البرلمان العراقي يصدّر أزماته للحكومة... ويحضّر لاستجواب العبادي

البرلمان العراقي يصدّر أزماته للحكومة... ويحضّر لاستجواب العبادي

28 اغسطس 2016
نواب يطالبون بتشكيل حكومة عراقية من التكنوقراط (جاكوب راتز/Getty)
+ الخط -
يحاول البرلمان العراقي تجاوز خلافاته الداخلية التي كادت تطيح برئيسه سليم الجبوري، من خلال حراك جديد يهدف إلى نقل الأزمة إلى الحكومة والهيئات المستقلة. فبعد التصويت على إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي، واستجواب وزير المالية هوشيار زيباري، وعدم الاقتناع بأجوبته، يحضّر نواب عراقيون لاستجواب رئيس الوزراء حيدر العبادي، ومسؤولين في الهيئات المستقلة. وأكد مصدر برلماني عراقي مطلع أن عدداً من النواب باشروا بجمع تواقيع على طلب إلى رئاسة البرلمان لاستجواب العبادي ومسؤولين حكوميين آخرين بتهم متعلقة بالفساد والإصلاحات، ولتشكيل حكومة من التكنوقراط. وأضاف المصدر، لـ"العربي الجديد"، أن الاستجواب سيشمل أيضاً رؤساء ومدراء عامين في الهيئات المستقلة.

بموازاة ذلك، أعلنت النائبة عن "حركة إرادة"، حنان الفتلاوي، عزمها على استجواب العبادي ورئيس هيئة الإعلام والاتصالات، صفاء الدين ربيع. ومن جانب آخر، أوضحت خلال مقابلة متلفزة، أنّ جلسة استجواب وزير الدفاع المقال تمت وفق الأطر الدستورية، و"على الجميع احترام نتائجها، حتى وإن كانت غير مرضية"، وفق قولها.

ورأى عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون، كامل الزيدي، أن "المرحلة المقبلة ستكون حافلة بالاستجوابات"، كاشفاً خلال تصريح صحافي أنّ العبادي قد يكون في قائمة المستجوبين، "وقد يتم سحب الثقة منه". وأوضح أن تصويت البرلمان، أمس السبت، بالأغلبية المطلقة على عدم القناعة بأجوبة زيباري، "سيمثل تمهيداً لسحب الثقة منه في جلسات البرلمان المقبلة". وكان مجلس النواب العراقي عقد، الخميس الماضي، جلسة لاستجواب وزير المالية، على خلفية تهم فساد قدمها إلى المجلس النائب عن ائتلاف دولة القانون، هيثم الجبوري. وكان الأخير أكد وجود اجتماعات لوضع آليات استجواب العبادي في البرلمان، مبيناً أن الآليات يجب أن تتضمن برنامجاً شاملاً لإصلاح السلطة التنفيذية.

في المقابل، دعا عضو تحالف القوى العراقية، محمد المشهداني، النواب إلى العمل بجد لاستجواب رئيس الوزراء، والمسؤولين التنفيذيين الآخرين، وعدم الاكتفاء بالتصريح والتلويح بالاستجواب. وطالب في حديث لـ"العربي الجديد"، السلطة التشريعية بإقالة المسؤولين الفاسدين، كما حدث مع وزير الدفاع، إنْ أرادت إثبات مصداقيتها أمام العراقيين. وأضاف أنه يجب "على البرلمان إعادة النظر بتركيبة الهيئات المستقلة، كمفوضية الانتخابات، وهيئة النزاهة، وهيئة الإعلام والاتصالات، وهيئة الحج"، مشيراً إلى أن حزب الدعوة الحاكم الذي ينتمي إليه العبادي، يهيمن بشكل كبير على هذه الهيئات.

ويمنح الدستور العراقي الهيئات المستقلة وأبرزها "مفوضية الانتخابات، مفوضية حقوق الإنسان، هيئة النزاهة، هيئة الحج، هيئة الإعلام والاتصالات، ديوان الوقف السني، وديوان الوقف الشيعي"، وضعيةً مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومنح حق اختيار رؤسائها للبرلمان بناءً على توصية من رئيس الوزراء. وفي سياق متصل، قال القيادي في ائتلاف دولة القانون، جاسم البياتي، إن العبادي رشح 20 شخصية لشغل المناصب المهمة في الهيئات المستقلة، مرجحاً في بيان، أن يواجه رئيس الوزراء صعوبة في تمرير تلك الأسماء، قبل الحصول على موافقة الكتل السياسية.

في غضون ذلك، ذكرت مصادر حكومية عراقية أن العبيدي لا يزال في وزارة الدفاع، مؤكدة لـ"العربي الجديد"، أنه تلقى أوامر من رئاسة الوزراء تلزمه بالبقاء في مقر الوزارة لحين البت بالطعن الذي قدمه للمحكمة الاتحادية بشأن قرار إقالته. لكن عضوة البرلمان عن ائتلاف دولة القانون، عالية نصيف، طالبت بإخراج العبيدي من الوزارة. وقالت إن "الإقالة تمت وفقاً لإجراءات قانونية مائة بالمائة تحت قبة البرلمان"، داعيةً العبيدي للالتزام بتنفيذ إرادة الشعب وعدم الاستهانة بقرار السلطة التشريعية. وأكدت البرلمانية العراقية وجود منظومة إعلامية تابعة لوزير الدفاع المقال، مقرها وسط بغداد، وتعمل على فبركة الأخبار بشكل يخدم مصلحته ويشوش على الرأي العام، موضحة أن العبيدي ينفق على هذه المنظومة من المال العام.

انتصار البرلمان
حرب التصريحات وتبادل التهم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تشير إلى انتصار البرلمان لغاية الآن، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، الذي أكد لـ"العربي الجديد"، أن مجلس النواب تمكن من إقالة وزير الدفاع، واستجواب وزير المالية تمهيداً لإقالته، فضلاً عن التحضير لاستجواب رئيس الوزراء. وأضاف أن الحكومة فشلت في حشد الدعم اللازم داخل البرلمان لإقالة رئيسه، الجبوري. وتابع "تمكن البرلمان من قلب الطاولة على العبادي ووضعه ووزرائه في قفص الاتهام"، مؤكداً أن إقالة العبيدي ستجعل السلطة التشريعية أكثر جرأة لاستجواب مسؤولين تنفيذيين وإقالتهم، بمن فيهم رئيس الوزراء.

وتشكل البرلمان العراقي الحالي بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 30 إبريل/ نيسان 2014 ويضم 328 نائباً. وحصل ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، على 91 مقعداً، والتحالف الكردستاني على 62 مقعداً، والتيار الصدري على 34 مقعداً، وكتلة المواطن على 29 مقعداً، ومتحدون 23 مقعداً، وائتلاف الوطنية 21 مقعداً، وائتلاف العربية 10 مقاعد، وتوزعت بقية المقاعد على الكتل الصغيرة الأخرى. وتشكلت في ما بعد تحالفات سياسية واسعة، كالتحالف الوطني الشيعي الذي ضم: ائتلاف دولة القانون، والتيار الصدري، وكتلة المواطن، وتحالف القوى العراقية، السنّي، الذي ضم: متحدون، وائتلاف العربية، ونواب من ائتلاف العراقية.