معارك الصحراء العراقية... الدبابات لا تصل إلى كل الأماكن

معارك الصحراء العراقية... الدبابات لا تصل إلى كل الأماكن

25 نوفمبر 2017
قوات عراقية في محافظة الأنبار (فرانس برس)
+ الخط -

على مساحة نحو 120 ألف كيلومتر مربّع أطلقت بغداد آخر الحملات العسكرية الضخمة لها، لمطاردة مقاتلي تنظيم "داعش" الإرهابي في الصحراء العراقية، المحاذية للسعودية والأردن وسورية دولياً، والمرتبطة مع ست محافظات مهمة هي بغداد ونينوى وكربلاء وصلاح الدين والنجف وبابل، فضلاً عن المحافظة الأم، وهي الأنبار.

في هذا السياق، أفادت السلطات العسكرية العراقية، أن "نحو ألفي مقاتل من عناصر التنظيم يرجح وجودهم في الصحراء بعد انسحابهم من المدن التي تم تحريرها في العراق، أو في مدن دير الزور والرقة والبوكمال، بسبب مساحتها الكبيرة وسهولة التخفي وتضاريسها الصعبة، التي وفرت وما زالت ملاذاً آمناً للجماعات المسلحة منذ احتلال العراق عام 2003 وحتى الآن".

وبلغ عدد المشاركين في الحملة العسكرية ست وحدات مدعومة من فصائل من مليشيات "الحشد الشعبي" وقوات عشائرية عاملة كدليل في أجزاء من تلك الصحراء، مع مشاهدة مقاتلات أميركية وعراقية وطائرات تصوير مسيّرة حلّقت على مستويات منخفضة من تحرك القوات العراقية، لليوم الثاني على التوالي.

ووفقاً للعقيد الركن محمد عبد السميع الدليمي من قيادة عمليات الأنبار، فإن "العملية قد تمتد بين شهر ونصف الشهر وشهرين على أفضل الحالات، والنهاية ستكون عند الحدود مع الدول الثلاث المجاورة"، في إشارة إلى الحدود السعودية والأردنية والسورية". وأضاف لـ "العربي الجديد"، أن "البحث عن عناصر داعش في هذه الصحراء يشبه إلى حد ما البحث عن إبرة في كومة من القش"، مستدركاً بأن "العملية لا بد منها بكل الأحوال فوجودهم بالصحراء يعني أن الهجمات على المدن ستستمر".

ووفقاً للخطة العراقية تحركت قوات مشتركة من كربلاء باتجاه صحراء الأنبار، عبر محورين هما عين تمر والنخيب وأخرى قدمت من أطراف بابل عبر محور الفلوجة، بينما وصلت قوات أخرى من بادية جزيرة نينوى المرتبطة مع الأنبار من محور الشمال وقوات أخرى من منطقة ذراع دجلة، جنوب سامراء، لتلتقي بالقوات العراقية الداخلة من الصحراء من ستة محاور، هي: محور منطقة الخسفة والكيلو 160 والكيلو 110 وهضبة الحبانية ووادي حوران. في خطة تشمل 11 محوراً مختلفاً في أضخم حملة في الصحراء منذ 14 عاماً، وبمشاركة نحو 40 ألف جندي بغطاء جوي ضخم.

وصعوبة العملية هي في وجود تضاريس صعبة على الدبابات والآليات القتالية لدخولها، باستثناء الجنود الذين تحوّلوا في مرات سابقة إلى صيد سهل لمسلحي تنظيم "القاعدة" ومن بعدهم "داعش". وخسرت القوات الأميركية خلال سني احتلالها للعراق عشرات الجنود خلال عمليات أطلقتها بغية السيطرة على الصحراء ذاتها، التي باتت ملاذاً للمسلحين والمطلوبين في العراق.



وفي الصحراء 16 وادياً، أبرزها وادي حوران ووادي الخسفة ووادي القذف ووادي موت ووادي الأبيض ووادي السباع ووادي الجن، فضلاً عن سلسلة جبال مترامية الأطراف فيها عشرات الكهوف والتجويفات الأرضية، عدا تلك التي تم حفرها من قبل التنظيم نفسه، ويصعب العثور عليها كونها تحت الأرض، وتمّ التمويه عليها بشكل متقن كما تمتاز بطقسها الحار الجاف صيفاً والبارد القاسي شتاءً.

بدوره، أفاد المقدم فلاح الساعدي من قيادة العمليات المشتركة لـ"العربي الجديد"، أن "العملية لا يمكن لها أن تصل لدرجة التطهير التام لكنها يجب أن تسفر عن تدمير مواقع واوكار التنظيم". وبيّن أن "حقل غاز عكاز ومناجم الفوسفات وآبار نفط غير مستثمرة قرب الرطبة جنوب صحراء الأنبار تمت السيطرة عليها، فضلاً عن مناطق صناعية مدمرة بفعل للحرب كمناجم الزجاج الرملي وحجر الكلس وأسلاك الألمنيوم". وأكد أن "المناطق التي يصعب دخول الآليات إليها سيتم تسيير قوات راجلة والبحث سيكون دقيقا والفترة الزمنية مفتوحة ولم نحدد أي سقف للعملية".

في غضون ذلك، كشفت مصادر عسكرية عراقية في بغداد، أن "حكومة العبادي أخطرت الجانبين الأردني والسعودي بالعملية قبل بدء تنفيذها، استناداً إلى اتفاقيات تعاون أمني موقعة مع الأردن قبل سنوات عدة، وأخرى مع السعودية منتصف العام الحالي".

وقال مسؤول عراقي، إن "العراق أبلغ البلدين بالعملية قبل أيام عدة تخوفاً من تسلل مسلحي داعش إليهما إذا ما تم تضييق الخناق على التنظيم في الصحراء". ولفت إلى أن "الحدود العراقية السورية من جهة الأنبار، باتت في الغالب بيد مليشيات الحشد الشعبي وفصائل مسلحة أخرى موالية للنظام السوري موجودة من جهة البوكمال والتنف في سورية". وحول ما أسفرت عنه العملية أوضح المسؤول ذاته أنه "من المبكر جداً الحديث عن تحقيق إنجازات مهمة على المستوى العسكري حتى الآن".