصمين. كما صدرت أوامر عليا بفض الاعتصامات بالقوة، لكننا مستمرون بالاعتصام السلمي حتى تحقيق مطالبنا".
ويبيّن الحلي لـ"العربي الجديد" أنّ "كبار السياسيين الفاسدين في الحكومة العراقية يحاولون منعنا من حقنا في التظاهر والاعتصام السلمي خشية فضحهم، وكشف فسادهم. فهم لا يريدون ترك المناصب ولو كلّفهم ذلك قتل الشعب العراقي كله"، على حدّ تعبيره.

من جهتهم، يوضح متظاهرون في كربلاء أنهم مستاؤون من وعود السياسيين التي وصفوها بـ"الكاذبة"، مطالبين بالإصلاح. ويلفت الناشط  قاسم الكربلائي إلى أن "المتظاهرين في عموم البلاد لم يجدوا أي استجابة من السياسيين لمطالبهم منذ انطلاق التظاهرات، على الرغم من بساطة المطالب التي لا تخرج عن ضرورة الإصلاحات السياسية، ومكافحة الفساد، ومحاسبة المفسدين".

ويحمل الصدر وأنصاره لائحة طويلة من المطالب للحكومة يتصدرها مطلب تسمية وزراء مستقلين، فضلاً عن تقديم المتورطين بالفساد للقضاء، وإنهاء ظاهرة الوكالة في تسمية مسؤولي المؤسسات الحكومية والهيئات المستقلة التي تدار بهذا الشكل منذ خمس سنوات. إلّا أنّ قيادات عراقية تؤكد أنّ الصراع في جزء منه سياسي داخلي بين حزب "الدعوة" الذي يتزعمه نوري المالكي والصدر الحليفَين في التحالف الوطني العراقي. وقابلت الكتل السياسية في البرلمان العراقي خطة العبادي الإصلاحية بالرفض بعد الكشف عن تورط قادة تلك الكتل وزعمائها بملفات فساد كبيرة كان يمكن أن تسفر عن الإطاحة بهم وإحالتهم إلى المحاكمة.

ويرى مراقبون أنّ استمرار المتظاهرين بالمطالبة بالإصلاحات وتحويل تظاهراتهم إلى اعتصامات مفتوحة، يأتي لعجز العبادي عن تحقيق مطالبهم ومحاسبة الفاسدين في الدولة. وتصاعدت دعوات الصدر منذ نحو شهر للتظاهر في بغداد والمحافظات، تطورت إلى إقامة اعتصام مفتوح أمام المنطقة الخضراء والمجالس المحلية في باقي المحافظات. وأعطى الصدر سابقاً مهلة للحكومة مدتها 45 يوماً لإجراء الإصلاحات الشاملة في العملية السياسية ومحاسبة الفاسدين في البلاد.
في المقابل، واجه زعيم التيار الصدري انتقادات شديدة من سياسيين ومراقبين طالبوه بإقالة الوزراء والنواب التابعين له قبل المطالبة بمحاسبة الآخرين، على حدّ وصفهم.

اقرأ أيضاً: العبادي يجمد عمليات بغداد لتساهلها مع متظاهري التيار الصدري