ما الذي يعنيه استعداد إيران لـ"تعديل" الاتفاق النووي؟

ماذا يعني استعداد إيران لـ"تعديل" الاتفاق النووي... وهل سيكسر الجمود؟

25 سبتمبر 2019
روحاني سيطرح إجراء التعديلات خلال خطابه بالأمم المتحدة(ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -
أثار إعلان الحكومة الإيرانية، اليوم الأربعاء، استعداد طهران، لإجراء "تعديل جزئي" في الاتفاق النووي "لطمأنة الجميع" و"كسر الجمود الراهن"، تساؤلات قوية حول طبيعة هذا التعديل أولاً، وعمّا إذا كان سيكسر الجليد في الأزمة المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية ثانياً، ليمهد الأرضية لإجراء مفاوضات بين الطرفين لاحقاً، ويعقبه تراجع التوترات في الخليج.

وأكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، اليوم على هامش اجتماع للحكومة أن تنفيذ بلاده هذه التعديلات التي وصف بأنها "جزئية وبسيطة" مرهون بإلغاء الإدارة الأميركية العقوبات المفروضة عليها وعودتها إلى الاتفاق النووي.

وبالعودة إلى التصريحات الإيرانية خلال الأشهر الأخيرة، يستشف أن ما طرحته الحكومة الإيرانية، اليوم، لإجراء "تعديل بسيط" في الاتفاق النووي، رغم الاهتمام الإعلامي الكبير الذي نالته من قبل بعض وسائل الإعلام، ليس بأمر جديد، وأنه سبق أن طرحته طهران خلال الفترة الماضية.

أمّا التعديلات التي تريد إيران أن تطمئن بها المجتمع الدولي، هي تلك التي وردت في "العرض الدبلوماسي" الذي طرحه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أثناء زيارته إلى نيويورك خلال يوليو/تموز الماضي، في لقاء مع السيناتور الجمهوري راند بول في الخامس عشر من الشهر نفسه.

البروتوكول الإضافي

وتطرح إيران إقرار "البروتوكول الإضافي" النووي في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) بشكل نهائي، هذا العام قبل أن يحين موعده عام 2023 بموجب الاتفاق النووي. ويسمح هذا البروتوكول بعمليات تفتيش دولي أوسع ودائم، للمواقع النووية المعلن عنها وغير المعلن عنها في الدول الأعضاء.

ومقابل تصديق إيران على البروتوكول اقترح ظريف أن يتوجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الكونغرس من أجل رفع العقوبات عن إيران، كما هو منصوص عنه بموجب الاتفاق النووي عام 2015، ولكن غير مصدّق عليها في التشريعات.

في هذا الإطار، وفي توضيح لما ذكره المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، أصدر مكتبه، مساء اليوم، بياناً، أورد فيه أن ما قصد من تغييرات جزئية في الاتفاق النووي، هو "إقرار مبكر للبروتوكول الإضافي في مجلس الشورى الإسلامي. شريطة أن تعمل أميركا على مصادقة الكونغرس على الاتفاق النووي ورفع كافة العقوبات".

وتنفذ إيران في الوقت الراهن هذا البروتوكول بشكل مؤقت و"تطوعي"، لكن لم يصادق عليه البرلمان الإيراني بعد ليتحول إلى قانون وتعهد دائم. وينص الاتفاق النووي على أن يقره هذا البرلمان عام 2023.

وبحسب موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنّ البروتوكول الإضافي، ليس اتفاقاً قائماً بذاته، بل هو بروتوكول لاتفاقِ ضماناتٍ يوفر أدوات إضافية للتحقُّق من البرنامج النووي للدول. ويزيد البروتوكول الإضافي بدرجةٍ كبيرةٍ من قدرة الوكالة على التحقُّق من الاستخدام السلمي لجميع المواد النووية في الدول المرتبطة باتفاقات ضمانات شاملة.

وفي السياق، جاء ما نقلته المذيعة الشهيرة في قناة "سي إن إن" الأميركية، كريستيان أمانبور، الإثنين الماضي، في تغريدة على "تويتر"، عن ظريف، قائلة إن "وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، أبلغني اليوم أن الرئيس روحاني يرغب أن يلتقي بالرئيس ترامب هذا الأسبوع في نيويورك، لكن بشرط أن يكون الرئيس الأميركي مستعداً للقيام بما هو ضروري".

وأضافت أمانبور أن ظريف طرح "إلغاء العقوبات مقابل قبول إيران بالرقابة الدائمة على منشآتها النووية".

وخلال الأيام الماضية، بعدما نقلت وكالة "رويترز" عن روحاني، قوله إن إيران توافق على إجراء "تعديلات جزئية" في الاتفاق النووي مقابل رفع أميركا كافة العقوبات المفروضة عليها، سرعان ما نفت الرئاسة الإيرانية وجود نية إيرانية لإجراء تعديلات في مضمون الاتفاق النووي، معلنة أن "الصحيح هو استعداد إيران لتقديم زمان تنفيذ بعض بنود الاتفاق النووي".

وأوضح رئيس دائرة الإعلام في الرئاسة الإيرانية، برويز إسماعيلي، في تغريدة على "تويتر"، قائلاً إن المطروح هو "إقرار متزامن للبرتوكول الإضافي في مجلس إيران وإلغاء العقوبات بشكل نهائي في الكونغرس الأميركي، وإمكانية التفاوض ضمن مجموعة 1+5" المبرمة للاتفاق النووي عام 2015.

خطوط إيران الحمراء

إلى ذلك، لا تستبعد تحليلات إيرانية، موافقة إيران على إطالة أمد الاتفاق النووي إلى ما بعد 2025، أي إلى ما بعد انتهاء صلاحية الاتفاق، وهذا يعني إطالة أمد القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني.

وفي السياق، نقلت وكالة "فارس" الإيرانية، اليوم الأربعاء، عن النائب في البرلمان محمد علي بورمختار، قوله إن "التغييرات التي تقترحها الحكومة الإيرانية في الاتفاق النووي تطاول تواريخ تنفيذ تعهدات، وإطالة تنفيذ تعهدات وقيود".

الحاصل، أن ما تطرحه إيران ليس إجراء تعديلات جوهرية في مضمون الاتفاق النووي، وإنما يرتبط بتواريخ ومواعيد تنفيذ بعض التعهدات، وهذا ينسجم مع جملة المواقف الإيرانية، حيث أكد وزير الخارجية الإيراني، مجدداً خلال مقابلته مع قناة "أي بي سي" الأميركية، أمس الثلاثاء، أن بلاده "تعارض إجراء أي تغييرات في الاتفاق النووي".

وبما أن ما تطرحه إيران، اليوم، سبق أن طرحته سابقاً ولم تقابل بتعاط أميركي إيجابي، لذلك من المستعبد أيضاً أن توافق الإدارة الأميركية على ذلك اليوم، مقابل رفع كافة العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي، إلا إذا لمست التغييرات جوهر الاتفاق النووي وطاولت برنامج إيران الصاروخي وغيره من القضايا والإشكاليات المطروحة، وهذا ما تراه طهران من المستحيلات، معتبرة أنها "لن تتفاوض على خطوطها الحمراء".

المساهمون