تبادل أسرى تعز بوساطة قبلية يحرج مشاورات الأمم المتحدة

تبادل أسرى تعز بوساطة قبلية يحرج مشاورات الأمم المتحدة

20 يونيو 2016
نقمة على الفشل الأممي حيال النزيف اليمني(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
مرةً أخرى، تسجل الساحة السياسية اليمنية اختراقاً هاماً من بوابة الوساطات القبلية، التي نجحت في إنجاز صفقة لتبادل الأسرى في تعز، المحافظة الأكثر عنفاً وقصفاً، في خطوة فاجأت جميع المتابعين لمسألة تبادل الأسرى وشكلت إحراجاً كبيراً للمشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة في الكويت، منذ شهرين، والتي فشلت حتى اليوم بتحقيق أي تقدم في الملفات المطروحة على طاولة المباحثات.

وبحسب مصادر في المقاومة الشعبية لـ"العربي الجديد"، تمت صفقة تبادل الأسرى أول من أمس السبت وشملت 194 أسيراً من طرفي الصراع في اليمن. ومن المقرر أن تتبعها عمليات تبادل في الأيام المقبلة، بناءً على وساطة قبيلة انطلقت منذ شهرين وتتواصل مساعيها للإفراج عن بقية الأسرى، وفق المصادر نفسها.

ومثلت صفقة تبادل الأسرى في تعز، تطوراً نوعياً، كونها الأكبر من حيث العدد، وجاءت بعد أسابيع من صفقة سابقة شملت أكثر من 30 معتقلاً. لكن العامل الذي زاد من أهمية الصفقة الأخيرة أنها جاءت في أكثر جبهات المواجهات تعقيداً والتي تشهد معارك شبه يومية، أي تعز، التي يحاصرها مسلحو جماعة أنصار الله (الحوثيون) والموالون للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، فيما تسيطر فيها المقاومة وقوات الجيش الموالية للشرعية على أغلب أحياء المدينة، مركز المحافظة.

وأثارت عملية التبادل ردود أفعال متباينة، بين من أشاد بها واعتبرها نجاحاً مهماً يمكن أن يكون خطوة في طريق تهدئة المواجهات وفك الحصار عن المدينة، بتفاهم مباشر، فيما انتقد آخرون الصفقة لأسباب منها أن المقاومة سلمت 118 أسيراً من الحوثيين مقابل 76 من الموالين للشرعية، فضلاً عن بعض الانتقادات الأخرى التي نظرت إلى التطور باعتباره أمراً يضعف الشرعية في طاولة المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في الكويت، إذ إنها فاجأت الجميع، بما في ذلك العديد من الأطراف المؤيدة للشرعية، على الرغم من تصريحات لقياديين في المقاومة، تحدثت عن أن العملية بالتنسيق مع وفد الحكومة.
من جهة أخرى، جاء إطلاق 194 أسيراً بوساطة قبلية محلية، لم يُكشف عنها إلا بعدما نجحت، ليمثل إحراجاً للأمم المتحدة التي ترعى، عبر مبعوثها إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، مفاوضات منذ شهرين في الكويت. ويعتبر ملف الأسرى والمعتقلين أحد أهم ثلاثة عناوين عريضة للمشاورات. وتم تأسيس لجنة خاصة بهذا الملف، تجتمع بشكل دوري في الأسابيع الأخيرة، لكنها فشلت حتى اليوم بتحقيق أي نتيجة تذكر، باستثناء تبادل كشوفات الأسرى والمعتقلين من قبل الطرفين.


الجدير بالذكر أن الصفقة نجحت بعد وساطة قادها الشيخ القبلي، عبداللطيف المرادي، وهو اسم لم يكن معروفاً على نطاق واسع، قبل هذا التطور، لكنه مقبول لدى الطرفين، الأمر الذي أتاح له العمل على رأس لجنة بعيداً عن الأضواء والتواصل والتمهيد لصفقة تبادل الأسرى منذ شهر أبريل/نيسان الماضي.

وليست هذه الصفقة الأولى من نوعها لجهة عدد المفرج عنهم، إذ جرت في العام الماضي عمليات تبادل بين "المقاومة الجنوبية" و"الانقلابيين"، شملت إحداها أكثر من 500 أسير من الطرفين، وجميعها بوساطات محلية وقبلية. غير أن الصفقات السابقة تمت بعد انتهاء الحرب عملياً في المحافظات الجنوبية، على عكس تعز، التي نجحت فيها عملية التبادل على الرغم من أن الحرب لا تزال متواصلة بشكل أو بآخر.

ودفعت هذه التطورات مدونين يمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى توجيه انتقادات للأمم المتحدة، والإشارة إلى محطات فشلها، بالمقارنة بما أنجزته الوساطات القبلية، خلال الحرب التي تدور منذ أكثر من عام. وكان أبرز اختراق حققته الوساطات القبلية هو فتح خط تفاهمات مباشرة بين الحوثيين والسعودية في مارس/آذار الماضي، وهو ما شكّل أبرز تحول منذ بدء عمليات التحالف العربي العسكرية ضد الحوثيين وحلفائهم، ونتج عنه إبرام هدنة حدودية بين الجماعة والرياض، والتمهيد للهدنة التي جرى إقرارها في المحافظات اليمنية منذ العاشر من شهر أبريل/نيسان الماضي.

وتلعب القبائل دوراً مهماً في العديد من المنعطفات والتحولات السياسية في البلاد، سواءٌ بانحيازها لطرف من الأطراف، أو عبر الوساطات التي تستخدم عادةً لإنهاء النزاعات ذات الطابع المحدود بمناطق معينة، وهو ما كان يحدث في أغلب نزاعات الحوثيين مع الحكومة والأطراف الأخرى قبل اجتياح الجماعة للعاصمة، حيث كانت الوساطات القبلية تلعب دوراً أساسياً في التهدئة.