عطش عربي للمواطنة

عطش عربي للمواطنة

08 نوفمبر 2018
يكشف فوز عمر أهمية بيئة المواطنة والحريات(كريم يوسيل/فرانس برس)
+ الخط -
بعيداً عن تعليقات ذباب الأنظمة، تشكيكاً واستهزاء بالديمقراطية والحريات، للإبقاء على ثبات الدوران حول ترع سياسية فاسدة، يكشف فوز رشيدة طليب وإلهان عمر في الانتخابات النصفية الأميركية، أهمية بيئة المواطنة والحريات والمساواة. أن تنجح أميركية - فلسطينية في بلد "يعادي شعبنا بسياساته المؤيدة للاحتلال"، كما قال الأكاديمي الفلسطيني - الأميركي خليل جهشان، ليس بالحدث العابر، ولا أمراً بسيطاً.
ويمكن استخلاص الكثير من فوز طليب وعمر. فالمشاركة في بيئة دستورية تحترم القيم، تؤدي إلى تفجّر الإبداعات، وتُخرج ناسها من التقوقع، إن في بلدان المنشأ أو من المهاجرين. ومن حق العربي المقارنة بين واقع بلاده وشروط النجاح المتاح خارج جغرافية غياب الدساتير الديمقراطية والحريات.

كل المقارنات والمقاربات حول أهمية المشاركة بلا ترهيب، لا بد أن تفتح سجالاً حول الأفق الذي يمعنون في إغلاقه بوجه جيل عربي جديد خرج عن طوق الترويض المزمن، خصوصاً حين حرك في ميادين ربيع ثوراته البرك الآسنة، ففاحت روائح الكوارث، بفعل ثوري لم يرقَ لنخبة تقبيل أيادي الديكتاتوريين، المرعوبين من منسوب الوعي اليوم.
القياس هنا ليس على قدرة رشيدة وإلهان على تغيير بوصلة سياسة بلدهما تجاه أوطان الأهل، بل بمخرجات قيمة المشاركة الديمقراطية. وبالتأكيد هو فوز يضاف إلى تراكمات عربية أخرى في الغرب، دالة على أن التعددية والحرية، التي تخافها الأنظمة، وجمهورها الخائف من أي منجز ديمقراطي، ستبقى أحد أهم الشروط لنهوض عربي للتغيير، واقعاً ومستقبلاً.

ببساطة، هو درس آخر عن أن الحرية ليست كما يصورها معسكر التقاء رجال الأنظمة ورفاقهم في التطرف "العلماني الانفصامي"، حول "فضائل الاستبداد"، بمحللات الخنوع إيماناً وتقوى، وعوائق الثقافة كثابت تغييب الوعي، بتسويق ساذج لقيم "الأمن والأمان"، كمنّة منه... وهو درس أيضاً يصيب حلفاء الاستبداد، من ترامبيي الغرب، الذين يفضلون بقاء العرب أسرى النمطية وجلد الذات.
يسأل بعض الناس: ماذا لو بقيت رشيدة وإلهان، وغيرهما، في بيئة هذين المعسكرين؟ الإجابة واضحة، من القاهرة إلى دمشق والرياض فمقديشو، وما بينها من عواصم تخوين الباحثين عن العدالة والحرية، إذ تُخنق الحرية والكلمة، يغيب ويقطع ويُذوّب مناديها، ليستعاض عنها بتهريج أبدية الحاكم، على أطلال الخراب... حتى الموت.

المساهمون