مصطفى سيجري لـ"العربي الجديد": الرقة من أهداف "درع الفرات"

مصطفى سيجري لـ"العربي الجديد": الرقة من أهداف "درع الفرات"

06 نوفمبر 2016
سيجري يأمل بتغيير الدور الأميركي لإيجاد منطقة آمنة(العربي الجديد)
+ الخط -
أوجز رئيس المكتب السياسي لـ"لواء المعتصم"، أحد أبرز فصائل الجيش السوري الحر، مصطفى سيجري، في حديث مع "العربي الجديد"، أبرز ما يعتبر الجيش الحر أنه حققه، بدعم من تركيا، من عملية "درع الفرات" حتى الآن، بعد أكثر من شهرين على انطلاقها، إضافةً إلى أهم المعوّقات التي واجهت هذه العملية، ويكشف أن تحرير الرقة من سطوة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) هو أساس في العملية المذكورة.

إلغاء العقلية الفصائلية
يستهل سيجري حديثه قائلاً "إن عملية درع الفرات، انطلقت من غرفة حور كلّس المعنية بتحرير ريف حلب الشمالي، وهدفها تحرير منطقة على الحدود بطول 90 كيلومتراً، من جرابلس حتى أعزاز، وبعمق 45 كيلومتراً داخل الأراضي السورية". وأشار إلى أن المعني بالعملية هو فصائل "الجيش الحر" بالدرجة الأولى، وبتعاون مع القوات الخاصة التركية بهدف تأمين المدنيين.

أما أسماء أهم الفصائل المشاركة في العملية فهي، بحسب سيجري، "لواء المعتصم، حركة نور الدين الزنكي، فرقة الحمزة، اللواء الحادي والخمسين، الجبهة الشامية، فيلق الرحمن، حركة أحرار الشام وفصائل أخرى". ويصل عدد المقاتلين إلى 5 آلاف مقاتل، بينهم عناصر الاقتحام والمرابطون والمناوبة، وفق سيجري الذي أشار إلى أن حركة "أحرار الشام" أعلنت في الاجتماعات الخاصة أنها جزء من "الجيش الحر". كما أوضح أن أبرز ما يعتبره "مزايا" عملية "درع الفرات" أنها وحدت الفصائل تحت إدارة واحدة وغيّبت العقلية الفصائلية.

تراجع الدعم الدولي
وسلط سيجري الضوء على مسألة أساسية ساهمت بإعطاء دفع لـ"درع الفرات" وهي أنها تمثل عملية توافقية، بين "الجيش الحر" والقوات الخاصة التركية المعنية بشكلٍ فعلي على أرض الواقع. في المقابل، لفت إلى أنه لا يمكن القول إن هناك رضا دوليا عن العملية، إذ إن الموقف الدولي ساهم بتأخير عملية مثل "درع الفرات" على مدار السنوات الخمس الماضية، وفق تأكيد رئيس "المكتب السياسي للواء المعتصم". وتابع أن درع الفرات هي "إدارة سورية بدعم تركي"، مشدداً على أن الدور الأميركي يتجه نحو دعم "قوات سورية الديمقراطية"، التي تصنّف بالمفهوم التركي كمنظمة إرهابية. لكن سيجري أعرب عن أمله بتغيير الدور الأميركي لإيجاد منطقة آمنة للسوريين.

وفي ما يتعلق بتأثير عملية "درع الفرات" على معركة فك الحصار عن حلب، أوضح سيجري أنه من أخطر الشائعات التي حرص أعداء الشعب السوري على فبركتها، هي اتهام "درع الفرات" بتعطيل معركة فك الحصار عن حلب، مؤكّداً أن فصائل "درع الفرات" هي من أبناء ريف حلب الشمالي، ولم يأت أي مقاتل منها إلى مدينة حلب. واعتبر أنه عندما حقّقت هذه العملية إنجازات ميدانية خلال أيام قليلة، وضعت المجتمع الدولي في مأزق كبير. وفي هذا الإطار، قال إنه لا يوجد جهة دولية تسعى لمساعدة الشعب السورية وإنما إطالة أمد الحرب فقط، مشيراً إلى أن روسيا قبلت بعملية "درع الفرات" في البداية، لكن عندما وصل هدفها إلى مدينة الباب التي يسعى النظام السوري و"قوات سورية الديمقراطية" للسيطرة عليها، بدأت موسكو بالتحرّك السلبي ضد "درع الفرات".


وحول التفاهم الدولي على عملية "درع الفرات"، جزم سيجري أن تركيا لم تستشر الولايات المتحدة وروسيا قبل إطلاقها. كما أضاف أن روسيا تسعى لإيجاد نقاط التقاء مع تركيا كي لا تخسرها، كونها أصبحت لاعباً رئيسياً بعد فشل محاولة الانقلاب العسكرية في تركيا في يوليو/تموز الماضي. ورأى أن هذا الأمر يصب في صالح الثورة السورية، كون التوافق الروسي التركي لن يغيّر من موقف تركيا تجاه الثورة، بسبب دعمها لمعارك "الجيش الحر" ضد نظام بشار الأسد منذ بدء العمل العسكري المسلح.

لكن سيجري لم يستبعد احتمال أن يكون هناك ضغط دولي من قبل روسيا والولايات المتحدة حول الدعم التركي لـ"الجيش الحر"، في حال اصطدم الأخير مع طرف ما، تريد كل من روسيا والولايات المتحدة تعويمه.

وفي هذا الصدد، رفض سيجري استباق الأحداث والتطرق إلى توقّف الدعم التركي لـ"الجيش الحر". وفي حال حصل سيناريو كهذا، أكّد رئيس "المكتب السياسي للواء المعتصم" على أن "الجيش الحر" لن يعجز وسوف يبحث عن جهة داعمة أخرى، والاعتماد على الغنائم التي يحصل عليها المقاتلون من نظام الأسد.

وعن سبب تحوّل هدف معارك "درع الفرات" من مدينة الباب إلى تل رفعت ومن ثم العدول عنها، يبرر سيجري سبب ذلك بكثرة "الاعتداءات التي تشنها المليشيات الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ضد فصائل الجيش الحر". وهذا ما جعل القادة الميدانيين يتخذون قراراً بالرد على هذا الاستهداف، على الرغم من أن المرحلة الثالثة لعملية "درع الفرات" كان هدفها مدينة الباب، وفق قول سيجري. وأكد في هذا السياق، أن مدينة تل رفعت ستعود لأهلها الحقيقيين، ولن تسمح "درع الفرات" بتهجير الأهالي وإحداث عمليات تغيير ديموغرافي فيها.

معركة الرقة
وكثرت الأحاديث عن اقتراب معركة ضخمة تهدف إلى طرد تنظيم "داعش" من مدينة الرقّة السورية. وحول هذه النقطة لفت سيجري إلى أن تحرير الرقة يقع ضمن أهداف عملية "درع الفرات". وقال "نسعى، بمساعدة الأشقاء الأتراك، إلى أن يكون لنا الحظ في تحرير مدينة الرقة، والكل يعلم أن هذه المعركة بحاجة إلى جهد دولي كبير". وأضاف: "لن ندّخر جهداً بأن تكون معركة الرقة من نصيب الجيش الحر، ولكن لا ننفي الضغوط الدولية التي تسعى لتمكين قوات سورية الديمقراطية من الدخول إلى مدينة الرقة". ورداً على سؤال حول قبول الاشتراك مع "قوات سورية الديمقراطية" في معركة الرقة، أوضح سيجري أن "التجربة أثبتت بأن (هذه القوات) لا تحمل أي فكر وطني بل تمتلك مشروعاً خاصاً لإقامة إقليم كردستان سورية، ويتوضّح ذلك في معاركها السابقة".

انسحاب الفصائل من الحياة المدنية
وفي ما يتعلق بالدور المدني ودور التنمية في المناطق التي تسيطر عليها "درع الفرات"، تحدث سيجري بإسهاب عن الاتجاه العام نحو تفعيل المجالس المحلية من أبناء المناطق. وأعطى مثالاً على ذلك ما حصل بمدينة جرابلس التي كانت مجالسها المحلية من قوام أبنائها. وينطبق الأمر على باقي المناطق والمدن التي تسيطر عليها "درع الفرات"، بهدف تحسين المرافق العامة ودعم المجتمع المدني لتسهيل إعادة أبناء هذه المناطق إلى منازلهم، وفق سيجري. ولفت إلى أن المجالس المحلية والهيئات الأخرى تحتاج إلى دعمٍ ماديٍ كبير، لتقدّم خدماتها وتقوم بمهامها، مؤكّداً أن فصائل "الجيش الحر" في "درع الفرات" اتجهت نحو عدم تكرار أخطائها السابقة، عبر إبقاء المقاتلين بشكلٍ عام على الجبهات، وترك المجالس المحلية لتأخذ دورها في عملية تنمية المجتمع. وأشار إلى أنه لا يوجد أي مشاركة لفصائل "الحر" في المجالس المحلّية التي تُركت لتكون المسؤولية فيها على عاتق أبناء المنطقة، لتشكيل وإعادة ترميم المجالس المحلية.

وذكر سيجري أن انشغال "الجيش الحر" بالمعارك يجعل موضوع التنمية والخدمات والوضع المدني أمراً صعباً بالنسبة للمدنيين، إضافة لوجود إصرار من قبل "درع الفرات" كقوة عسكرية بعدم التدخل في الشؤون المدنية. وأوضح أن الأمر يتعلق هنا بإرادة واضحة لا تريد التدخل بعمليات تعيين الشخصيات في المجالس المحلّية، أو في شؤون القضاء ونوعه، وفي أمور القوة الشرطية التي تحكم بالمشاكل الشخصية بين المواطنين، معتبراً أن أبناء المنطقة سيقومون بتشكيل هذه لمؤسسات بمفردهم.

وكشف سيجري عن تنسيق يتم مع الحكومة السورية المؤقتة، التي كانت تنتظر إنشاء منطقة آمنة لتقوم بمشاريعها الفاعلة. وقد رحبت الفصائل بوصول الحكومة المؤقتة إلى المناطق المحرّرة، والوقوف في خدمة الناس، بحسب سيجري الذي لفت إلى أن فصائل "درع الفرات" تعهّدت بتقديم كافة التسهيلات لإنجاح الحكومة في المناطق المحررة، مشدداً على دور تركيا في تأهيل البنى التحتية والخدمات المتعددة، لتكون المدن المحررة نموذجية.

وحول الاتهامات بازدياد النفوذ التركي وتحول مناطق "درع الفرات" إلى امتداد لتركيا، رد سيجري قائلاً إن هذه المعلومات يقف خلفها أعداء نجاح عملية "درع الفرات"، مشدداً على أن تركيا صاحبة اليد البيضاء في الثورة السورية، لا سيما أنها احتضنت أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري، وهي الأصدق في محاربة الإرهاب، وفق تعبيره. وذكر في هذا الإطار، أن تركيا قدمت للمناطق التي حررتها "درع الفرات"، الكهرباء بشكل مجاني، والمياه المجانية، إضافة لتأهيلها عدداً من المدارس لتكون صالحة للعملية التعليمية وتأهيل المستشفيات والمستوصفات الطبية، والبنى التحتية الأخرى. وأشار إلى أنه لم يُرفع العلم التركي على المدارس والمستشفيات، بل رفع علم الثورة السورية فقط.

وختم سيجري بضرورة أن يثق السوريون بـ"الجيش الحر" الذي خرج أساساً من رحم الشعب السوري للدفاع عنه وعن ثورته، على الرغم من المخاطر التي لا يمكن إنكارها، والتي وقع بها الكثير من أفراد "الجيش الحر". وشدد على أن أهم الأخطاء كان السماح للكثير من المفسدين بالانخراط والعمل تحت عباءة "الجيش الحر"، معرباً عن أمله بإعادة الثقة بهذا الجيش لتصحيح الأخطاء الماضية وإشراك المدنيين في المرحلة المقبلة.

المساهمون