نتنياهو يلوح بانتخابات جديدة لضمان تأييد غانتس لمخطط الضم

نتنياهو يلوح بانتخابات جديدة لضمان تأييد غانتس لمخطط الضم

22 يونيو 2020
لا يملك غانتس أوراقاً حقيقية بمواجهة نتنياهو(مناحيم كهانا/فرانس برس)
+ الخط -
عاد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى النفخ في قربة الذهاب إلى انتخابات جديدة في حال لم يصوّت حزب "كاحول لفان" بقيادة الجنرال بني غانتس إلى جانب مقترحات فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن، والتي يعتزم نتنياهو، بحسب تصريحات له، الأسبوع الماضي، الاتجاه إليها كخطوة أولى ضمن مخطط الضم، وبمعزل عن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المعروفة بـ"صفقة القرن"، والهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.

وجاء الكشف عن تهديد نتنياهو من خلال نشر تقرير موسع في صحيفة "يسرائيل هيوم" التي يملكها الثري الأميركي شلدون إيدلسون، وتعمل بتنسيق تام مع مكتب نتنياهو. ولم يكتفِ نتنياهو "بتسريب" تهديده لرئيس "كاحول لفان" بني غانتس، إما تأييد فرض السيادة أو الذهاب لانتخابات جديدة، علماً أن خبراً مشابهاً كان قد نُشر الأسبوع الماضي بشأن الذهاب إلى انتخابات جديدة في حال استمر الشلل في عمل الحكومة الحالية، بل تعدى موتي توخفيلد، الذي نشر الخبر في "يسرائيل هيوم"، إلى التذكير مجدداً بأن الاثنين كانا، حتى فتح صناديق الاقتراع في الانتخابات الأخيرة، يصوران نفسيهما بأنهما يمثلان تيار الوسط في إسرائيل، ولم يخفيا مواقفهما البعيدة عن مواقف معسكر اليمين في إسرائيل، كما أنهما أيدا خطة ترامب، ولكن نتنياهو أصر خلال مفاوضات تشكيل الحكومة على عدم منح غانتس حق الفيتو على خطة الضم.

ولم يتوقف النفخ والتلويح بورقة الانتخابات على التقرير المذكور، بل عاد وزير الطاقة يوفال شطاينتس، المقرب من نتنياهو، ليؤكد في مقابلة إذاعية أنه في حال رفض غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي تأييد فرض السيادة على المستوطنات فليس هناك من مبرر لبقاء حكومة الوحدة الحالية.

وتأتي تصريحات شطاينتس، وحرص وزراء حزب "الليكود" ونتنياهو نفسه على الحديث عن "فرض السيادة" على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وليس خطوة الضم الكاملة المنصوص عليها في خطة ترامب - نتنياهو، للتأكيد على أن خطوة نتنياهو المقبلة لن تكون عرض خطة ترامب على الكنيست لإقرارها كأساس للخطوات المقبلة، وذلك بفعل وجود معارضة داخل حزب "الليكود" نفسه للبنود التي تتحدث عنها خطة ترامب، بما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية وفق الخطة الأميركية. كما يهدف هذا الأمر إلى تجنّب اضطرار نتنياهو إلى الإعلان رسمياً عن معارضته لبنود الخطة الأميركية المتعلقة بدولة فلسطينية، علماً أنه سبق له التأكيد أن ما ستتمخض عنه الخطة هو كيان سياسي فلسطيني على شكل حكم ذاتي يصفه ترامب بأنه دولة.

ويبدو أن نتنياهو الذي بدأ يواجه توجهاً جديداً من الإدارة الأميركية يتمثل بتحفظات في البيت الأبيض على نيّته تطبيق مخطط الضم أولاً، يحاول تحريك ملف الانتخابات بهدف تحميل معسكر غانتس عدم تنفيذ وعوده الانتخابية بشأن الضم. وعلى الرغم من أنه بمقدور نتنياهو أن يمرر مخطط فرض السيادة على المستوطنات المعزولة وحتى على الكتل الاستيطانية الكبيرة لامتلاكه، حتى من دون أصوات حزب "كاحول لفان"، أغلبية 61 صوتاً في الكنيست لتمرير أي مقترح بهذا الاتجاه، إلا أن الإقدام على مثل هذه الخطوة من دون "إجماع" وموافقة "كاحول لفان" سيثير رفضاً أميركياً رسمياً للخطة، لا سيما أن الولايات المتحدة تشترط أن تحظى خطة ترامب الرسمية بإجماع داخل الحكومة الإسرائيلية، وليس فقط موضوع فرض السيادة على مستوطنات مختلفة.


في المقابل، فإن مجاهرة نتنياهو ووزراء في حكومته بشأن اشتراط بقاء الحكومة بتأييد مقترحات فرض السيادة، تؤشر في ظل الاستطلاعات الأخيرة في الشهرين الماضيين، إلى أن نتنياهو لا يُسقط من خياراته الذهاب إلى انتخابات رابعة، لا سيما إذا تبيّن له أن ذلك سيساعده في ملفه القضائي أمام المحكمة الإسرائيلية. وكانت استطلاعات إسرائيلية قد أشارت في الأسابيع الأخيرة إلى أنه في حال جرت انتخابات جديدة فإن "الليكود" بقيادة نتنياهو سيحصل على 30-31 مقعداً، بينما يتراجع حزب "كاحول لفان" بقيادة بني غانتس إلى 12 مقعداً في أحسن الأحوال، مع قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة ائتلاف من 64 مقعداً.

وتشير هذه التطورات، لا سيما مجاهرة وزراء في "الليكود" بخيار الانتخابات، إلى أن نتنياهو يسعى لممارسة ضغوط على غانتس لقبول خطط الضم الجزئية الآن، على اعتبار أن الأخير لا يملك أي خيار آخر، في حال تم حل الحكومة. ويبني نتنياهو تهديده هذا على ثغرة في الاتفاق الائتلافي مع "كاحول لفان"، تمكّنه من حل الحكومة والاحتفاظ بمنصب رئيس حكومة تصريف الأعمال خلال المعركة الانتخابية المقبلة، إذا كان سقوط الحكومة يأتي على خلفية عدم تمرير قانون الميزانية العامة للدولة. وهو ما جعل غانتس يعلن استعداده للقبول بخطة الضم في حال وافق نتنياهو على تمرير ميزانية لعامين، تتيح لغانتس الوصول إلى موعد تسلم رئاسة الحكومة وتنفيذ اتفاقية التناوب في نوفمبر/تشرين الثاني من العام المقبل.

مع ذلك وبمعزل عن التحركات والأزمات الداخلية في حكومة الاحتلال، فإن تصريحات مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، الإثنين، بأن إسرائيل ستأخذ بعين الاعتبار التصريحات الصادرة عن دول عربية ضد ضم مناطق واسعة في الضفة الغربية من أجل المحافظة على أسس خطة السلام المقترحة، تشير إلى احتمال تنفيذ مخططات الضم بشكل جزئي، في سياق محاولات تخفيف حدة لهجة دول عربية خليجية.

تلويح نتنياهو بالانتخابات سيتكرر في الأسبوع الحالي سواء ورد ذلك على لسانه مباشرة أم عبر مقربين منه ووزراء من "الليكود" لمضاعفة الضغوط على غانتس، الذي يبدو أنه لا يملك أوراقاً حقيقية في مواجهة نتنياهو وذلك على الرغم من أن غانتس يجري اتصالات مباشرة مع جهات في الإدارة الأميركية، إلا أنه من المستبعد أن يغامر بانتخابات جديدة، وقد يكون تهديد نتنياهو ذريعة للتراجع عن شروطه المعلنة لتأييد الضم ومنها التزام مطلق بخطة ترامب بما في ذلك الشق الذي يتحدث عن "دولة فلسطينية".

المساهمون