قانون الإرهاب يقسم الأحزاب التونسية ويواصل معاركها السياسية

قانون الإرهاب يقسم الأحزاب التونسية ويواصل معاركها السياسية

24 يوليو 2015
جدل كبير يرافق مناقشة قانون الإرهاب بتونس (الأناضول)
+ الخط -
تحوّلت جلسات مناقشة قانون مكافحة الإرهاب في الأيام الثلاثة الماضية إلى سجال سياسي بامتياز، وانحرف النقاش حول الموضوع إلى افتتاح السنة السياسية بعد هدنة قصيرة خلال شهر رمضان، وتحولت الجلسة إلى تصفية حسابات بين أحزاب الحكومة والمعارضة.


ولئن كان منتظرا أن يشهد النقاش جدلا حول تحديد مفهوم الإرهاب وارتباطه بحقوق الإنسان والتضييقات على الحريات وعقوبة الإعدام، فإن الجلسات شهدت ملاسنات قوية حول فرض حالة الطوارئ والجدار العازل مع ليبيا وقانون المصالحة وسط اتهامات صريحة بين الأحزاب بالضلوع في تأجيج الأزمات خصوصا في الجنوب التونسي.

وتطور السجال إلى حد الدعوة إلى رفع الحصانة بصفة آلية عن النواب الذين يساندون الإرهاب، في إشارة إلى عدد من النواب الذين شاركوا في التنديد بالجدار العازل بين تونس وليبيا، ومن بينهم عماد الدايمي النائب عن حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" (حزب الرئيس السابق منصف المرزوقي).

الدايمي اعتبر أن دعوات سحب الحصانة عنه وعن زميله النائب أحمد العماري الذي حضر معه اجتماع المجتمع المدني بمدينة بنقردان يوم الأحد الماضي حول موضوع ‫ الجدار العازل تحمل بصمة ‫محسن مرزوق الأمين العام ل‫حزب "نداء تونس" برأيه.

ولفت في مداخلته حول قانون الإرهاب إلى أن القانون ليس إلا أداة في إستراتيجية وطنية شاملة يجب ألا تكون محل تجاذب سياسي، وطريقة استعمال هذا القانون من قبل الحكومة والنيابة العمومية إما أنها ستمنحه الشرعية وتجعله مقبولا وإما تخلق تجاهه احتقانا ورفضا شعبيا في صورة استعماله لتصفية حسابات سياسية أوتجريم تحركات اجتماعية لأن الشعب التونسي لن يقبل إطلاقا بالعودة من جديد إلى مربع الدكتاتورية والتسلط على الشعب عبر القوانين وبحجة مقاومة الإرهاب.


اقرأ أيضا: إحباط عمليات مسلّحة تستهدف مقرات أمنية في تونس

وشدد الدايمي على أن الشعب وصل لمرحلة لا يمكن أن يقبل فيها بمقايضة الحرية بالأمن ولا مقايضة الديمقراطية بالاستقرار ولا مقايضة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بمقاومة الإرهاب، وأن أي مسعى للتضييق على الحقوق والحريات تحت مسمى الوضع الاستثنائي سيلقى مقاومة للمجتمع المدني، وأي مسعى من هذا النوع ستكون نتيجته المباشرة إحداث احتقان ممكن أن يؤدي إلى توفير حاضنة شعبية للإرهاب، مقرا في الآن نفسه بأن مشروع القانون الحالي أفضل من قانون 2003، برغم بعض النقائص.

واعتبر الدايمي أن قانون المصالحة يهدف إلى مكافأة الفاسدين والسراق على حساب حق الشعب والمال العام وعلى حساب منظومة العدالة الانتقالية التي أقرها دستور 27 يناير / كانون الثاني 2014، وأنه يفرق بين التونسيين ويحدث الفتنة ويهدد السلم الاجتماعي.

من جهة أخرى، لفت النائب عن "الجبهة الشعبية اليسارية" عمار عمروسيّة إلى أن فرض قانون الطوارئ يهدف إلى ضرب الحراك الاجتماعي وحرية التونسيين في الاحتجاج على أوضاعهم المزرية في عديد الجهات، ولفت عمروسية إلى أن المعركة ضد المجموعات المتشددة ليست ضد الإسلام ولكنها ضد تأويل منحرف للإسلام تتبناه الجهات التي تستعمل الدين للوصول إلى غاياتها السياسية.

وتحوّل النقاش حول القانون إلى نقاش حول الإسلام، واعتبر النائب عن "حركة النهضة"، الصحبي عتيق، أن الإسلام بريء من الإرهاب ومن المتشددين، وهو ليس متهما حتى يدافع عن نفسه، مشددا على ضرورة تكثيف السعي لإبراز مقاصده المعتدلة والمتسامحة لقطع الطريق أمام المتشددين.

ودعا رئيس كتلة "الاتحاد الوطني الحر"، محسن حسن، إلى إنشاء مركز لدراسة الظاهرة الإرهابية يرصد ويستشرف تطورات الإرهاب، ولا يكتفي بمتابعة الأحداث والتفاعل معها وتكون مهمته الأساسية تقديم معطيات تساعد على فهم الظاهرة والتصدى لها واتخاذ القرارات الملائمة، مؤكدا على ضرورة الاهتمام بالرسائل التى تبثها الجماعات الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي والرد عليها بسرعة والإحاطة النفسية بالعائدين من بؤر التوتر ومتابعتهم.

اقرأ أيضا: أجواء مشحونة في مناقشة قانون الإرهاب في البرلمان التونسي

واعتبر حسن أن المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب الذي سينعقد في سبتمبر/ أيلول المقبل سيكون فرصة جيدة لتوحيد الجهود وتأكيد الوحدة الوطنية الضرورية في مكافحة الظاهرة الإرهابية.


وفي المقابل، اعتبر النائب سالم لبيض عن "حركة الشعب" أن هذا القانون لن يحد من الإرهاب بل سيغذيه باعتباره سيؤسس لعسكرة المجتمع ولأنه يساوي بين الإرهاب والتحركات الاحتجاجية، مشيرا إلى أن التقارير الدولية بخصوص الإرهاب توكد أن الظاهرة تنامت داخل السجون، ولذلك فإن ملء السجون لن يحل المشكلة.

وحذرت النائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو من خطر تأويل بعض الفصول في التضييق على الحريات ونبهت الصحفيين بالذات من هذه الفصول، خصوصا إذا وقع استعمالها من حكومة متسلطة، معتبرة أن المؤشرات الحالية تقود إلى الاستنتاج بأننا ذاهبون بالفعل إلى حالة تسلّط.

وتتواصل جلسات مناقشة قانون الإرهاب التي انطلقت الأربعاء، ويصر النواب على الانتهاء من المصادقة على القانون في حدود 25 يوليو / تموز الذي يوافق عيد الجمهورية في تونس، وهو ما التزم به رئيس المجلس ورؤساء الكتل النيابية بعد أحداث سوسة الإرهابية.

اقرأ أيضا: منظمات تونسية: مشروع المصالحة خرق للدستور وتطبيع مع الفساد

المساهمون