زيارات "تطبيعية" كويتية للأراضي المحتلة تحت لافتات دعم الفلسطينيين

زيارات "تطبيعية" كويتية للأراضي المحتلة تحت لافتات دعم الفلسطينيين

29 مارس 2017
زيارة المسجد الأقصى تتم بإذن إسرائيل (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -

رغم الموقف الشعبي والرسمي الكويتي المعادي للكيان الصهيوني والمقاطع لإسرائيل، والرافض للاعتراف بالدولة العبرية، إلا أن العديد من "السياح" الكويتيين بدأوا بالتوافد إلى رام الله والقدس، تحت لافتات "دعم القضية الفلسطينية" و"الاطمئنان إلى أحوال المحاصرين" وإرسال رسائل إلى الفلسطينيين "إننا معكم"، بحسب من يقوم بهذه الزيارات. وتقوم مكاتب سياحية، بين الكويت والأردن، بترتيب هذه الرحلات التي يمنعها القانون الكويتي المنسجم مع القرارات العربية الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني. وتصاعد الجدل أخيراً في أعقاب زيارة مجموعة من الأطباء والنشطاء إلى الضفة الغربية، وقيامهم بزيارة المسجد الأقصى بحجة الاطمئنان إلى أوضاع المستشفيات الفلسطينية والقطاع الطبي بشكل عام والصلاة في المسجد الأقصى.

وقال أحد مسؤولي هذه المكاتب، لـ"العربي الجديد"، إن الإجراءات تبدأ في أن يبعث الكويتي الذي يرغب بالسفر إلى القدس صورة جوازه، بالإضافة إلى اسم والده ووالدته كاملاً وتاريخ ميلادهما ومكان ميلادهما واسمي والدتيهما أيضاً، وكذلك اسم زوجته كاملاً ومكان ميلادها وتاريخ ميلادها واسم أمها، وأسماء إخوانه وأخواته ومكان وتاريخ ميلادهم ومحل إقامتهم الحالي، وأسماء أبنائه وبناته أيضاً، وتاريخ ومكان ميلادهم ومحل إقامتهم الحالي أيضاً. وبعد ذلك، ينتظر صدور التصريح من السلطات الإسرائيلية، والذي غالباً ما يأتي بعد 40 يوماً، وختم الدخول والخروج يكون فقط على ورقة التصريح وليس على الجواز تجنباً للدخول في مساءلات قانونية مع السلطات الكويتية. وتكلف هذه الرحلات 1080 دولاراً أميركياً للفرد الواحد، تشمل المواصلات والسكن ورحلة السياحة، التي تكون للمسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة، بالإضافة إلى جولة في مدينة القدس التاريخية. وتصدر هذه المكاتب تصاريح دخول إسرائيلية للمواطنين الكويتيين الذين يقومون بالزيارة عن طريق الأردن إلى القدس. ويذكر التصريح أن "الزائر" قادم من عمّان، وتستمر صلاحيته لمدة شهر كامل، وهو وثيقة رسمية صادرة من الدولة العبرية.



رفض كويتي للزيارات

وقال الناشط الكويتي في مجال مقاومة التطبيع، عوض المطيري، لـ"العربي الجديد": "نحن ككويتيين نرفض هذه الزيارات للأراضي المحتلة، ونستنكر كل هذه الدعوات التي تقوم بها السلطات الفلسطينية أخيراً بتسهيل زيارة العرب إلى القدس المحتلة. كما أن هذه الزيارات تأتي بتنسيق رسمي مباشر مع الاحتلال الصهيوني وسفاراته، في وقت يُمنع فيه الفلسطيني من دخول القدس". وأضاف "للكويت، شعباً وحكومة، موقف واضح من المقاطعة، وهذا الموقف يجب أن يستمر وألا تتحول هذه الزيارات، بأي صفة كانت، إلى تمييع لمعنى المقاطعة، تفتح من خلاله أبواب أخرى لزيارات تروج لدعاية الاحتلال أنه لا يمنع أي شخص من زيارة الأراضي المقدسة، ويظهر بمظهر السيد الحامي لها. أما حجة دعم فلسطينيي الداخل، والتي يستخدمها الزوار الكويتيون، فإن لها طرقاً أخرى، حددتها القوى الوطنية المقاومة بكافة تياراتها".



ويحظر القانون الكويتي رقم 21 لعام 1964 على الأفراد، أو الهيئات الكويتية، التعامل مع الكيان الصهيوني، على كافة الأصعدة السياسية والتجارية والاقتصادية. وتلتزم الحكومة الكويتية بهذا القانون بشكل تام، حسب ما يقول مراقبون، إذ سبق لها أن خرجت من عدة مشاريع بسبب وجود شركات إسرائيلية أو لأنها تتعامل مع إسرائيل، في مجال النفط والنفايات الصلبة. وتمتلك الكويت مكتباً لمقاطعة إسرائيل في الإدارة العامة للجمارك، تم إنشاؤه في العام 1957، أثناء تصاعد المد القومي في البلاد، ولا يزال، حتى اليوم، يمارس أعماله ونشاطاته في وضع غرامات مالية وحجز بضائع آتية من إسرائيل.

سوابق "تطبيعية" أخرى

لم تكن الموجة الحالية من الزيارات إلى الأراضي المحتلة هي الأولى، إذ سبق لشخصيات كويتية زيارة الأراضي المحتلة تحت أعذار ولافتات مختلفة. وقام الإعلامي الكويتي الشهير، حامد بو يابس، بزيارة الكيان الصهيوني في العام 1999، والتقى بكبار قادة الدولة العبرية، وصافحهم تحت حجة أخرى، وهي "كشف عربدة الكيان الصهيوني"، كما قال آنذاك. وقام وفد كويتي آخر، بقيادة المطرب الكويتي عبدالله الرويشد، والإعلامي عبدالله بوفتين، بزيارة الأراضي المحتلة في 2011. وقام الرويشد بإحياء حفل غنائي في جامعة النجاح آنذاك. لكن المفاجأة الكبرى، هي قيام وزير الإعلام الكويتي المستقيل أخيراً، سلمان الحمود الصباح، بزيارة الأراضي الفلسطينية منتصف العام الماضي "على متن مروحية أردنية"، للمشاركة في معرض فلسطين للكتاب، برفقة وفد كويتي رسمي، ضم مسؤولين في وزارة الخارجية والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بالإضافة إلى سفير الكويت في الأردن، الدكتور حمد الدعيج. وزار الحمود الصباح مدينة القدس المحتلة، وصلى في المسجد الأقصى، الذي يقول نشطاء في التطبيع إنه لا يمكن الدخول إليه إلا بإذن من الكيان الصهيوني، وبعد قيام جنود إسرائيليين بعملية التفتيش.

وزار مثقفون كويتيون وبحرينيون مدينتي رام الله وبيت لحم بدعوة من بيت محمود درويش الثقافي. ويقول الزوار الكويتيون إنهم حصلوا على إذن من السلطة الفلسطينية، برئاسة محمود عباس، وأنهم لم يضطروا للتعامل مع السلطات الصهيونية أبداً. ويقوم العشرات من الطلاب الكويتيين، الذين يدرسون في الأردن، بزيارة المسجد الأقصى "للصلاة فيه" شهرياً، بحسب ما يقول أحد مسؤولي مكاتب السياحة الكويتية، والتي تنظم رحلات جماعية لزيارة القدس. وتنتشر إعلانات هذه المكاتب على كافة وسائل التواصل الاجتماعي الكويتية، تحت عنوان "مجموعات سياحية للقدس عن طريق الأردن". ويرى مراقبون أن مقاطعة المعارضة الكويتية لمجلس الأمة السابق، الذي كان موالياً للحكومة بالكامل، ساهمت في مرور زيارة وزير الإعلام الكويتي السابق مرور الكرام وعدم محاسبته، وتصعيده على منصة الاستجواب، العام الماضي، رغم مخالفته القوانين الكويتية.

قوانين ضد التطبيع

وقال المحامي والخبير القانوني عبدالله الكندري، لـ"العربي الجديد"، إن القانون الكويتي الموحد تجاه الكيان المحتل يحظر على كل شخص طبيعي، أو اعتباري، أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها. ويضيف "لكن هذا القانون لا يزال غير كافٍ، إذ إنه يجب العمل باقتراح القانون الذي تقدم به النائب السابق، فيصل الدويسان، الذي ينص على حظر السفر للكيان المحتل بأي شكل من الأشكال، ومعاقبة الكويتي المسافر بالسجن ما بين ثلاث إلى عشر سنوات. في الوقت الحالي، المقاطعة الاقتصادية نافذة بقوة القانون، وسبق أن صدرت عدة أحكام على صحيفة محلية بتهمة نشر إعلان تابع للكيان الصهيوني، إذ غرمتها محكمة الجنايات". وسبق للنائب الكويتي الراحل، نبيل الفضل، إعلان نيته تقديم قانون يشرّع التعامل مع الكيان الصهيوني. وقال الفضل حينها إنه "يعلم أن القانون لن يمر لكنه سيقدمه نكاية في هؤلاء الملكيين أكثر من الملك، والذين يعتقدون بأن الكويت هي حامية الأمة العربية والإسلامية دون سواها من الدول الأخرى". وساهمت الكويت تاريخياً في عزل الكيان الصهيوني، خصوصاً في المجال الرياضي، عندما قام رئيس اتحاد كرة القدم الكويتي سابقاً، ورئيس مجلس الأمة الأسبق، أحمد السعدون، بالعمل على طرد الكيان الصهيوني من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في سبعينيات القرن الماضي.

المساهمون