السيسي في السعودية اليوم: تعويل مصري على إنهاء الخلافات

السيسي في السعودية اليوم: تعويل مصري على إنهاء الخلافات

23 ابريل 2017
تأتي زيارة السيسي استجابة لدعوة وجهها له الملك سلمان(الأناضول)
+ الخط -
يجري رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، يلتقي خلالها بالملك سلمان بن عبدالعزيز، وسط تفاؤل رسمي مصري بأن تضع هذه الزيارة نهاية للخلافات التي سيطرت على العلاقات بين البلدين خلال الأشهر السبعة الأخيرة.

وظهرت ملامح هذا التفاؤل في بيان للرئاسة المصرية، والتي أعلنت أن القمة المقرر عقدها اليوم ستتناول سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين، والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب الذي بات يمثل تهديداً لأمن واستقرار الأمة العربية بل والمجتمع الدولي بأكمله، وفق بيان الرئاسة المصرية.

وتأتي زيارة السيسي استجابة لدعوة وجهها له العاهل السعودي في إطار اتفاق الجانبين خلال لقائهما الأخير على هامش القمة العربية الأخيرة في الأردن، على تبادل الزيارات في غضون العام الحالي. وكانت "العربي الجديد" قد نشرت الشهر الماضي معلومات من مصادر مصرية رجحت حصول زيارة للسيسي إلى الرياض خلال النصف الأول من العام الحالي.

وذكرت مصادر دبلوماسية مصرية أن المحادثات التي سيجريها السيسي مع الملك السعودي، ومع ولي ولي العهد، وزير الدفاع، محمد بن سلمان، فضلاً عن المحادثات المرتقبة بين الدبلوماسيين من البلدين على مستوى آخر، ستتناول كل الموضوعات المفتوحة والمعلقة. وأضافت المصادر أن الأولوية ستكون لبحث مسألة كيفية وموعد تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، بعد عام من توقيعها، في ظل استمرار المنازعات القضائية المحلية في مصر حول جزيرتي تيران وصنافير. وتابعت أن مباحثات الطرفين ستركز أيضاً على تنسيق المواقف في ليبيا، ومستقبل علاقة مصر بإيران، والتنسيق العسكري والاستخباراتي في منطقة باب المندب، إلى جانب بحث مسألة التسهيلات الاستثمارية التي تعهدت مصر بمنحها لرجال الأعمال السعوديين ومواعيد البدء في تنفيذ بعض المشاريع التنموية الممولة سعودياً في جنوب سيناء.

وتوقعت المصادر الدبلوماسية أن يشهد ملف اتفاقية ترسيم الحدود لنقل سيادة جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، حراكاً واسعاً خلال الأسبوعين الحالي والمقبل، داخل اللجان البرلمانية المختصة بمجلس النواب المصري، تزامناً مع زيارة السيسي إلى المملكة. كما رجحت المصادر أن تعقد اللجان المختصة جلسات استماع لبعض الخبراء المؤيدين لسعودية الجزيرتين من بينهم الوزير السابق، مفيد شهاب. وأكدت المصادر أن إحالة الملف للجلسة العامة لمجلس النواب متوقفة على حجم الإنجاز الذي سيتحقق في الزيارة، مشيرة إلى أن وزارتي الخارجية والدفاع قدمتا للبرلمان الأسبوع الماضي جميع الوثائق الأصلية التي تم تقديمها في السابق للمحاكم المختلفة، والتي تثبت سعودية الجزيرتين.


وفي السياق، أوضح مصدر حكومي مصري أن إحالة الاتفاقية إلى الجلسة العامة تتوقف على أمرين؛ الأول يتمثل بالمستجدات القضائية إذ يرغب النظام المصري في معرفة الرأي النهائي للمحكمة الدستورية في مسألة مدى سلطة القضاء في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية في إبرام الاتفاقيات الدولية بغض النظر عن حسم مصرية أو سعودية الجزيرتين. أما الأمر الثاني فهو عودة العلاقات مع السعودية إلى سابق عهدها، و"هذا ما سيتأكد بمدى دفء اللقاءات التي سيعقدها السيسي خلال زيارته اليوم ومدى فاعلية نتائجها"، على حد وصف المصدر.

وأكد المصدر الحكومي نفسه أن مصر حريصة على إنهاء ملف تيران وصنافير بدون خسائر اقتصادية أو سياسية، حتى تتفرغ في ما بعد لملف مثلث حلايب وشلاتين الذي يعتبر محور الخلاف مع السودان، والذي قد يتطلب نزاعاً قانونياً طويل الأمد بين القاهرة والخرطوم أمام محكمة العدل الدولية أو هيئة تحكيم دولية مستقلة، لا سيما أن عملية ترسيم الحدود البحرية المقررة بين السودان والسعودية متوقفة على حسم تبعية المثلث لمصر أو السودان.
وذكّر المصدر بأن الخلافات المصرية السعودية كانت قد بدأت لدى تصويت مصر في مجلس الأمن الدولي، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، على مشروعي قرارين متناقضين بشأن الحرب في مدينة حلب السورية، ولا تريد القاهرة تكرار الفترة الصعبة التي امتدت لستة أشهر وعانت خلالها من وقف الواردات البترولية السعودية.
في المقابل، عبرت السعودية، خلال الاتصالات غير المباشرة التي أجراها الطرفان في الشهرين الماضيين، عن "انزعاجها من أداء مصر في مجلس الأمن" وهو ما تمت ترجمته باتخاذ مصر موقفاً مؤيداً للتوجه السعودي خلال التصويت على مشروع القرار الخاص بمجزرة نظام بشار الأسد في قرية خان شيخون بإدلب (في أوائل الشهر الحالي)، مع أنها كانت تعلم أن القرار الأممي لن يصدر من الأساس.

وعن احتمال طلب مصر مساعدات مالية سعودية جديدة، استبعد المصدر الحكومي المطلع على ملفات التعاون الدولي، أن يتم ذلك خلال زيارة اليوم، واصفاً الزيارة بأنها "خطوة أولى مهمة لتحسين العلاقات، وتستهدف فقط تأمين ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة الملك سلمان للقاهرة في إبريل/نيسان من العام الماضي، لا سيما المنح التنموية لجنوب سيناء وبعض المحافظات الحدودية"، وفق المصدر. وأشار المصدر إلى أن مشروع جسر الملك سلمان الرابط بين مصر والسعودية سيظل مؤجلاً مرحلياً لحين نقل تبعية تيران وصنافير للمملكة، وبالتالي فإن مصر لا تنتظر من الزيارة ضخ مزيد من المساعدات المالية أياً كان شكلها، بل ستقتصر على تأكيد وتأمين ما تم الاتفاق عليه مسبقاً، بحسب قوله. ورجح المصدر أن تجري وزيرة التعاون الدولي، سحر نصر، زيارات متتالية للرياض خلال الشهر المقبل، للتباحث حول قروض جديدة أو استثمارات إضافية سعودية.

وظهرت بوادر نجاح الوساطات الأميركية والعربية بين القاهرة والرياض بلقاء قصير بين السيسي والملك سلمان، عقد خلال القمة العربية الأخيرة التي في منطقة البحر الميت بالأردن، في 29 مارس/آذار الماضي، وكان أهم ما نتج عنه الاتفاق على عقد اجتماعات لتصفية الأجواء بين البلدين خلال شهر إبريل/نيسان الحالي.

وعلى النقيض من التقارب مع السعودية، والذي تطلّب تعليق الاتصالات بالعراق وإيران من أجل التوصل لاتفاقات مستديمة لاستيراد النفط، تبدو العلاقة بين القاهرة وروسيا (طرف النقيض للسياسات السعودية في الملف السوري) في أسوأ حالاتها منذ منتصف 2013، لا سيما في ظل الإرجاء المستمر من الجانب الروسي لاستئناف رحلات الطيران لمصر وتوقيع بروتوكول السلامة الجوية الذي يماطل فيه الجانب الروسي، رغبةً منه في فرض مزيد من الشروط والاحتياطات الأمنية بشأن جميع المطارات المصرية وليس المطارات الأهم للسياحة الروسية وحسب.

المساهمون