جمود في معارك الشمال السوري... والمعارضة ترفض استيعاب "مسد"

جمود في معارك الشمال السوري... والمعارضة ترفض استيعاب "مسد"

24 يونيو 2019
استهدفت طائرة تابعة للنظام سراقب بأربعة صواريخ (حسان مهتار/الأناضول)
+ الخط -
هدأت، إلى حد بعيد، وتيرة الاشتباكات البرية بين المعارضة السورية المسلحة من جهة، وقوات النظام من جهة أخرى، فبات من الواضح أن الأخيرة أصبحت عاجزة عن التقدم أكثر، في ظل توارد أنباء عن انتشار حالة يأس في صفوف هذه القوات، بسبب مقتل عدد كبير منها في المعارك الأخيرة، ما يشي بفشل الحملة الروسية على شمال غربي سورية.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه فصائل المعارضة تتصدى لمحاولات قوات النظام التقدم في ريف حماة الشمالي، جددت هيئة التفاوض، التابعة للمعارضة السورية، رفضها إدخال "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، الذراع السياسية لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، إلى المعارضة السورية، وهو ما ينفي الأنباء عن محاولات أميركية بفرض "مسد" على "الهيئة"، التي تتولى مهمة التفاوض مع النظام للتوصل إلى حل سياسي يبدو أنه بعيد المنال في المدى المنظور.

ولا يزال التصعيد العسكري من قبل قوات النظام ومليشيات محلية تساندها مستمراً في إدلب وحماة، إذ قصفت هذه القوات، أمس الأحد، بالصواريخ، محيط قرية الناجية بريف إدلب الغربي، كما قصفت بالصواريخ العنقودية أطراف قرية ابلين وأطراف قرية بسامس في ريف إدلب الجنوبي. من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن طائرات النظام الحربية نفذت أكثر من 13 غارة، استهدفت فيها كفرعويد وكرسعة وسفوهن في ريف إدلب الجنوبي، ومحور كبانة في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، مشيراً إلى أن قوات النظام قصفت مناطق في مرعند والكندة وبداما والناجية في ريف مدينة جسر الشغور غرب إدلب، وكفرزيتا ومحيطها في ريف حماة الشمالي. وكان قتل خمسة مدنيين وأصيب آخرون، مساء أول من أمس السبت، نتيجة قصف جوي نفّذته طائرة حربية تابعة للنظام السوري على مدينة سراقب في ريف إدلب، شمال غربي سورية. وقال مصدر من "شبكة أخبار إدلب"، لـ"العربي الجديد"، إن طائرة حربية تابعة للنظام استهدفت منازل المدنيين في مدينة سراقب بأربعة صواريخ، ما أدى إلى مقتل خمسة مدنيين من عائلة واحدة، وإصابة سبعة آخرين. وأضاف المصدر أن بين القتلى امرأتين وطفلين، وهناك طفلان بين الجرحى. وفي وقت سابق، قتل رجل وأصيب ثلاثة أشخاص في غارتين استهدفتا بلدة خان السبل جنوبي إدلب، كما قتل رجل في غارة على بلدة كنصفرة في جبل الزاوية.


من جانبها، نقلت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام عن "مصدر ميداني" زعمه تدمير طيران النظام، عبر طلعات جوية عديدة، خلال الأيام الثلاثة الماضية، مراكز قيادة وتحكم لـ"جبهة النصرة"، في ايكاردا وريف المهندسين الثاني وبلدة الشيخ أحمد بريف حلب الجنوبي الغربي. وأشار المصدر إلى أن الطيران الحربي أغار مرات متتالية على مواقع في ريف حلب الغربي، خصوصاً المقر السابق للفوج 46 قرب بلدة الزربة "الذي يعد قاعدة عسكرية ضخمة للنصرة، وأهم مركز تدريبي لها غرب حلب" وفق المصدر. وزعم أن لدى قوات النظام "بنك أهداف غزيرا، يضم تجمعات وتحركات النصرة" في شمال غربي البلاد، إضافة إلى فصائل المعارضة السورية.

ومن اللافت انخفاض وتيرة الاشتباكات بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام التي لم تستطع تحقيق أي اختراق على جبهة ريف حماة الشمالي، رغم الزج بثقلها العسكري في المعركة. ويؤكد قياديون في الجيش السوري الحر أن "حالة يأس ومعنويات محطمة تعيشها قوات النظام والمليشيات"، مشيرين إلى أن قادة هذه القوات "يتبادلون الاتهامات بالتقاعس والجبن والخيانة"، مؤكدين أن "هناك غضباً روسياً من أداء المرتزقة والمليشيات الأسدية".

وكانت فصائل المعارضة صدت، خلال الأيام القليلة الماضية، 4 محاولات تقدم من قبل قوات النظام إلى مناطق في ريف حماة الشمالي. وتكبدت هذه القوات خسائر فادحة في أرواح مسلحيها، وهو ما يؤكد فشل الحملة العسكرية التي كانت تعوّل عليها روسيا لتغيير الكثير من المعادلات السياسية والعسكرية في مجرى الصراع على سورية. إلى ذلك، وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الجمعة الماضي، مقتل ما لا يقل عن 487 من المدنيين في منطقة خفض التصعيد بإدلب ومحيطها "على يد الحلف السوري - الروسي، منذ 26 إبريل/نيسان وحتى 21 يونيو/حزيران". وأضافت أن من بين القتلى 118 طفلاً، و92 امرأة. وأشارت إلى إصابة ما لا يقل عن 1487 مدنياً بجراح في الفترة الزمنية ذاتها. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 58 مدنياً، بينهم 21 طفلاً و8 نساء و3 من منظومة الإسعاف، منذ الأربعاء الماضي وحتى مساء السبت الماضي من جراء القصف الجوي والمدفعي والصاروخي على ريف إدلب.

الحريري ينفي "الرياض 3"

بموازاة ذلك، جددت المعارضة السورية رفضها إدخال المجلس السياسي لـ"قسد"، المعروف اختصاراً بـ"مسد"، إلى المعارضة السورية، عبر هيئة التفاوض التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقراً لها. وقال رئيس هيئة التفاوض نصر الحريري، في تغريدة أمس الأحد، إن "مهمة هيئة التفاوض تحقيق الانتقال السياسي الشامل عبر تطبيق قرارات مجلس الأمن"، مشيراً إلى أن "ما يُشاع عن عقد مؤتمر الرياض 3، وضم قسد، وموضوع إخبار وزارة الخارجية السعودية لي بذلك، غير صحيح"، مضيفاً "هذا الأمر لم يناقش داخل الهيئة أو خارجها، بل هو مرفوض بالمطلق من أغلب مكونات قوى الثورة والمعارضة". وكانت مصادر إعلامية قريبة من المعارضة السورية ذكرت، الخميس الماضي، أن "السعودية أبلغت الهيئة (هيئة التفاوض) نيتها الدعوة إلى اجتماع جديد للمعارضة السورية (الرياض 3) ينجم عنه وفد تفاوضي جديد للمعارضة السورية يضم مسد". وسبق للرياض أن استضافت اجتماعين موسعين للمعارضة السورية اصطلح على تسميتهما بـ"الرياض 1" و"الرياض 2"، الأول نهاية عام 2015 نتجت عنه هيئة التفاوض التي شكلت وفد المعارضة إلى مفاوضات جنيف مع النظام، والثاني في عام 2017، أبعد عدداً من الوجوه المعروفة في المعارضة السورية عن واجهة المشهد السياسي، مثل رياض حجاب.

وتتهم المعارضة السورية "قسد" بارتكاب جرائم تهجير واسعة النطاق بحق المعارضين لها، من عرب وأكراد وتركمان، في مناطق سيطرتها، فضلاً عن اتهامها بمحاولة تشكيل إقليم في شمال شرقي سورية ربما يفضي إلى تجزئة البلاد. على الصعيد ذاته، قال مظلوم عبدي (مظلوم كوباني)، قائد "قسد"، التي يشكل مقاتلون أكراد قوامها الرئيسي ويتولون قيادتها، في تصريحات، أول من أمس السبت، إن "الدولة السورية من دون مناطق شمال وشرق سورية ستكون دولة فاشلة". وحدد عبدي شروط التفاوض مع النظام السوري، مشيراً إلى أنها "تتلخص في الاعتراف بالإدارات الموجودة، بما فيها الإدارة العامة لشمال وشرق سورية، والاعتراف بخصوصية قسد ومسؤوليتها الكاملة عن الملف العسكري والأمني في مناطق الإدارة الذاتية".

المساهمون