خطة ترامب لهزيمة "داعش": فتح النار على "عقيدة أوباما"

خطة ترامب لهزيمة "داعش": فتح النار على "عقيدة أوباما"

02 فبراير 2017
ترامب أغضب مراقبين مخضرمين بمجال الأمن (مانديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -
قبيل الإعلان عنها رسمياً، تثير خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لهزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، زوبعة في أوساط المسؤولين الأميركيين، لا سيما أنّ ترامب سيقلب القواعد التي اعتمدتها الإدارة السابقة في قتال التنظيم، مستفيداً منها في الوقت عينه، من دون أن ينسفها.

ووفق معلومات كشفتها صحيفة "واشنطن تايمز" الأميركية نقلاً عن مسؤولين، فإنّ خطة ترامب لهزيمة "داعش" ستعتمد بشكل أساسي على "زيادة كبيرة" في الأسلحة المقدّمة للمقاتلين الأكراد، ومضاعفة الضربات الجوية الأميركية على التنظيم، فضلاً عن توسيع عمل القوات الخاصة العاملة (كوماندوس) على أرض الميدان.

وبحسب ما تنقل الصحيفة عن مسؤولين، فإنّ "هذه النقاط، بالإضافة إلى تنسيق الغارات مع القوات الروسية في سورية، ستشكّل أساس الخطة التي ستقدّم إلى البيت الأبيض، ردّاً على الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب الجمعة الماضي، ويطلب فيه إعداد خطة خلال 30 يوماً لهزيمة داعش".

وقال مسؤول هو عضو بفريق إعداد الخطة لـ"واشنطن تايمز"، إنّ "المقترحات لن تنطلق من نقطة الصفر، بل ستعطي الضوء الأخضر، من أجل التحرّك سريعاً لتطبيق استراتيجية وضعت من قبل إدارة أوباما، لا سيما في الجوانب التي أثارت جدلاً"، معتبراً في هذا السياق أنّ "الجزء الأصعب"، هو تقديم المزيد من الأسلحة الثقيلة للمقاتلين الأكراد، من دون إثارة غضب الحليفة تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وأضاف المسؤول الذي تحدّث شرط عدم الكشف عن هويته، أنّه "لطالما تعاونا مع الأتراك بهذا الخصوص، ولكن في لحظة ما، علينا أن نأخذ قراراً"، في حين أشار مسؤولون آخرون إلى اقتراح يقضي بنشر المزيد من القوات الأميركية الخاصة داخل سورية، وتوسيعه ليشمل مهمة تدريب وربما القتال إلى جانب "وحدات حماية الشعب"، وغيرها من المليشيات الكردية، خلال حملة استعادة السيطرة على مدينة الرقة معقل "داعش".

تغيير القواعد

ولعل أبرز ركيزة في المقترحات المقدمة في الخطة، بحسب ما تنقل الصحيفة عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، ستكون الزيادة الكبيرة في العدد "المقبول" من سقوط ضحايا مدنيين في أي غارة جوية أُذن بتنفيذها، و"إطلاق يد" القادة العسكريين، وإعطاءهم المزيد من الحرية في قصف مواقع "داعش"، ليس فقط في سورية والعراق، بل أبعد من ذلك في ليبيا، وربما في دول أخرى تمتد إليها أذرع التنظيم.

وقال السكرتير الصحافي للبيت الأبيض شون سبايسر، أول أمس الثلاثاء، إنّه "لن يتم استهداف أي مواطن أميركي على الإطلاق في الغارات التي تستهدف المشتبه بأنّهم إرهابيون"، وهو ما يعد اختراقاً واضحاً لاستراتيجية إدارة أوباما بشأن استهداف المشتبه بهم، في عمليات "مكافحة الإرهاب" في الخارج.

إلا أنّ إدارة ترامب عادت لتوضح أنّ سياستها بشأن "الاستهداف المحتمل" للمواطنين الأميركيين في غارات تتعلّق بـ"الإرهاب"، لم تتغيّر منذ إدارة أوباما. وذكّر مسؤول في البيت الأبيض شرط عدم كشف هويته، أمس الأربعاء، لـ"أسوشييتد برس"، بتصريحات للمدعي العام السابق إريك هولدر، ذكر فيها ثلاثة سيناريوهات محتملة، يمكن في ضوئها استهداف المواطن الأميركي. ومستشهداً بهولدر، قال البيت الأبيض، إنّه قد يقدم على ذلك، إذا شكّل الفرد تهديداً وشيكاً لهجوم عنيف ضد الولايات المتحدة، وإذا لم يكن الاعتقال ممكناً، وإذا كانت العملية متسقة مع "قانون مبادئ الحرب".

وعلى صعيد آخر، اعتبر المسؤولون أنّ الجانب "الأكثر إلحاحاً" في خطة ترامب، هو مسألة تنسيق التعاون مع موسكو، وإحياء الخطة "المتعثرة" لإدارة أوباما، والتي دعت إلى تنفيذ غارات أميركية روسية مشتركة في سورية.

وكان مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، قد كشف حينها، أنّ خطة أوباما التي دعت في سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى إنشاء مركز تكامل مشترك ومقره جنيف، يعمل به مسؤولون عسكريون روس وأميركيون، من المرجّح أن يتم عرضها على الإدارة القادمة.

لكن المسؤول ذاته قال هذا الأسبوع، إنّ "إنشاء مركز قيادة مشتركة مع روسيا، هو واحد من الأمور التي يتم النظر فيها"، معترفاً في الوقت عينه بأنّ تنفيذ ذلك سيكون أمراً "معقّداً".

ولا تزال مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن منقسمة حيال تبنّي ترامب سياسة أمن قومي "أكثر عدوانية"، من شأنها أن تزيد من بواعث القلق المتعلّقة بحقوق الإنسان، لا سيما حيال التحالف مع القوات الروسية المتهمة من قبل مجموعات حقوقية ونواب أميركيين، بمن فيهم جمهوريون، بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، خلال دعمها النظام في سورية.

وخلال أيامه الأولى في البيت الأبيض، بدأ ترامب إصدار أوامر تنفيذية، لتغيير سياسة الدفاع الأميركية، وأدوات حماية الأمن القومي، ساعياً إلى الوفاء بوعوده خلال حملته الانتخابية، لاتخاذ موقف "أكثر تشدّداً" حيال "داعش"، وإزالة ما وصفها "القيود المفروضة ذاتياً" على عملية عسكرية أميركية.

ويرى بعض المحللين، بحسب الصحيفة، أنّ مهلة الـ30 يوماً لإنجاز خطة هزيمة "داعش"، بمثابة أولى الطلقات النارية، لوابل من التوبيخات، يستهدف ما يسمى بـ"عقيدة أوباما".

وخلال ولايته الرئاسية اعتمد الرئيس أوباما بشكل أساسي على "قوات بالوكالة"، مسلحة ومدربة من قبل فرق صغيرة لقوات العمليات الخاصة، ومدعومة من القوة الجوية وطائرات الاستطلاع بدون طيار الأميركية، بدلاً من حملات التدخل العسكري الموجهة.



لا مزيد من استراتيجية "القيادة من الخلف"

أما ترامب وحلفاؤه خلال حملته الانتخابية، فقد اعتبروا أنّ استراتيجية "القيادة من الخلف"، لم تؤد إلا إلى إضعاف "الدور القيادي" للولايات المتحدة في العالم.

لكنّ ترامب أغضب مراقبين مخضرمين في مجال الأمن، من خلال تغييره تركيبة عمل مجلس الأمن القومي، وذلك بعدما ضم إلى المجلس كبير مستشاري البيت الأبيض ستيف بانون كمشارك دائم، مقابل إعطائه دوراً أقل لكل من رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، والقائم بأعمال مدير الاستخبارات الوطنية مايكل ديمبسي.

وفي أمره التنفيذي، كتب ترامب أنّ كبار الضباط العسكريين والتجسس في البلاد، سيحضرون اجتماعات مجلس الأمن القومي "حسب الحاجة".

ولاقت خطوة ترامب انتقادات من قبل وزير الدفاع السابق روبرت غيتس، الذي قال لقناة "إيه بي سي نيوز"، الأحد الماضي، "أعتقد أنّ دفعهم للخروج من اجتماعات مجلس الأمن القومي، إلا عندما تكون القضايا الخاصة بهم على المحك، هو خطأ كبير".

وبدوره انتقد السناتور الجمهوري جون ماكين، والذي يرأس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ وبرز كناقد رئيسي للسياسة الخارجية لترامب، استبعاد رئيس هيئة الأركان المشتركة من المجلس.

وقال ماكين لقناة "سي بي إس"، "أفهم أنّ إجراء كهذا يندرج ضمن إعادة التنظيم، لكن شخصاً واحداً لا غنى عنه من وجهة نظري، هو رئيس هيئة الأركان المشتركة"، واصفاً ضم بانون بأنه "خروج جذري على قواعد عمل مجلس الأمن القومي عبر التاريخ".