المفاوض الأوروبي: لا تفاوض حول "بريكست" إلا مع الفاتورة

المفاوض الأوروبي: لا تفاوض حول "بريكست" إلا مع دفع بريطانيا الفاتورة

12 يوليو 2017
حث بارنييه بريطانيا على حوار أقل توتراً حول الحدود(Getty)
+ الخط -
عبّر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي مع المملكة المتحدة حول خروجها من الاتحاد "البريكست"، ميشال بارنييه، عن استعداده لبدء الجولة الجديدة من المفاوضات.

وقال بارنييه خلال ندوة صحافية اليوم في بروكسل، إن فريقه النهائي الذي سيتكلف بمهمة المفاوضات قد تم تشكيله، كما أصبحت مواقفه وأفكاره واضحة جداً، مشيراً أيضاً إلى أن مجموعة من الوثائق الرسمية التي تضم موقف الاتحاد الأوروبي بشأن القضايا التي تجري مناقشتها، أو ستتم مناقشتها، قد تم نشرها. 

ومع اقتراب موعد عقد الجولة الثانية من المحادثات، الأسبوع المقبل، حث بارنييه لندن على اتخاذ خطوة لتحسين عرضها بشأن حقوق المواطنين الأوروبيين القاطنين في بريطانيا، وقبول اختصاص المحاكم الأوروبية. وكذلك السعي إلى حوار أقل توترا بخصوص الحدود، ووضع إيرلندا في الاتحاد، إضافة إلى القبول بمبدأ دفع الفاتورة المتبقية التي سيتم تحديدها بين الطرفين.

تفادي الإثارة

ورفض المسؤول الأوروبي الدخول، أمام وسائل الإعلام، في حرب إثارة للرد على تصريحات سابقة لبوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني.

وكان جونسون، وهو من أبرز مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قد قال أمس الثلاثاء، أمام البرلمان البريطاني، إن "المبالغ التي يطالبون بها من البلاد تبدو مفرطة، وأعتقد أن بإمكانهم أن يحلموا باستلامها.. وهذه عبارة أجدها مناسبة".

ولم ينشر، حتى الآن، أي مبلغ رسمي بشأن التسوية المالية لتعهدات لندن تجاه بروكسل، لكن تم تداول مجموعة من الأرقام على لسان مسؤولين أوروبيين تشير إلى أن المفوضية الأوروبية قدرتها بما بين 50 و60 مليار يورو. 

وتشمل الفاتورة خصوصا المساهمات التي تعهدت بها المملكة المتحدة في ميزانية الاتحاد وكافة المؤسسات، أو الكيانات القائمة بموجب المعاهدات الأوروبية، إضافة إلى مساهمة لندن في الصناديق الخاصة على غرار الصندوق الأوروبي للتنمية، بحسب المفوضية.

وحذر ميشال بارنييه من أنه في حال عدم قبول تيريزا ماي، رئيسة الحكومة البريطانية، بالاقتراح الأوروبي لتحديد شروط الخروج فإنه "لا تمكننا مناقشة أي شيء".

وفي إجابة عما إذا كان عدم قبول المملكة المتحدة تحمل المسؤوليات المالية يمكن أن يعني غياب أي تقدم في المناقشات كان الجواب واضحا ولا لبس فيه: "نعم". فبالنسبة له "الناس يتحدثون عن أشياء كثيرة مثل فدية وغيرها. وهذا ليس صحيحا، كما لا يتعلق الأمر بفاتورة الخروج أو عملية انتقام. المسألة تخص دفع الفواتير المتبقية. ونحن لا نطلب يورو أو جنيها واحدا أكثر مما التزمت به لندن. وينبغي لها الاعتراف بذلك".

وأضاف متسائلا "كيف يمكن أن تكون العلاقة جيدة في المستقبل إذا لم تكن هناك ثقة؟ فأنا لا أستطيع التصور أن بلدا عظيما مثل المملكة المتحدة ليس دولة مسؤولة ولن يقبل بتنفيذ التزاماته".

ملف المواطنين الأوروبيين

وكانت بقية الرسائل بخصوص الملفات الأخرى صارمة أيضا، فبحسب ميشال بارنييه فإن "الاقتراح البريطاني الخاص بحقوق المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا ليس كافيا، فوثيقة المملكة المتحدة لا تسمح للناس أن يواصلوا حياتهم بشكل طبيعي، ولا يتم تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل".

وكانت المفوضية الأوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، قد أكدت منذ بدء المفاوضات على أن العرض البريطاني غير كاف، مشيرة إلى أنه بموجب العرض سيحصل البريطانيون المقيمون في الاتحاد الأوروبي على حقوق أفضل من الأوروبيين القاطنين في المملكة المتحدة، ففيما يتعلق بجمع شمل الأسرة، على سبيل المثال ذكر بارنييه أن القوانين البريطانية أكثر تقييدا ​​من نظيراتها الأوروبية. 

وتشير وثيقة لندن، إلى أن بريطانيا ستحاول إعطاء نفس الحقوق للمواطنين الأوروبيين، لكن بروكسل ترى أن الاقتراح مازال غامضا ومليئاً
بالثغرات. 

كما تريد الدول الأعضاء في الاتحاد أن تكون محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي الضامن النهائي لحقوق المغتربين الأوروبيين في المملكة المتحدة، بينما ترفض تيريزا ماي ذلك. 

وتعتقد الدول الأوروبية بأنه لا يمكن لأحد أن يضمن أن محكمة لندن لن تقدم، في وقت لاحق، على تغيير القوانين وتظل، بالتالي، الاتفاقات حبرا على ورق.

وتقول كيارا دي فيليشي، الخبيرة في الشؤون الأوروبية لـ"العربي الجديد "، إنه "يمكن اعتبار الملف المالي تقنياً ومسألة الحدود قانونية محضة، لكن ملف حقوق المواطنين الأوروبيين سيظل يحتل المرتبة الأولى على أجندة اهتمامات المسؤولين الأوروبيين، إذ يتعلق الأمر بأحد أدوار النادي الأوروبي، وهو الدفاع عن حقوق المواطنين، وبالتالي سيشكل الملف نقطة ضغط من الطرفين للتوصل إلى اتفاقات في نقاط أخرى".

وتضيف فيليشي أن "المفاوضات ستعرف، دون شك، الكثير من الأخذ والرد، لكن ذلك سيخضع في الأخير للمصالح، وخاصة لكيفية التوصل إلى حل لمسألة الأوروبيين المقيمين في بريطانيا". 

جولة جديدة وصرامة

وفي الوقت الذي تنطلق الجولة الثانية من المفاوضات يوم الاثنين المقبل، لم يتردد بارنييه في الإشارة إلى وجود وجهات نظر مختلفة لدى الطرف البريطاني بشأن ملف البريكست، مؤكدا أيضا أن فريق المفاوضات الأوروبي لا يعرف حتى الآن كيف يفكر المسؤولون البريطانيون حول العديد من القضايا. 

وأكد على أنه يريد "الاستماع إلى وجهات النظر البريطانية المختلفة، إنه شيء طبيعي، لذا سنلتقي اليوم لجنة من مجلس اللوردات، وغدا سألتقي، بناء على طلبه، مع جيريمي كوربين، إضافة إلى رئيسة حكومة اسكتلندا، نيكولا ستورجيون، ورئيس حكومة ويلز، كاروين جونز". مشددا على أنه سيتفاوض "فقط مع الحكومة البريطانية".

وبحسب كيارا دي فيليشي، "فالاتحاد الأوروبي كان اليوم صارما في عرض كيفية تعامله مع ملف البريكست من خلال تصريحات كبير المفاوضين، فالتأكيد على أن المناقشات المتعلقة بإطار لإقامة علاقات مستقبلية مع المملكة المتحدة لن يتم إلا بعد إحراز تقدم كاف في جميع مجالات المرحلة الأولى من المفاوضات، وأن المجلس الأوروبي هو الذي سيقرر ما إذا كان هناك تقدم كاف، دليل ملموس على هذا التعامل الصارم للاتحاد مع الملف". 

ويأمل ميشيل بارنييه أن تتمكن المفوضية الأوروبية من تقديم تقرير واف عن التقدم المحرز في المفاوضات إلى المجلس الأوروبي في أكتوبر/تشرين الثاني القادم.