"نداء تونس" يوسّع مشاوراته لتكوين "جبهة إنقاذ"

"نداء تونسّ يوسّع مشاوراته لتكوين جبهة إنقاذ وطنية وللاستعداد لمؤتمره المقبل

18 يونيو 2018
حرب مفتوحة بين حافظ قائد السبسي ويوسف الشاهد (الأناضول)
+ الخط -
يكثّف حزب "نداء تونس" في الفترة الأخيرة من مشاوراته مع الأحزاب الأخرى بهدف تكوين ائتلاف وطني واسع للإنقاذ، على قاعدة أنّ الوضع في تونس "لم يعد يحتمل الصمت وعدم التحرّك" بحسب ما يستشف من أركان الحزب الحاكم. ولا تقتصر تحرّكات "نداء تونس" على المشاورات مع الأحزاب، بل يسعى إلى تكوين 3 لجان تهدف إحداها إلى تقييم أداء وزرائه في الحكومة، وتنسيق العمل الحكومي، إلى جانب التحضير للمؤتمرات القاعدية والجهوية المقبلة للحزب، والتمهيد للمؤتمر الانتخابي الثاني الذي يجري الاستعداد له. وفي الوقت الذي يستعدّ فيه "نداء تونس" إلى تكوين جبهة إنقاذ، موجهاً انتقاداته الحادة إلى الحكومة، اجتمع مساء الأربعاء الماضي رئيس الوزراء، يوسف الشاهد، بأعضاء الحكومةً المنتمين لـ"نداء تونس" وعدد من نواب الحزب في دار الضيافة في قرطاج.

وقال رئيس كتلة "نداء تونس" النيابية، سفيان طوبال، عقب الاجتماع، إنّ اللقاء تطرّق إلى مناقشة العمل الحكومي وعلاقته بالبرلمان والقوانين المستعجلة التي وجب على مجلس النواب النظر فيها والمصادقة عليها، مضيفاً أنّ التقييم الداخلي لحركة "نداء تونس" أثبت أنّ "حلّ الأزمة يكمن في تجديد الهياكل المحلية والجهوية والانطلاق في إعداد المؤتمر الانتخابي الثاني للحركة".

ويرى مراقبون أنّ هذا الاجتماع الذي غاب عنه المدير التنفيذي للحركة، حافظ قائد السبسي، يأتي في ظرف دقيق ازدادت فيه حدة أزمة "نداء تونس" والتباعد بين المدير التنفيذي ورئيس الحكومة، كما يأتي مباشرة بعد إعلان قيادات ندائية بدء المشاورات لتكوين ائتلاف وطني للإنقاذ.

وأكّد المتحدث باسم "نداء تونس"، منجي الحرباوي، في تصريح لـ"العربي الجيد"، أنّ "الحزب بدأ في تنسيق المشاورات مع عدد من الأحزاب والشخصيات الوطنية من أجل تكوين ائتلاف وطني واسع للإنقاذ"، مبيناً أنّ "الوضع على المستوى الاجتماعي متأزم، لناحية غلاء المعيشة والأسعار التي قفزت إلى مستوى غير مسبوق، خصوصاً في ما يتعلّق بأسعار المواد الأساسية". وأشار الحرباوي إلى أنّ "المؤشرات الاقتصادية الحالية خطيرة، في ظلّ تراجع مخزون العملة الصعبة والارتفاع المتواصل لأسعار المحروقات وازدياد نسبة التضخّم التي سجّلت رقماً قياسياً منذ 2010".

وقال الحرباوي إن "الوضع الدقيق الذي تعيشه تونس لم تقابله تحرّكات من قبل الحكومة لحلحلة الأزمة، خصوصاً إثر توقّف العمل بوثيقة قرطاج 2"، مشيراً إلى وجود "مسائل مقلقة تتعلّق بالتعيينات الأخيرة والتي يعتبرها الحزب محاولات للسيطرة على مفاصل الدولة". ولفت إلى أنّ "التعيينات التي يكشفها الرائد الرسمي (الجريدة الرسمية التابعة للجمهورية) تبيّن أنّ الحكومة غير منشغلة بالوضع الصعب في البلاد، بقدر انشغالها بترضية طرف سياسي متمثّل بحركة النهضة، مقابل البحث عن الدعم والمساندة، الأمر الذي حتّم على نداء تونس إيقاف هذا النزيف وإنقاذ البلاد من الانهيار الوشيك".

ولفت الحرباوي إلى أنّ "نداء تونس"، "دخل في مشاورات مع أحزاب وطنية لتشكيل ائتلاف وطني للإنقاذ، بعيداً عن الكراسي ومراكز القرار والحكم"، لافتاً إلى أنّ "جبهة واسعة للإنقاذ أصبحت أكثر من واجب وطني وأكثر من ضرورة".


وحول اللجان التي شكّلها "نداء تونس" أخيراً، رأى الحرباوي أنّ تشكيل هذه اللجان "يأتي في إطار التحضير للمؤتمر المقبل للحزب، إذ تمّ خلال آخر اجتماع مع المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي، تشكيل 3 لجان، ستهتم الأولى في إعداد تصوّر حول كيفية إنجاز المؤتمر المقبل، والاستعداد للمؤتمرات الجهوية والمحلية، وصولاً إلى المؤتمر النهائي. وستكون هذه اللجنة مؤقتة وسيقتصر دورها على إعداد تصوّر ستحيله إلى الإدارة التنفيذية التي يمكنها تعديل أو تصويب ما ورد في تقرير اللجنة".

وأضاف أنّ "اللجنة الثانية برلمانية، لتقييم العمل الحكومي، وهي مؤقتة أيضاً، وقد انبثقت إثر اجتماع الكتلة النيابية مع حافظ قائد السبسي، وجاءت بطلب من النواب، إذ ستهتمّ بتقييم العمل الحكومي وأداء وزراء النداء، وإحالة تقريرها للإدارة التنفيذية".

أمّا اللجنة الثالثة، بحسب الحرباوي، "فتتكوّن أيضاً من نواب النداء ومهمّتها الانفتاح والاتصال ببقية القوى الوطنية لمحاولة فتح قنوات حوار مع المستقلّين والمغادرين نداء تونس، لإمكانية التنسيق معهم مجدداً والعودة للحركة، سواء كان على مستوى النواب أو القيادات الوطنية المغادرة أو الملتحقة بأحزاب أخرى والمستقلة أيضاً".

وتأتي اللجنة التي ستهتمّ بتقييم أداء وزراء "النداء" بشكل متأخر، وهو رأي بعض النواب أنفسهم، وفي ظرف دقيق تبدو خلاله أغلب السيناريوهات مطروحة في ظلّ تهديد "نداء تونس" بسحب وزرائه بعد خطاب الشاهد الذي انتقد فيه مباشرة حافظ قائد السبسي، محملاً إياه مسؤولية فشل الحزب، وفي وقت يتحدّث فيه العديد من المراقبين عن حرب مفتوحة بين المدير التنفيذي لنداء تونس ورئيس الحكومة، ما يطرح العديد من التساؤلات حول الجدوى من تشكيل هذه اللجنة الآن، وهل سيكون دورها فعّالاً أم أنّها مجرّد لجنة من اللجان التي تشكّل وتختفي سريعاً؟

وفي السياق ذاته، أكّد النائب عن حركة "نداء تونس"، محمد سعيدان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "نداء تونس" قرّر "تشكيل العديد من اللجان تمهيداً لمؤتمره المقبل، ومن بين مهام إحداها دراسة ملفات أعضاء نداء تونس الراغبين في الترشّح لمناصب حكومية، مهما كانت تلك المناصب، من وزراء ومحافظين ومعتمدين"، مبيناً أنّه "في حال إجراء تعديل حكومي ما، فإنه يجب أن يكون للنداء مرشّحوه وشخصيات يراها الأكثر كفاءة لتقلّد منصب ما".

وقال سعيدان إنّ "اللجنة ستدرس طريقة تعامل أعضاء الحكومة التابعين لنداء تونس مع النواب، خصوصاً أنّ هناك تعاملا مباشرا بين الطرفين، وكذلك ستعمل على تسهيل العمل والتنسيق بين جهة وأخرى"، مضيفاً أنّ "العمل لن يكون ظرفياً، وكان من المفترض أن يتمّ منذ تشكيل الحكومة، ولكنّه تأخّر نسبياً ليسهّل تقييم العمل وتحسين الأداء وللحصول على فكرة واقعية عن أداء أعضاء الفريق الحكومي لنداء تونس".

من جانبه، رأى النائب عن "نداء تونس"، محمد فوزي خميس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "اللجنة التي تمّ تشكيلها هدفها تقييم عمل الحكومة على مختلف الأصعدة، فضلاً عن تقييم أداء الفريق الحكومي من وزراء وأعضاء تابعين لنداء تونس"، موضحاً أنها "تتكوّن مبدئياً من 12 نائباً، ولكنها لا تزال منفتحة لانضمام نواب آخرين". وأضاف خميس أنّ التقييم "يهدف إلى الاستفادة أكثر من الكفاءات، والنظر في مدى نجاحها في المواقع التي تمّ تعيينها فيها، وفي المسؤوليات التي تتقلّدها، والنظر إن كانت ستكون أفضل في مسؤوليات أخرى غير تلك التي أوكلت إليها".

المساهمون