لقاءات السيسي في نيويورك: رؤساء ولوبيات لتلميع صورة النظام

لقاءات السيسي في نيويورك: رؤساء غربيون ولوبيات لتلميع صورة النظام

12 سبتمبر 2018
سيعقد السيسي لقاءات جانبية في نيويورك (نيكولاس عصفوري/فرانس برس)
+ الخط -
يتوجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد أيام إلى نيويورك للمشاركة في الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث سيلقي كلمة مصر، والمتوقع أن يتحدث فيها عن دورها في القضية الفلسطينية وليبيا، وعن الحرب التي تخوضها مصر ضد المجموعات الإرهابية شمال شرقي سيناء، والتي دخلت هذا العام مرحلة جديدة تحت عنوان "العملية الشاملة سيناء 2018" من دون إعلان نتائج حاسمة. في هذا السياق، ذكرت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، أن "ديوان الخارجية وهيئة مصر بالأمم المتحدة يكثفان تواصلهما مع الدوائر الدبلوماسية الغربية لتنظيم اجتماعات قمة للسيسي مع بعض الزعماء الذين يرغب في مقابلتهم؛ أبرزهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي، فضلاً عن تنظيم استضافة السيسي عدداً من مجموعات الضغط السياسي الناشطة في الولايات المتحدة من اليهود ورجال الأعمال بالحزبين الجمهوري والديمقراطي والإعلاميين".

وبالتزامن مع الاتصالات التحضيرية لهذه اللقاءات؛ تعمل اللجنة التي شكّلها السيسي أخيراً برئاسة مدير الاستخبارات عباس كامل على تحسين صورة النظام على إعداد تقرير سيتم إرساله وتوزيعه على الشخصيات المؤثرة بدوائر الاتصال السياسي الخاصة بالزعماء وعلى الشخصيات النافذة في الدوائر الأميركية، عن موقف النظام المصري من بعض القضايا الإقليمية والمحلية التي تتلقى الخارجية المصرية أسئلة دورية عنها، كالظروف السياسية المحيطة بالحرب على الإرهاب، واعتقال المعارضين، وظاهرة الإخفاء القسري، والتضييق على نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني والأحزاب المعارضة.

ومن أبرز الملفات التي من المنتظر أن يتحدث عنها السيسي ويتطرق إليها، تقرير قانون العمل الأهلي الصادر عنه في مايو/أيار 2017 بعد لقائه ترامب في القمة الإسلامية - الأميركية بالسعودية. وفوجئ السيسي بالاعتراض الأميركي عليه مع استمرار الاعتراضات الأوروبية، وتعهّد أكثر من مرة أبرزها أثناء حضوره اجتماعات الدورة الماضية للأمم المتحدة، بتعديله ليصبح أكثر ديمقراطية وتماشياً مع الأسس الدولية المتضمنة في اتفاقات حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة والموقعة عليها مصر.

ووفقاً للمعلومات المتاحة؛ فإن "السيسي سينتهج طريقة جديدة للدفاع عن تأخره في تعديل هذا القانون، وستكتب لجنة تحسين صورة النظام في تقريرها أن الرئاسة عندما أصدرت هذا القانون كانت تستجيب لرغبة السلطة التشريعية التي اقترحته وأقرته، ورغم ذلك فإن الحكومة تلقت تعليمات من السيسي بتعطيل تنفيذه إلى حين إجراء حوار مجتمعي حوله ومن ثم تعديله بما يضمن تخفيف القيود على المنظمات الأجنبية العاملة في مصر، أي أنه في حكم القانون المجمد دون قرار رسمي بذلك".

وأضافت المصادر الدبلوماسية أن "ملف تعديل هذا القانون من بين المسائل التي تثير حساسية بين النظام الحاكم والحكومات الغربية بسبب تأكدها من تلاعب النظام وعدم وفائه بتعهداته، لا سيما وأن لديهم معلومات موثقة بأن القانون ينفذ على نطاق معين رفيع المستوى وهو الخاص بسلطات وصلاحيات اللجنة العليا لتنظيم عمل الجمعيات الأهلية الأجنبية، والتي يغلب على تشكيلها الطابع الأمني والاستخباراتي. وقررت هذه اللجنة سراً، تعليق عدد من الأنشطة لجمعيات مدعومة من دول أوروبية وأخرى تابعة مباشرة لتلك الدول بحجة استيفاء الشروط الأمنية وعدم ملائمة بعض الأنشطة المجتمعَ المصري، رغم انحصارها في مجالات التعليم والثقافة وتوعية النساء".

وذكرت المصادر أن "التعامل مع الجمعيات الأجنبية في مجال الإشهار وقبول التبرعات وباقي الإجراءات الابتدائية لممارسة العمل، تجري وفقاً لقانون العمل الأهلي السابق الصادر عام 2002، والذي كانت واشنطن وعواصم غربية أخرى تعتبره غير ديمقراطي أيضاً وطالبت بتعديله مراراً".

وسبق لصحيفة "العربي الجديد" أن كشفت في يوليو/تموز الماضي أن "بعض الحكومات الأوروبية هددت بوقف التعامل مع الحكومة المصرية في دعم بعض المشاريع التنموية في مجالي التعليم والصحة، وعرقلة ضخ الاستثمارات من بلادها للسوق المصرية، بسبب اتجاه الحكومة لفرض مزيد من القيود على عمل المنظمات والمؤسسات الأجنبية المانحة لمنظمات المجتمع المدني غير الحكومية في مصر، بما في ذلك أنشطة التمويل التي تصل المنظمات المصرية عبر وزارة التضامن الاجتماعي".

وأكدت حينها السفارات الأجنبية المتضررة من السياسة الحكومية الجديدة أنها "ملتزمة باتفاقات سابقة مع الحكومة المصرية بالتركيز على الأنشطة التعليمية والتثقيفية والابتعاد عن القضايا السياسية الخلافية مع النظام خشية تعطيل أعمالها في مصر، وكذلك بالابتعاد عن التواصل مع جماعات الضغط السياسي من الأحزاب اليسارية والمنظمات الحقوقية غير المعترف بها من قبل الحكومة أو النشطاء المشمولين في تحقيقات قضية (التمويل الأجنبي) الجارية حالياً بواسطة هيئة تحقيق قضائية".

وشهدت الأشهر الماضية بعد إصدار قانون العمل الأهلي محل الانتقادات الغربية؛ إنشاء مئات الجمعيات الأهلية بإدارة ضباط شرطة وعسكريين سابقين وشخصيات سياسية مقربة من الحكومة، لمحاولة ملء الفراغ الذي نشأ بسبب حل الجمعيات الخيرية الإسلامية والتابعة لجماعة الإخوان المسلمين أو التيارات الأخرى المناوئة للحكومة، لكن الجمعيات الجديدة الموالية للدولة ليست معروفة للمنظمات الأجنبية المانحة، وليست لها أنشطة سابقة تدعم حظوظها في الحصول على التمويل. بالتالي لجأت مستشارة السيسي لشؤون الأمن القومي الوزيرة السابقة فايزة أبو النجا، المشرفة على لجنة اعتماد الأنشطة والتمويلات، المنصوص عليها في القانون، إلى تعليق وعرقلة بعض التمويلات، لإجبار الجهات المانحة على التعاون مع جمعيات مجازة أمنياً ومقربة من النظام.

المساهمون