ميركل في القاهرة... ملفا المنظمات والاستثمار يقلقان النظام

ميركل في القاهرة... ملفا المنظمات والاستثمار يقلقان النظام

القاهرة

العربي الجديد

العربي الجديد
02 مارس 2017
+ الخط -
يستعد نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لاستقبال المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الخميس، بمشاعر متراوحة بين القلق من إثارة الخلافات العالقة بين الجانبين، والتفاؤل بما يمكن الاستفادة منه، خصوصاً في المجال الاقتصادي، والحصول على دعم سياسي ومالي مقابل الصورة التي يسوقها النظام لنفسه كطرف قوي وقادر على صناعة الفارق في الأزمة الليبية. وتقول مصادر دبلوماسية مصرية إن السفارة الألمانية في القاهرة أبلغت وزارة الخارجية المصرية أن ميركل مهتمة بسماع توضيحات السيسي في ملفين رئيسيين: الأول هو مستقبل العمل الحقوقي والعام في مصر، وسبل تيسيره أمام المنظمات الرسمية الألمانية بما يتعلق بالمساعدة التنموية في المجالات الاجتماعية والتعليمية والثقافية. أما الملف الثاني فيتعلق بالصعوبات التي يواجهها رجال الأعمال الألمان في الاستثمار بمصر، من تدخلات للأجهزة الأمنية والبيروقراطية، إلى حد تراجع ترتيب ألمانيا على قائمة الدول المستثمرة في مصر إلى المرتبة العشرين.

ففي الملف اﻷول، وعلى الرغم من تعهدات السيسي لوزيري الداخلية واﻻقتصاد اﻷلمانيين، اللذين زارا القاهرة في ربيع العام الماضي، بتسهيل عمل المنظمات اﻷلمانية الحقوقية داخل مصر، إﻻ أن رفض الجهات المختصة، ومنها وزارة الخارجية، تجديد مقر منظمة "فريدريش ناومان" في القاهرة، دفع وزارة الخارجية اﻷلمانية إلى استدعاء السفير المصري، وإبلاغه رسالة شديدة اللهجة، مفادها أن برلين ليست مرتاحة للتصرفات المصرية القائمة على تضييق المجال العام بصفة عامة، وعلى منظمات ألمانية بصفة خاصة. وتشمل قضية التمويل اﻷجنبي لمنظمات المجتمع المدني، التي يحقق فيها القضاء المصري حالياً، وقائع خاصة بمنظمتين هما "كونراد أديناور" و"فريدريش ناومان"، ما دفع المنظمة اﻷولى إلى مغادرة مصر، بعد مداهمة مكتبها وتقديم عدد من أفرادها للمحاكمة وصدور حكم غيابي ضدهم، كما اضطرت المنظمة الثانية إلى ترك القاهرة وتدشين مقر إقليمي جديد في اﻷردن.

وﻻ تقتصر المشاكل على ذلك، بل إن السلطات المصرية أعاقت أيضاً عمل هيئة التنمية اﻷلمانية العالمية، وضيقت على بعض مشروعاتها في محافظات الصعيد، ما أثار غضب برلين، وﻻ سيما أن هذه الهيئة حكومية، وليست تابعة لأي من الأحزاب الرئيسية، كالمنظمتين اللتين غادرتا مصر. وصدرت تعليمات من السيسي، في مايو/ أيار الماضي، بتسهيل عمل المنظمات اﻷلمانية، إﻻ أن المنظمات أكدت للحكومة الألمانية أن العقبات لم تذلل، نظراً لوجود ادعاءات حكومية مصرية بمخالفات في عمل منظمة "فريدريش ناومان"، ﻻ تتعلق بعملها الخاص فقط، بل بسبب دعمها المالي خارج إطار المراقبة الحكومية لمنظمات مصرية متورطة في قضية التمويل اﻷجنبي. ويعتقد الجانب الألماني أن الوزيرة السابقة، فايزة أبو النجا، التي تشغل منصب مستشار السيسي لشؤون الأمن القومي، هي المسؤولة عن عرقلة عمل المنظمات الألمانية في مصر، وخصوصاً أن بعض الجمعيات التي لا تهتم بالسياسة، كالوكالة الألمانية للشراكة من أجل التنمية، لاقت صعوبات أيضاً خلال عملها التنموي في محافظات الصعيد، كما تم التضييق أمنياً على بعض المتعاونين معها من الخارج، رغم عدم عملهم في منظمات أو جمعيات متهمة بقضية التمويل الأجنبي.

وشهد النصف الثاني من العام الماضي صدامات دائمة، بحسب المصادر الدبلوماسية، بين إدارة المنظمات الدولية في وزارة الخارجية، التي يسيطر عليها ضباط استخبارات ينتمون للدائرة اﻻستخبارية - الرقابية التي يديرها مدير مكتب السيسي من جهة، وممثلي السفارات الأجنبية، وعلى رأسها ألمانيا والسويد وفرنسا والنرويج وسويسرا، من جهة أخرى. وبدا المسؤولون المصريون متحفزون ضد كل من يتعاون مع هذه السفارات والمنظمات الرسمية التي تنتمي لبلدانها، بالإضافة إلى استمرار شيطنة الخطاب الرسمي المصري لجميع المراكز الأجنبية التي كانت تعمل خلال عام 2011 في القاهرة، واتهامها بالوقوف خلف التظاهرات الشعبية الغاضبة في عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وزاد القانون، الذي وافق عليه مجلس النواب أخيراً لتقييد عمل المجتمع المدني، الطين بلة، فقد اعترضت عليه رسمياً سفارات الدول الأوروبية، لإخضاعه المنظمات التابعة لحكوماتها ووكالات التنمية، لرقابة الجهاز الأمني الاستخباراتي الذي سيتم تشكيله لإدارة عمل الجمعيات. وأدى هذا الاعتراض إلى تعطيل إصدار القانون، بتعليمات من السيسي، كشفتها "العربي الجديد" الأسبوع الماضي. أما الملف الثاني الخاص بالاستثمارات، فقد شهد تراجعاً واضحاً خلال العشرين شهراً الماضية. وتقول المصادر المصرية إن السفارة الألمانية قدرت حجم ما تم الوفاء به من تعهدات السيسي لميركل خلال زيارته الوحيدة إلى برلين في يونيو/ حزيران 2015 بنسبة 20 في المائة، إذ لم يتم إقرار نظام الشباك الواحد للمستثمرين، ولم يتم منح التراخيص اللازمة لرجال الأعمال الألمان المهتمين بمجال الطاقة الشمسية. كما أدت زيادة الجمارك إلى تخفيض الصادرات الألمانية لمصر بنسبة 70 في المائة خلال عام 2016، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2003.

وتوضح المصادر أن أهم المشاكل التي تريد المستشارة الألمانية حلها هي الخاصة بنشاط الطاقة الشمسية، وهي مشاكل متنوعة، بعضها يتعلق باعتراض جهات عسكرية وأمنية على منح المستثمرين الألمان الأراضي اللازمة لممارسة النشاط، بحجة قربها أو مجاورتها لأماكن تحت السيطرة العسكرية، وبعضها يتعلق ببطء نقل تبعية الأراضي من وزارتي الزراعة والسياحة إلى الجهاز المعني بمشروعات الطاقة الشمسية، والبعض الآخر يتعلق بسحب بعض التراخيص التي صدرت بين عامي 2013 و2014 ولم يتم تفعيلها بسبب مشاكل إنتاجية أو مرفقية. وتصف المصادر أهمية هذا الملف بالنسبة إلى البلدين، موضحة "كان السيسي يراهن على أن جذب الاستثمار سيقلل الضغوط الحقوقية والسياسية الألمانية عليه، لكن العكس هو ما حدث، فالفشل في جذب الاستثمار، وخسارة نسبة كبيرة مما كان قائماً، أديا إلى مضاعفة الضغوط، فالسيسي شخصياً لم يكن يتصور قبل عامين أن وضع قانون محكم لجذب الاستثمار سيستغرق كل هذه المدة. علماً أن المشروع المتداول حالياً في الحكومة فيه بعض المشاكل الدستورية، التي قد تستغرق المزيد من الوقت لحلها". يذكر أن الإعلام المصري المؤيد للسيسي سبق وهاجم الحكومة الألمانية مراراً، لرفضها اعتبار جماعة الإخوان المسلمين إرهابية، على الرغم من مجهودات بذلتها في هذا السياق السفارة المصرية في برلين. وتؤكد المصادر المصرية أن هذا الملف لن يكون مطروحاً على طاولة مباحثات السيسي وميركل.

ذات صلة

الصورة
مئات يترقبون انتشال المساعدات على شاطئ بحر غزة (محمد الحجار)

مجتمع

يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة ملاحقة المساعدات القليلة التي تصل إلى القطاع، وبعد أن كانوا يلاحقون الشاحنات، أصبحوا أيضاً يترقبون ما يصل عبر الإنزال الجوي.
الصورة

سياسة

نقلت وكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، عن أربعة مصادر أن مصر بدأت تمهيد منطقة على الحدود مع قطاع غزة يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين.
الصورة

منوعات

تداول مصريون عبر منصات التواصل مقطعاً من خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، وصف فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن طريق الخطأ بأنه الرئيس المكسيكي.
الصورة

منوعات

شهدت كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، موجة من السخط والدهشة، بعدما قارن حالة المصريين في ظل التردي الاقتصادي بحالة أهالي قطاع غزة.