تغريم الرئيس التونسي بعد خسارته قضية ضدّ مواطن

ديمقراطية تونس: تغريم الرئيس السبسي بعد خسارته قضية ضدّ مواطن

28 يناير 2019
اتهم السبسي دغيج بالتحريض عليه(Getty)
+ الخط -
ألزم القضاء التونسي، الرئيس الباجي قائد السبسي، بدفع غرامةٍ مصاريف وأتعاب التقاضي، بعد خسارته قضية رفعها ضد مواطن، في سابقة لم يعرف لها مثيل عربياً وحتى دولياً لرئيس دولة، ما دفع سياسيين للإشادة مجدداً بعملية الانتقال الديمقراطي التونسي.

وخسر السبسي دعوى قضائية رفعها ضد عماد دغيج، أحد أفراد من عرفوا غداة "ثورة الحرية والكرامة" بـ"رجال الثورة" أو بزعيم "رابطة حماية الثورة التونسية"، حيث اتهمه الرئيس بارتكاب جريمة التحريض على رئيس الدولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وتقدم الرئيس التونسي بقضية ضد دغيج إلى النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، حيث اشتكى فيها من التهديدات التي يتعرض لها من طرف المدعو "عماد دغيج"، الذي كان يتزعم وينشط ضمن ما عرف بـ"رابطة حماية الثورة"، معتمداً على تعليقات ومقاطع الفيديو التي ينشرها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

واشتكى السبسي من الضرر الذي لحق بشخصه، ومن التهديدات التي تمس سلامته وسلامة عائلته من خلال التجييش والتحريض ضده.

ودانت المحكمة الابتدائية بتونس، في بادئ الأمر دغيج، مصدرة ضدّه حكماً بالسجن بحقه، مع تأجيل التنفيذ، لكنه اعترض على الحكم وقام باستئنافه، لتحال القضية على الدائرة الجنائية لمحكمة الاستئناف بتونس، التي نظرت فيها وأصدرت نهاية الأسبوع الماضي حكماً ببراءة المشتكى عليه وعدم سماع الدعوى في حقه، مع تحميل الشاكي مصاريف القضية.

وأعلن دغيج عبر صفحته في موقع "فيسبوك" أنه تم الحكم نهائياً لفائدته ابتدائياً واستئنافياً بعدم سماع الدعوى، مضيفاً أنّه تم استدعاؤه لحضور جلسة أخرى للقضيّة يوم الثلاثاء المقبل، بعدما قام الوكيل العام بالتعقيب من أجل حفظ حقّ المتهم.


واعتبر سياسيون أن القضية تتجاوز البعد القضائي الى أبعادٍ سياسية، كمثال ونموذج لنجاح الديمقراطية التونسية، من خلال استقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية ونزاهة القضاء الذي إنحاز للقانون وليس لسلطة رئيس الدولة كما كان سابقاً، معتبرين أن هذه القضية على رمزيتها تعد درساً تونسياً في الديمقراطية.

وفي هذا الإطار، اعتبر بشير النفزي، النائب المؤسس والقيادي بحزب "حراك تونس الإرادة" الذي يتزعمه الرئيس السابق المنصف المرزوقي، أن "هذا مشهد لا يمكن أن تراه في أي بلد عربي...فقط للتنويه، ليس لأن الرئيس ديمقراطي (هو أبعد من ذلك بسنوات ضوئية)... ولكن القضاء في بلادي مستقل وشرفاء القضاء يخطون ملحمة إعلاء مؤسسات الدولة وهيبة مواطنيها"، بحسب قوله.

ورأى النفزي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ما حصل "ليس بالهين، فرئيس الجمهورية التونسية يرفع قضية ضد المواطن التونسي عماد دغيج..رئيس الجمهورية يخسر القضية ويجبره القضاء على تحمل مصاريف وأتعاب التقاضي".

ولفت النفزي بحديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن تزامن الحكم مع إحياء التونسيين للذكرى الخامسة لمصادقة المجلس الوطني التأسيسي على دستور الثورة يذكرنا بما تضمنه الدستور الجديد من حقوق وحريات مكفولة للفرد ومكرسة في نظام جمهوري ديمقراطي في دولة مدنية مقامة على نظام الفصل بين السلطات الثلاث مضبوطة الصلاحيات تراقب بعضها البعض دون أي تجاوز.

من جهته، قال جمال الطوير، رئيس "لجنة الهيئات الدستورية" في "المجلس التأسيسي" سابقاً (أول برلمان بعد الثورة): "أعطوني دولة عربية واحدة يربح فيها مواطن عادي قضية ضد رئيس الدولة"، موجهاً "تحية إكبار وتقدير للقضاء التونسي المستقل الذي انخرط في مسار الثورة"، وداعياً الى أن يحذو حذوه الإعلام وبقية المؤسسات.

وأخيراً، رأى مختار اللموشي، نائب رئيس مجلس شورى حزب "النهضة"، أن هذه الممارسة الديمقراطية "هي إجابة لمن لا يزالون يطرحون سؤالاً ما إذا كانت الحال قبل الثورة أفضل مما بعدها"، مؤكداً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "حق المواطن وكرامته اليوم مكفولان حتى في خلافه مع أعلى هرم الدولة، والتونسي اليوم محمي بالقانون وبالدستور والقضاء هو الفيصل في جميع النزاعات".