حراك الجزائر يرفض اشتراطات الجيش: "صائمون صامدون بمطالبنا متمسكون"

حراك الجزائر يرفض الاشتراطات السياسية للجيش: "صائمون صامدون بمطالبنا متمسكون"

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
31 مايو 2019
+ الخط -
تجدّدت التظاهرات الشعبية في العاصمة والمدن الجزائرية في الجمعة الـ15 من الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد منذ 22 فبراير/ شباط الماضي، وسط إصرار لافت من المتظاهرين على مطلبين رئيسيين؛ رحيل ما تبقى من رموز النظام السابق من الحكم، أو ما يعرف بـ"الباءات الثلاث"؛ رئيس الدولة بالفترة الانتقالية عبد القادر بن صالح، ورئيس الحكومة نور الدين بدوي، ورئيس البرلمان معاذ بوشارب، ومطلب مرحلة انتقالية ورئيس توافقي يقود البلاد مرحلياً.


ووجه الحراك الشعبي رسائل جديدة إلى قيادة الجيش، بإعلان رفض الاشتراطات السياسية التي طرحها باسم المؤسسة العسكرية قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح. وأصرّ الحراك الشعبي على رفض الذهاب إلى أي انتخابات رئاسية مقبلة أو حوار سياسي، قبل إعلان رحيل رموز نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة من الحكم والمشهد السياسي، وبدء مرحلة انتقالية برئيس توافقي.
وفي العاصمة الجزائرية، التي تدفقت فيها الحشود بعد انقضاء صلاة الجمعة، انقسم المتظاهرون بين كتلتين: كتلة أصرّت على التظاهر في شارع ديدوش مراد وساحة أودان، وقرب ساحة البريد المركزي المغلقة للترميم في قلب العاصمة، وكتلة ثانية نقلت التظاهرات إلى ساحة الشهداء الكبيرة والقريبة (أقل من كيلومتر عن ساحة البريد). وساحة الشهداء كانت في الأصل، خاصة في فترة التسعينيات، المعقل الرئيس لكل الحركات الاحتجاجية، والمسيرات والتجمعات السياسية الكبرى التي كانت تنظمها القوى السياسية في تلك الفترة. كما شهدت تلك الساحة أحداث يونيو 1991 الدامية، عقب الاعتصام المفتوح الذي نظمه مناضلو "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المنحلّة، للمطالبة بتنحي الرئيس الشاذلي بن جديد حينها.


وتجمع المتظاهرون في ساحة الشهداء، خاصة بعد وصول موجات بشرية من حي باب الواد الشعبي، رافعين الأعلام الوطنية وشعارات تطالب بالرحيل الفوري لبن صالح وبدوي، ورفص إقامة أي حوار معهما ومع مؤسسات الدولة، قبل رحيلهما، وكذلك المطالبة بتطبيق المادتين السابعة والثامنة من الدستور، اللتين تنصان على حق الشعب في القرار السيادي. كذلك تم رفع شعارات "نهبتم البلد يا السراقين" و"لا لحكم العصابة".
وبرغم الاعتراض الكبير الذي يبديه الجيش إزاء مطلب المرحلة الانتقالية وما يتعلق بها من رئاسة انتقالية، فإن المتظاهرين جددوا مطلب ضرورة البدء العاجل للمرحلة الانتقالية في أقرب وقت، وإتاحة الفرصة لرئيس توافقي انتقالي يقود البلاد إلى انتخابات رئاسية نزيهة تشرف عليها هيئة مستقلة للانتخابات، وتشكيل حكومة مستقلة.



وكان قائد الجيش الجزائري قد طرح، في خطاب ألقاه يوم الأربعاء الماضي، "فيتو عسكرياً" ضد مقترح المرحلة الانتقالية، وأصرّ على أن أيّ حوار سياسي يجرى بين القوى السياسية يجب "أن يكون بعيداً عن المرحلة الانتقالية، ويعمل على إيجاد الحلول الدستورية". لكن المتظاهرين أبدوا تأييدهم للبيان الأخير الذي أصدرته مجموعة من المرجعيات وعلماء الدين في الجزائر، في مقدمتهم الشيخ الطاهر آيت علجت، أبرز مرجعية دينية في الجزائر، التي تطالب الجيش بالإنصات لمطلب الشعب وبدء مرحلة انتقالية يقودها رئيس توافقي.
وقال الناشط في الحراك الشعبي سفيان حجاجي لـ"العربي الجديد"، إن العنوان الرئيس لمسيرات الجمعة الـ15 هو "صائمون صامدون بمطالبنا متمسكون". وأضاف: "يتعين على المؤسسة العسكرية أن تتلقف رسائل الشارع بكل حيوية، الشارع مصرّ على مطالبه مهما طال الوقت، وإضاعة الوقت ليست في مصلحة أحد، من المهم أن يرفع الجيش يده عن البلد ويسمح للسياسيين برسم خط وحلّ سياسي يتيح الخروج من الأزمة". وأردف حجاجي أنه "ليس من حق الجيش أن يحدد شروطاً ومساراً محدداً للحوار السياسي، الشعب هو الذي يحدد المسارات وعلى الجميع أن يستمع لمطالب الشعب".



وارتدى عدد من المتظاهرين قبعة "الميزابيين"، وهم السكان الأمازيغ سكان منطقة غرداية (يتبعون المذهب الإباضي)، في صورة رمزية للتضامن معهم بعد وفاة الناشط السياسي في حركة تدافع عن حقوق هؤلاء السكان، كمال الدين فخار، الثلاثاء الماضي في مستشفى نقل إليه من داخل سجن كان يقبع فيه من مارس/ آذار الماضي. وردد المتظاهرون شعارات "يا للعار يا للعار، الدولة قتلت فخار".


وأحاطت قوات الشرطة بساحة البريد المركزي، حيث نشرت السلطات قوات أمنية كبيرة لمراقبة التظاهرات، كما أبقت السلطات على غلق النفق الجامعي والتضييق في مداخل العاصمة على المتظاهرين القادمين من الولايات القريبة. ووقع احتكاك طفيف بين عدد من الناشطات وقوة أمنية حاولت سحب شعار كبير كانت تحمله الناشطات، حول بدء حراك عالمي إلى القدس، وأن القدس هي العاصمة الأبدية لفلسطين، فيما كانت الشرطة قد اعتقلت مبكراً عدداً من الناشطين والمتظاهرين، حاولوا الوصول إلى ساحة البريد المركزي.
وانتقد المتظاهرون غياب التغطية المباشرة للقنوات المحلية للتظاهرات، بسبب ما يرجح الناشطون أنه متعلق بإكراهات وضغوط تمارسها المؤسسة العسكرية على القنوات ووسائل الإعلام، لعدم تغطية المسيرات وتجنب الشعارات التي تندد بالجيش وتنتقد قايد صالح. وخلال الأسابيع الأخيرة، تراجعت أغلب القنوات المحلية عن البثّ المباشر للتظاهرات، وألغت الحصص وبرامج النقاش السياسي التي كانت تتزامن مع التظاهرات للتعليق عليها ومناقشة مستجداتها.


وفي ولايات سطيف وعنابة وقسنطينة شرقي الجزائر، وأدرار وورقلة وتمنراست جنوبي البلاد ووهران ومستغانم غربي الجزائر، خرجت مسيرات حاشدة تطالب بتحقيق المطالب المركزية للشعب، واختصار الوقت في مساعي حلّ الأزمة السياسية، لتجنب آثار كلفة اقتصادية واجتماعية محتملة.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.