هل تستهدف المليشيات العراقية القوات الأميركية بعد اعتبارها احتلالاً؟

هل تستهدف المليشيات العراقية القوات الأميركية بعد اعتبارها احتلالاً؟

13 ابريل 2020
التلويح والتهديد للاستهلاك الإعلامي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

بعد مضي أكثر من أسبوع على البيان المشترك لثماني مليشيات عراقية مسلحة مرتبطة بإيران، الذي اعتبر أن الوجود العسكري الأميركي في العراق احتلال وهدد ببدء عمليات تستهدف تلك القوات، بعد رفضها الانسحاب من البلاد، بررت عدة فصائل عدم تفعيل تهديدها بأنه يعود إلى عدة أسباب، أبرزها الأزمة الصحية في البلاد بسبب تفشي فيروس كورونا، والسعي لفسح المجال للجهود الدبلوماسية.

مقابل ذلك، أشارت تسريبات سياسية من بغداد إلى تهديد أميركي جديد برد شامل وعنيف يستهدف معسكرات ومقرات المليشيات في حال تم تنفيذ أي هجوم، حتى ولو لم يسفر عن خسائر في صفوف الجنود الأميركيين.


وأصدرت ثماني فصائل عراقية مسلحة بياناً مشتركاً هو الأول من نوعه، في الرابع من الشهر الحالي وبثته وسائل إعلام محلية عراقية، قالت فيه إنها قررت معاملة القوات الأميركية كقوات احتلال، مهددة بأن ردها مجتمعة لن تتحمله القوات الأميركية.

وجاء في البيان الذي حمل توقيع كل من مليشيا "العصائب"، و"الخراساني"، و"النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"سرايا عاشوراء"، و"كتائب الإمام علي"، و"الأوفياء"، و"جند الإمام"، وهي من أبرز الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، إنه "بعد قرار البرلمان بالخروج الفوري للقوات الأجنبية وجدنا بالدليل القاطع أن القوات الأميركية ازدادت عتوا وطغيانا وقامت بمزيد من الاعتداءات، لذا اجتمع الغيارى من أبناء فصائل المقاومة باعتبار القوات الأميركية قوات احتلال"، مهددة بأنها ستحول "أرض العراق وسماءه جحيما".

المتحدث باسم مليشيا "كتائب سيد الشهداء"، كاظم الفرطوسي، رد على سؤال لـ"العربي الجديد" حول البيان ومقرراته، قائلاً إن "الرد على قوات الاحتلال لا يحسب بالأيام وإنما بنوعية الرد"، مبينا أن "القوات الأميركية متحصنة حاليا في أماكن معينة وضمن إجراءات مشددة ولا تتحرك بالشوارع".

وأضاف أن "الأزمة الصحية في العراق، ومشاركة فصائل المقاومة في جهود مواجهة الوباء سبب آخر، والرد بهذا الوقت مبكر جداً، بل نحتاج الى ظروف مناسبة حتى يكون لنا رد نوعي"، على حد تعبيره.

بدوره، قال القيادي في مليشيا "عصائب أهل الحق" سعد السعدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "بيان فصائل المقاومة يعتبر من بين وسائل الضغط على الإدارة الأميركية وعلى الجيش الأميركي في العراق من أجل الرضوخ لقرار البرلمان العراقي، القاضي بإخراج كل القوات الأجنبية من البلاد".


وبين أن "الخيار العسكري من قبل فصائل المقاومة موجود وجاهز، لكن هذا الخيار سيتم استخدامه بعد نفاد كل الطرق الدبلوماسية والسياسية لإخراج القوات الأميركية والأجنبية من العراق، فإذا وقفت الحكومة العراقية عاجزة أمام الإدارة الأميركية، فسيكون لفصائل المقاومة قول آخر".

وأضاف "ننتظر من الحكومة العراقية الجديدة، برئاسة مصطفى الكاظمي، التحرك بشكل سريع لإنهاء الوجود الأميركي والأجنبي على الأراضي العراقية، وبخلاف ذلك، سيكون لفصائل المقاومة حق التصرف وفق تكليفها الشرعي والوطني".

بالمقابل، أكدت مصادر سياسية في بغداد وجود تهديد أميركي جديد برد عسكري وصفته بالعنيف يستهدف مقرات ومعسكرات المليشيات في حال تم استهداف القوات الأميركية. وبحسب نائب في البرلمان العراقي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن الأميركيين أوصلوا عبر رئيس حكومة تصريف الأعمال، عادل عبد المهدي، "رسالة جدية بأنهم سيردون على الفور وبشكل عنيف على أي اعتداء يستهدف قواتهم، حتى وإن لم يتسبب بخسائر بشرية"، معربا عن اعتقاده بأن هناك جهودا سياسية لمنع أي هجوم من تلك الفصائل بالوقت الحالي، لأنه يعني فوضى جديدة وقد يفسر على أنه محاولة من تلك الفصائل لعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي.

من جانبه، اعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي، نجم القصاب، أن بيان الفصائل المسلحة "استعراض للعضلات، حتى تبين أنها الأقوى في المعادلة العراقية، كما تريد إعطاء رسائل داخلية وخارجية بهذا البيان"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الرسائل الداخلية موجهة إلى الكتل السياسية، وخصوصاً إلى رئيس الوزراء المكلف، بأنه لا يمكن أن يمرر في البرلمان العراقي دون التفاهم والتفاوض معنا، فبكل تأكيد هم لديهم شروط ومكاسب، يحاولون الحصول عليها من خلال هذه الرسائل".

ولفت إلى أن "الرسائل الخارجية إلى إيران بأننا ما زلنا نتحرك وبقوة وفق مساحة واسعة، ونحن الذراع الأطول في الأراضي العراقية على المستوى السياسي والعسكري، وحتى على المستوى الاجتماعي، وكذلك رسائل إلى الولايات المتحدة الأميركية بأننا ما زلنا نستهدف القواعد العسكرية والسفارة، ولهذا عليك الذهاب إلى طهران والتفاهم معها".

وأكد الخبير بالشأن السياسي والأمني العراقي أن "هذه الفصائل لا تمتلك قوة يمكن لها أن تجاري القوات الأميركية في العراق حتى تشن هجمات عليها، خصوصاً بعد تحصين القوات الأميركية في قاعد عين الأسد في الأنبار وكذلك قاعدة الحرير في أربيل، مع وجود منظومة دفاع جوي متطورة، لا تستطيع صواريخ تلك الفصائل عبور هذه المنظومة الدفاعية، ولهذا صعب جداً ونستبعد نية هذه الفصائل شن أي هجمات على الأرض، وسيبقى هذا التهديد على المستوى الإعلامي فقط".