عام من الحراك الطلابي بالجزائر: مظاهرات بالعاصمة وعدة مدن

عام من الحراك الطلابي بالجزائر: مظاهرات حاشدة في العاصمة وعدة مدن

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
25 فبراير 2020
+ الخط -
لم يكد الجزائريون ينتهون من جمعة الاحتفاء بالذكرى الأولى لاندلاع الحراك الشعبي، والتي شهدت مظاهرات حاشدة في العاصمة وأغلب المدن الجزائرية، حتى كان الحراك الطلابي في الموعد اليوم الثلاثاء لإحياء ذكرى مرور عام على دخول الطلبة على خط الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ورفضاً لترشحه لولاية رئاسية خامسة حينها.

"لكل جيل ثورته وهذه ثورتنا"، هذا شعار احتفظت به الطالبة نجيبة صمايلي من طلبة كلية الحقوق في العاصمة الجزائرية منذ عام. 

ثورة الطلبة

تقول نجيبة لـ"العربي الجديد" إنها كانت تفكر منذ أيام مع رفاقها بشأن كيفية التحضير للاحتفال بالذكرى الأولى لانطلاق الحراك الطلابي في 26 فبراير/ شباط 2019، أي أربعة أيام بعد اندلاع المظاهرات الشعبية في كامل البلاد، "ثم وجدت أنني مازلت احتفظ بالشعار الذي رفعته في أول مظاهرة نظمناها كطلبة في كلية الحقوق في منطقة سعيد حمدين أعالي العاصمة الجزائرية، فقررت أن أعود به اليوم للتظاهر إحياء للذكرى، وتجديدا للعهد".

وتعتبر نجيبة، كما غيرها من الطلبة، أن التحاق الطلبة بثورة الشعب في فبراير هي "حلقة أخرى واجبة، واستدعاء لقصة مغادرة الطلبة الجزائريين لمقاعد الدراسة عام 1956 للالتحاق بثورة التحرير"، مؤكدة: "لم يكن ممكنا لنا كطلبة والشعب يثور ضد محاولة إهانته بترشيح رئيس مريض ومغيب عن الوعي، وهيمنة الكارتل المالي على مقدرات البلاد، أن نبقى بعيدين عما يحدث، وكان لزاماً علينا أن نتخذ الموقف الصحيح، وقد اتخذنا القرار الصحيح حينها أن ننحاز إلى الثورة".

في تلك الفترة كان نشطاء الحراك أسبق من النظام بخطوة، عندما نجحوا في نقل الحراك من الشارع إلى الجامعة، إذ كان الوقت قد فات السلطة التي حاولت عبثاً اللحاق بالوضع والسيطرة عليه، فقررت بشكل غير مسبوق تسريح الطلبة إلى عطلة إجبارية وغلق الجامعات والمدن الجامعية، لكن ذلك كان "قراراً غير موفق، لأن السلطة ساعدت الحراك من حيث لا تحتسب، ونقلت كتلة من الطلبة إلى بلداتهم، بحيث كانت لهم فرصة تأطير الحراك المحلي"، يوضح الناشط الطلابي بورحلة ياسين.

وبقدر ما أخطأت السلطة في تقدير الحجم الحقيقي لمظاهرات 22 فبراير/ شباط 2019، فإنها أخطأت أيضاً في تقدير تداعيات انتقال الحراك إلى الجامعة، بحيث صارت في مواجهة حراك شعبي كل جمعة وحراك طلابي كل يوم ثلاثاء، ومازال مستمرا حتى الآن.

 

تظاهرات وتعزيزات أمنية

وخرج الآلاف من الطلبة والمواطنين اليوم في مسيرات عبر العاصمة ومدن جزائرية، وسط تعزيزات أمنية انتشرت على مستوى كل الشوارع الرئيسية وسط العاصمة من ساحة الشهداء الى شارع العربي بن مهيدي، مع إغلاق تام للنفق الجامعي بشاحنات الشرطة لمنع المتظاهرين من التوجه نحو  ساحة أودان.

وتجمع الطلبة في ساحة الشهداء المقابلة لمسجد "كتشاوة"، أحد أبرز مساجد الجزائر، قبل أن ينطلقوا نحو ساحة البريد المركزي عبر شارع باب عزون والعربي بن مهيدي، رافعين الأعلام الوطنية ومرددين شعارات تطالب باستقلالية العدالة، ورافعين صور عدد من الناشطين المعتقلين الذين مازالوا في السجون، ككريم طابو وإبراهيم لعلامي وفوضيل بومالة، الذي كان قد قدم مرافعة تاريخية خلال جلسة محاكمته الأحد الماضي، أو الذين مازالوا قيد الملاحقة القضائية والتضييق.  

وكان لافتاً اليوم عودة الشعارات الأولى للحراك الشعبي، والتي تندد بما يصفها المتظاهرون بـ"العصابة والفساد"، وتطالب بتحرير العدالة من الضغوط والهيمنة السياسية.

وقال الطالب بجامعة بوزريعة سعيد مهني، لـ"العربي الجديد": "مازلنا نتابع أخبار المحاكم وقضايا الناشطين. الرئيس تبون يقول إن التظاهر ظاهرة صحية وديمقراطية، بينما المحاكم مازالت توجه تهمة التجمهر غير المرخص للناشطين. كيف نفسر هذا الأمر والتناقض؟". 

وأوضح: "هذا يبين بالنسبة لنا أن السلطة التي تتحكم في العدالة ليست هي السلطة التي يديرها تبون، والقضاء مازال يسير بالهاتف (يقصد بالتعليمات)".



ورفع المتظاهرون شعارات مناوئة لجنرالات الجيش والمطالبة باستبعاد المؤسسة العسكرية عن مراكز صناعة القرار "دولة مدنية وليس عسكرية"، إضافة إلى شعارات تؤكد على الوحدة الوطنية ورفض إثارة النعرات بين الجزائريين، والتطلع إلى إقامة "دولة ديمقراطية في إطار المبادىء الإسلامية". 

وحاولت قوات الأمن منع المتظاهرين من الطلبة والمواطنين من الوصول إلى البريد المركزي، وهو ما دفع بالمحتجين إلى التمسك والبقاء بالقرب من ساحة أودان ورفض المغادرة مرددين شعار: "احنا ولاد عميروش ( أحد شهداء ثورة التحرير) إلى الوراء ما نرجعوش" ( لن نعود)، مع تسجيل احتكاك طفيف بين الشرطة والطلبة بسبب رفض السماح للمتظاهرين بالتوجه إلى ساحة البريد المركزي.

وأعلن المتظاهرون عن توجه جديد لتنظيم مسيرات شعبية كل يوم سبت، لتصبح أيام التظاهر ثلاثة أيام في الأسبوع، بعد تجربة الأسبوع الماضي التي شهدت مظاهرات يومي الجمعة والسبت، ما سيزيد متاعب جديدة للسلطة، ويرهق أكثر قوات الأمن التي تراقب المظاهرات منذ سنة.

وفي مدينة بجاية، خرجت اليوم مظاهرات طلبة شارك فيها الأساتذة الجامعيون للمطالبة بتغيير النظام وبناء دولة العدالة والديمقراطية، كما خرجت مظاهرات طلابية في مدينة تيزي وزو للمطالبة بالتغيير السياسي وحرية التعبير. 

وجاب طلبة تلمسان شوارع المدينة للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي، ورافع طلبة جامعة وهران غربي البلاد لصالح إطلاق مسار انتقال ديمقراطي في البلد.

حراك مستمر

ويعتقد الناشط السياسي سعيد مرسي أن استمرار الحراك الطلابي هو "أمر بالغ الأهمية في مسار الثورة الشعبية، وأكثر أهمية من مسيرات الجمعة"، موضحا أن "مظاهرات الطلبة تؤكد بالدرجة الأولى وجود مستوى من الوعي الذي تكرس خلال عام، لكن الأكثر أهمية أن مظاهرات الطلبة تبرز أن هذا الجيل مهتم ويركز على مستقبله، وأكثر تمسكا بصياغة هذا المستقبل، وفقا لما يراه، بخلاف الجيل السابق".

وأضاف مرسي، الذي كان أول مراقب عام لـ"إخوان الجزائر"، أن "إيمان الطلبة بالقضية الديمقراطية مسألة هامة جداً، وتوضح أن الثورة الشعبية بلغت حداً لا يمكن أن تتراجع عنه حتى تحقيق المطالب أو وضع البلد على سكة الانتقال الديمقراطي".

ذات صلة

الصورة
الانتخابات البرلمانية المبكرة في الجزائر (العربي الجديد)

سياسة

فتحت مكاتب الاقتراع في الجزائر أبوابها في الثامنة من صباح اليوم السبت، وبدأ الناخبون الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات النيابية المبكرة لانتخاب 407 نواب في البرلمان، والتي تأتي بعد قرار الرئيس عبد المجيد تبون حل البرلمان في منتصف فبراير الماضي.
الصورة
سياسة/احتجاجات الجزائر/(العربي الجديد)

سياسة

نظّم الحراك الشعبي في الجزائر، الجمعة، سلسلة من المظاهرات في العاصمة وعدة مدن جزائرية، ردد فيها المتظاهرون شعارات مناوئة للسلطة ورافضة لإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة، وتطالب خاصة بالإفراج الفوري عن الناشطين الموقوفين في السجون.
الصورة
الجزائر/جنازة عميد الحركة الحقوقية علي يحيى عبد النور/العربي الجديد

سياسة

تعرّض ممثلون لرئاسة الجمهورية في الجزائر لملاحقة حادة من قبل ناشطين غاضبين، خلال تشييع جنازة عميد الحقوقيين وفقيد الحركة الحقوقية في البلاد علي يحيى عبد النور.
الصورة
مظاهرات الجزائر (العربي الجديد)

سياسة

تجددت اليوم في العاصمة وعدة مدن جزائرية تظاهرات الحراك الشعبي، للتعبير عن التمسك بالمطالب السياسية المعلنة للحراك منذ تظاهرات فبراير/شباط 2019، ومطلب تحرير الناشطين الموقوفين في السجون، وهو ما ركزت عليه التظاهرات الأخيرة، بالإضافة إلى رفض الانتخابات.

المساهمون