اليمن: تعقيدات ميدانية وسياسية تؤجل الحسم

اليمن: تعقيدات ميدانية وسياسية تؤجل الحسم

13 ابريل 2015
الاشتباكات في عدن تعدّ الأعنف (الأناضول)
+ الخط -
تزداد الأوضاع السياسية والأمنية في اليمن تعقيداً، خلال الأسبوع الثالث من تحالف "عاصفة الحزم". فلا بوادر بقرب حل سياسي، أو تمكّن طرف من حسم الأمر ميدانياً، في ظل الضربات التي تحاول أطراف الصراع توجيهها لبعضها، سواء في الجانب السياسي أو الميداني.

في خضم هذه التطورات، يبقى مصير الأوضاع في الجنوب، حيث تدور اشتباكات هي الأعنف بين قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جهة وبين اللجان الشعبية الجنوبية، غير واضح المعالم. ويعزز هذا الوضع ضبابية موقف أطراف جنوبية بارزة، وتحديداً داخل الحراك الجنوبي، من سير العمليات. فالشارع الجنوبي حتى اللحظة يقف وحيداً يقاوم توغل قوات الحوثيين والرئيس المخلوع بلا قيادة، بعد أن اختفت القيادات الجنوبية وغابت عن المشهد السياسي والأمني في الساحة الجنوبية.
ويرى البعض أن الأطراف الجنوبية التي لم تحدد موقفها وباتت الفجوة بينها وبين الشارع تزداد، تنتظر من يحسم الأمر في الجنوب لتعلن موقفها وتجاري المنتصر.
أما قوات التحالف العشري، بقيادة السعودية، فتواصل عمليات القصف الجوي والبحري وتدمير العتاد العسكري بحوزة الحوثيين، وسط تباين في تقدير نسبة ما تمكن التحالف من تدميره، ولا سيما أنّ القصف المتواصل للأسبوع الثالث، لم يظهر إمكانية تحقيق حسم للمعركة في مواجهة الحوثيين والرئيس المخلوع أو العكس.

اقرأ أيضاً: اليمن: 1200 طلعة جوية.. والحوثيون يبادلون أسرى بوقود 

ويشير المتابعون لسير "عاصفة الحزم" إلى أنه بالرغم من كثافة القصف، إلا أن قوات الحوثيين والرئيس المخلوع يستمرون في التوغل والتمدد ميدانياً. كما أنه بالرغم من محاولات قطع الإمداد عنهم، إلا أنهم حتى اللحظة يتمكنون من الحصول على تعزيزات واللعب بأوراق جديدة. فتارة يشهرون ورقة تنظيم القاعدة، وتارة أخرى يعملون على نشر الفوضى، عبر إطلاق المساجين الجنائيين.
يُضاف إلى ذلك أن قصف طائرات التحالف العشري، يصاحبها عمليات قصف تنفذها قوات الحوثيين والرئيس المخلوع تستهدف المناطق السكنية في الجنوب، ولا سيما في عدن. ويرافق ذلك تأخر التدخل البري الذي يُنظر إليه من قبل البعض على أنه قد يخفف من معاناة اللجان الشعبية والأهالي الذين يتصدون لمحاولات توغل قوات الحوثيين والرئيس المخلوع، ولا سيما أنهم يواجهون قوات على مستوى عال من التدريب، وفقاً لما أكده مصدر سياسي لـ"العربي الجديد".
وحسب الجنوبيين، فإنه بالتزامن مع عمليات قصف تطال قوات الحوثيين والمخلوع صالح في الشمال، لا سيما في صنعاء وصعدة وعمران، يرد الحوثيون والرئيس المخلوع، بالانتقام من الجنوب والمناطق الأخرى، ويلقون بكل ثقلهم، إن من خلال القصف العشوائي أو الحصار، بدون أن يوفروا أي وسيلة لتحقيق انتقامهم.
وفي السياق، يقول حقوقيون في عدن لـ"العربي الجديد" إن قوات الحوثيين والرئيس المخلوع "لا شيء عندهم محرم، يستهدفون المياه والكهرباء، ويقطعون التموينات الغذائية والوقود والغاز المنزلي. كما يجبرون الناس على النزوح الذي لا يتوقف، ويقومون بالاختباء في الأحياء السكنية، هرباً من طائرات التحالف".
ومنذ بدء "عاصفة الحزم"، توغلت قوات الحوثيين والرئيس المخلوع في الجنوب، وتحديداً في عدن وأبين وشبوة، وسلموا محافظة حضرموت لتنظيم "القاعدة"، فيما لم تتمكن حتى هذه اللحظة قوات تحالف "عاصفة الحزم" الجوية والبحرية من منع تقدم الحوثيين، بقدر ما أجّلت تقدمهم في بعض المناطق. ووفقاً للمتابعين للتطورات الميدانية، فإنه كلما تأخر التدخل البرّي،  تمكن الحوثيون وصالح من نقل العتاد إلى الأحياء السكنية واستعادوا المبادرة في المواجهة، ولا سيما أنهم ما زالوا يملكون أسلحة ومعسكرات لم تستهدف. كما يعمدون أخيراً إلى لعبة تحييد بعض المعسكرات ومنع تعرضها لضربات، بحجة الولاء للشرعية.

ويراهن الحوثيون والرئيس المخلوع على تحقيق تقدم على الأرض في الجنوب. وفي السياق، تؤكد مصادر سياسية وكذلك أسرى حوثيون، أن هناك توجيهات لقوات الحوثيين والرئيس المخلوع بالسيطرة على عدن، قبيل قرار مجلس الأمن المرتقب حول اليمن في الأسبوع المقبل. وهو ما يفسر الكم الهائل من العتاد والمسلحين والجنود التي يخسرها الحوثيون والرئيس المخلوع من أجل تحقيق تقدم في عدن، ولا سيما أنهم يركزون في اقتحام مناطق في عدن، ذات رمزية سياسية، كمطار عدن وقصر المعاشيق (القصر الرئاسي) والميناء، فضلاً عن مدينة التواهي التي لم يتمكنوا من الدخول إليها، وفيها يوجد القصر الجمهوري "قصر 22 مايو"، وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة، الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي. كما تتضمن قائمة أهدافهم مبنى الإذاعة والتلفزيون، ومقر وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" فرع عدن، بالإضافة إلى مقر الاستخبارات والجوية والبحرية. لذلك تبذل القوات البحرية لتحالف "عاصفة الحزم" كل إمكانياتها لمنع دخول الحوثيين وصالح، إلى مدينة التواهي غرب عدن.
وبينما تتسارع وتيرة التطورات الميدانية وتتبدل بشكل يومي، لم تصل المباحثات السياسية في مجلس الأمن الدولي بين دول مجلس التعاون الخليجي والأردن، من جهة، وروسيا من جهة أخرى، إلى أي حلول تتيح تبني مشروع القرار المطروح من دول مجلس التعاون، على الرغم من المرونة التي يبديها الطرف العربي، حسب ما يؤكد لـ"العربي الجديد" مصدر دبلوماسي يمني. ويوضح المصدر نفسه أن "الدول العربية وروسيا باتوا اليوم أمام مفترق طرق، ولا سيما أن هناك موقفاً عربياً تشكّل من العداء الروسي للعرب، وتفضيل موسكو علاقتها مع إيران، على علاقتها مع الدول العربية ومصالحها في الشرق الأوسط".
كما يكشف أن "هناك أوساطاً عربية وإسلامية بدأت ترفع أصواتها، تدعو إلى قطع العلاقات الدبلوماسية العربية والإسلامية، مع روسيا، بما فيها سحب السفراء وقطع العلاقات التجارية". وبينما يؤكد المصدر الدبلوماسي "أن روسيا في مأزق محرج، وهناك غضب دبلوماسي عربي وإسلامي شديد ضدها"، يلفت إلى أنه "توجد نية عربية حتى اللحظة من تحديد موقف من العلاقة مع روسيا".

اقرأ أيضاً: "عاصفة الحزم": اليمن والخيار الصعب