الحشد للسيسي في الانتخابات الرئاسية: العين على تعديل الدستور

الحشد للسيسي في الانتخابات الرئاسية: العين على تعديل الدستور

07 مارس 2018
بدأت الدعاية الانتخابية باكراً (فايد الجزيري/Getty)
+ الخط -
لا حديث في مصر خلال الفترة الحالية، إلا عن محاولات حشد الناخبين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقررة بين 26 مارس/آذار الحالي و28 منه. مع العلم أن فترة الدعاية الانتخابية رسمياً بدأت فعلياً حتى قبل إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات فتح باب الترشح، بالترويج للرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال لافتات انتشرت في الشوارع أو عبر وسائل الإعلام الموالية للنظام الحالي.

30 مليون ناخب، هي النسبة المحددة من دوائر اتخاذ القرار ومؤسسة الرئاسة، التي عليها المشاركة في عملية الاقتراع في الانتخابات الرئاسية، حسبما ذكر عدد من الشخصيات المقرّبة من النظام الحالي. وبدت مفهومةً محاولات الحشد للسيسي في الانتخابات، في ظل تراجع شعبيته الشديدة بين مؤيديه، وتحديداً خلال آخر عامين من فترته الرئاسية الأولى، بفعل سياساته التي أغضبت قطاعاً عريضاً من الشعب المصري.

لكنّ ثمّة سبباً مهماً دفع النظام الحالي للعمل بكل قوة لحشد الناخبين، واتباع أساليب الحزب الوطني المنحل في الحشد، باستخدام الأموال، والاعتماد على دوائر سابقة وسماسرة انتخابات مثلما كان أيام نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. هذا السبب، كشفت عنه مصادر قريبة من دوائر اتخاذ القرار، وقالت إن "أحد أهم الأسباب في محاولات الحشد الحثيثة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، هو كونها خطوة في طريق تعديل الدستور المصري".

وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "الرفض الأميركي الصريح لتعديل الدستور خلال العام الماضي، كان سبباً في عرقلة مخططات تعديله، ولكن مع نزول أعداد كبيرة من الناخبين في الانتخابات، فإنها تسهّل من اتخاذ هذه الخطوة". وتابعت أن "المشاركة الكبيرة تعكس وجود شعبية وتأييد للسيسي، وهنا فإن الحديث عن تعديل الدستور يأتي من منطلق شعبي، بوجود رغبة شعبية باستمرار السيسي في الحكم". ولفتت إلى أن "ضعف المشاركة في الانتخابات يصعّب من عملية تعديل الدستور، خصوصاً أن هذا سيلاقي رفضاً أميركياً ودولياً، للمساس بمواد انتخاب الرئيس". وأكدت أن "مجلس النواب كان على بُعد خطوات من تعديل الدستور، وتحديداً زيادة فترة ولاية الرئيس إلى 6 سنوات لا 4 سنوات وفقاً للنص الدستوري، وهناك اتجاه لعدم اقتصار فترة الرئاسة بفترتين فقط، ولكن جعلها غير محددة".



وأشارت إلى أن "النظام المصري الحالي واجه ضغوطاً أميركية شديدة لعدم تعديل الدستور، لكن اتصالات تمت بين مسؤولين مصريين ونظرائهم في الإدارة الأميركية حول هذا الأمر، ولم يكن لدى (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب اعتراض، ولكنْ كانت هناك دوائر في الكونغرس وبعض من دوائر الإدارة الأميركية ترفض ذلك بشدة". وأوضحت أنه "كانت هناك رغبة في تعديل الدستور على الأقل ليسمح ببقاء السيسي في الحكم لمدة 6 سنوات، بدءاً من فترته الرئاسية الثانية، مع إمكانية التعديل قبل انتهاء مدته".


وفي هذا السياق، أعلن النائب المصري، إسماعيل نصر الدين، تقدمه باقتراح تعديل الدستور، مدعوماً بتوقيع خمسة نواب "في الوقت المناسب"، عقب انتهاء الانتخابات الرئاسية، لمد فترة ولاية الرئاسة إلى 6 سنوات، بدلاً من 4 سنوات. وقال نصر الدين، في تصريحات لمحرري البرلمان، أمس الثلاثاء، إن "الدستور ليس نصاً قرآنياً يُحظر الاقتراب منه، خاصة أنه وضع في فترة معينة من تاريخ مصر، قد تختلف عن المرحلة الراهنة"، مستشهداً بشروع البرلمان الصيني (الجمعية الوطنية الشعبية) في مناقشة اقتراح بتعديل للدستور، بهدف كسر الحظر على فترات الترشح، ومنح الرئيس شى جين بينغ ولاية غير محدودة.

وهاجم نصر الدين معارضي تعديل الدستور، بقوله: "انظروا إلى ما يحدث في الصين، وهي العملاق الاقتصادي رقم واحد في العالم، الأمر الذي يثبت أن التحرك في ملف التعديل الدستوري ليس بدعة، أو سابقة تحدث للمرة الأولى"، معتبراً أن بلاده تمر حالياً بمرحلة "النمو"، لذا فأقل فترة لتنفيذ أي خطة هي 5 سنوات، ثم تأتي السنة السادسة ليحاسب فيها البرلمان الرئيس على ما قدمه، حسب تعبيره.

وكان السيسي، أعلن عدم رغبته في تعديل الدستور المصري، ليسمح له بالاستمرار في الحكم، مشدداً على أن "محاولات تعديل الدستور كانت من قبل مجلس النواب". وبالمثل شدّد رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، خلال زيارته إلى الكونغرس الأميركي، العام الماضي، على "عدم وجود رغبة في تعديل الدستور، وما حدث كان مجرد اقتراح من قبل أحد النواب، وتم استبعاد هذا المقترح".

من جانبه، قال خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، إن "هناك قلقاً يلاحَظ في أروقة النظام المصري، لناحية المخاوف الشديدة من قلة المشاركين في الانتخابات الرئاسية". وأضاف الخبير السياسي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الضرر الواقع على النظام المصري جراء قلة المشاركين، سيكون كبيراً، إذ يعطي انطباعات للخارج بأن السيسي بلا شعبية حقيقية، كما أنها خطوة لنظرة مختلفة للمعارضة المصرية، والاهتمام أكثر بتقويتها والدفع باتجاه عدم التضييق عليها، باعتبارها جزءاً من صناعة البديل للسيسي في الانتخابات ما بعد السيسي".

وحول مسألة زيادة أعداد الناخبين المشاركين وتأثيراتها على تعديل الدستور، أشار إلى أن "المشاركة الكبيرة تعطي ثقة للنظام الحالي في مواجهة أي ضغوط خارجية عليه لعدم تعديل الدستور، وبالتالي إمكانية تمرير هذه التعديلات اعتمادا على وجود شعبية له". وأوضح أن "الحالة العامة في مصر تقول إنه لا توجد رغبة في النزول والمشاركة في الانتخابات الرئاسية، في ظل حالة يأس وإحباط من التغيير، والجميع بات يدرك أن السيسي هو الرئيس لفترة رئاسية ثانية، بعد إفراغ الساحة من منافسة حقيقية".