هل تنساق أوروبا وراء المغامرة الترامبية العمياء في الخليج؟

"عسكرة مياه الخليج": هل تنساق أوروبا وراء المغامرة الترامبية العمياء؟

24 يوليو 2019
توتر متصاعد بمضيق هرمز الاستراتيجي (مومن خطيب/فرانس برس)
+ الخط -
تقسّم الأزمة الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة، وتوسّعها لتشمل بريطانيا، وطلب الأخيرة مساندة الأوروبيين، وخصوصا بوصول بوريس جونسون، الأب الروحي للبريكست، إلى منصب رئاسة الوزراء خلفاً لتيريزا ماي، المواقف الغربية.

وفي حين تحاول بريطانيا التأسيس لتحالف أوروبي في مضيق هرمز، فإن ساسة أوروبيين آخرين ينتهجون مواقف معارضة لقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي يضغط من خلالها على الأوروبيين لتحمل أعباء سياساته في مياه الخليج.

ويثير اختيار بوريس جونسون لمنصب رئاسة الوزراء، خلفا لماي، وهو المعروف عنه تزعمه قضية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، الكثير من السخرية لدى كتاب الأعمدة والافتتاحيات، وحتى ساسة الشمال الأوروبي المؤيدين للوحدة الأوروبية، بطلب بريطانيا انضمام دولهم إلى مهمة بحرية في مضيق هرمز.

وفي هذا الاتجاه، ذكرت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، صباح اليوم الأربعاء: "إنها مفارقة عجيبة، ففيما البريطانيون يضغطون على دواسة تسريع الخروج من الاتحاد الأوروبي، يندفعون في الوقت ذاته لخلق آفاق سياسة دولية كبيرة للتعاون مع الاتحاد في ما يرتبط بمشكلة مياه الخليج، أكثر من تحالفهم مع سياسات (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، المؤيد للبريكست بقوة".

وتلاحظ "بوليتيكن" أن "أوروبا تعيش معضلة حقيقية. فبريطانيا يبدو أنها لا ترغب في أن تكون جزءا من تحالف ترامب ضد إيران، لأنها تخشى من ربط نفسها بعربة الرئيس الأميركي الساعي لتصعيد الموقف مع طهران بقصد نسف كل الاتفاق النووي، الذي تواصل لندن وبقية الدول الأوروبية في الاتحاد مساندته، لكنهم في الوقت ذاته غير قادرين على عدم دعم حليفهم الأميركي رغم انسحابه من الاتفاق النووي". 

ولفتت الصحيفة إلى أن المفارقة البريطانية تتعمق بوجود "جونسون المستنسخ عن ترامب حول كيفية التعاطي مع هذه القضية، والأمر بالتأكيد لن يكون سهلا، لا قراءة ولا توقعا للقادم".

وفي الواقع لا تذهب "بوليتيكن" بعيدا عن مواقف الصحافة الأخرى في بلدها والسويد وألمانيا، والتي ترى أن الموقف الغربي "يعيش تحت ضغط غير مسبوق وانقسامات واضحة". 

وتحدثت "بوليتيكن"، في افتتاحية مخصصة لهذه الأزمة الغربية، عن أن الدنمارك، التي يهمها كبلد يملك سفن نقل تجارية (بالإشارة إلى مجموعة ميرسك الأكبر في أوروبا في مجال الشحن البحري)، الانسياب في مضيق هرمز، والذي قامت سلطة طهران فيه باحتجاز سفينة بريطانية للضغط من أجل إطلاق سفينتها "غريس 1" من قبل سلطات جبل طارق، عن أن معضلة كوبنهاغن "لا تصبح أخف حين يطلب حليف، من خلال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت، من وزير خارجية بلدنا المشاركة في تحالف أوروبي".

ومثلما يجري جدل حول قدرة دول المنطقة في الخليج على الحفاظ على مصالحها بدون الأميركيين، فإن نقاشا أوروبيا مشابها يندلع هذه الأيام، "ورغم ذلك لا يمكننا إنكار أن غياب الثقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتزايد مع كل يوم يمر، وعليه يجب على الدنمارك اختيار التوجه أوروبيا أكثر من التحالف مع أميركا الترامبية نحو مغامرة عسكرية عمياء وجديدة"، بحسب ما ختمت "بوليتيكن".

ومن ناحيتها، رأت صحيفة "إنفارماسيون" أنه من غير المستبعد أن تجد الدنمارك نفسها "وسط هذه الأزمة في الخليج، ويقدر الخبراء العسكريون أن الطلب الموجه للبلد للمشاركة في قوة بحرية دولية يمكن أن يجعل كوبنهاغن في صف الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مواجهة السلطة الإيرانية".

وتذكر "إنفارماسيون" اليوم الأربعاء أن "طلبات رسمية أميركية، غير البريطانية، وجهت للمشاركة العسكرية إلى جانب هولندا والنرويج".

واعتبر مدير مركز الدراسات العسكرية في جامعة كوبنهاغن، هنريك برتينباوك، أنه "طالما أن هولندا والنرويج ستشاركان، فيصعب القول إن الدنمارك لن تفعل، ويبدو أن التوجه، بطلبين أميركي وبريطاني، متطابق، وخصوصا لناحية الدول التي طلب منها في أوروبا المشاركة العسكرية في تحالف ما في مياه الخليج، ما يعني تنسيقا من البنتاغون مع لندن، وخصوصا على مستوى الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، وليس الاتحاد الأوروبي فحسب، للقيام بشيء ما خارج أراضي "الناتو"، (وخصوصا الإشارة إلى النرويج غير العضو في الاتحاد والعضو في الأطلسي)".

ويبدو أن موقف كوبنهاغن، التي تكشف "إنفارماسيون" رفضها لطلب أميركي في يونيو/حزيران الماضي الانضمام لجهودها في مياه الخليج، من قبل رئيسة وزراء يسار الوسط ميتا فريدركسن، تغير الآن. 

ووفقا للخبراء، فإن الدنمارك "يصعب عليها مع تطور الأوضاع أن تقول لا"، فـ"البلد (الدنمارك) له مصلحة في استمرار سلامة السفن والناقلات علي اعتبار أن لديه أسطول شحن بحري كبيرا يجوب البحار في تلك المنطقة، وزيادة الاستهداف الإيراني باتت تغير المعادلة، وبالتالي ستكون الدنمارك مضطرة للمشاركة مع لندن واشنطن في جهودهما الخليجية"، وفقا لما يذهب البروفسور في جامعة جنوب الدنمارك، ستين رونينغ، والذي يؤكد لـ"إنفارماسيون" أن "ألمانيا سوف تذهب في نهاية المطاف لتكون جزءا من هذه المهمة". 

ويكشف رونينغ أن كوبنهاغن رفضت طلبا سابقا بإرسال قوات خاصة إلى سورية، لكنها "لا تستطيع هذه المرة إلا التجاوب مع الحلفاء في طلب المشاركة في مياه الخليج".