استقالة حكومة "الإنقاذ" في إدلب: مناورة لتبريد غضب الشارع؟

استقالة حكومة "الإنقاذ" في إدلب: إجراء روتيني أم مناورة لتبريد غضب الشارع؟

17 نوفمبر 2019
تسيطر هيئة تحرير الشام على الحكومة (فرانس برس)
+ الخط -
قدمت "حكومة الإنقاذ" التي تعد الذراع المدني لـ"هيئة تحرير الشام" استقالتها، يوم السبت الماضي، بعد حوالى عامين من تشكيلها، وذلك إثر موجة احتجاجات قام بها أهالي ونشطاء في مناطق متفرقة من إدلب ومحيطها، حيث تنشط الحكومة، نتيجة تردي الوضع المعيشي والاقتصادي، سببه قرارات وتصرفات تلك الحكومة من فرض الضرائب التي يعتبرها المدنيون في إدلب بمثابة إتاوات.

وقالت "وكالة أبناء الشام" المقربة من "الهيئة"، نقلاً عن نائب رئيس مجلس الوزراء في "الإنقاذ"، مؤيد الحسن، إنه "بعد انتهاء ولاية المجلس الحالية، قدمنا طلب استقالة لمجلس الشورى العام"، مضيفاً أن "سبب الاستقالة يأتي بغية إفساح المجال لأصحاب الخبرة، لتقديم ما لديهم والارتقاء بواقع المنطقة".

ونقلت الوكالة ذاتها خبراً عن نية "مجلس الشورى العام" في محافظة إدلب عقد جلسة طارئة لمناقشة استقالة الحكومة ودراسة الخيارات المتاحة، وأضافت على لسان المتحدث، أمين سر المجلس، بدري العبد الله، أنهم في المجلس "استقبلوا طلب استقالة مجلس الوزراء في حكومة الإنقاذ والذي انتهت ولايته، وشملت الاستقالة جميع الحقائب الوزارية".

وأشار العبد الله في تصريح للوكالة إلى أن "الجلسة ستعقد خلال الأسبوع الجاري، والتي ستُعرض خلالها استقالة مجلس الوزراء على أعضاء مجلس الشورى العام". وأوضح أن "الخيارات لدى مجلس الشورى وحسب النظام الداخلي، تتمحور حول قبول الاستقالة وبالتالي ترشيح رئيس جديد لمجلس الوزراء، يمنح مدة شهر ويمكن تمديدها لعشرة أيام لتسمية الوزراء الجدد". وألمح العبد الله إلى إمكانية التمديد للحكومة المستقيلة لفترة ثانية، وبالتالي خيار عدم قبول الاستقالة سيكون مطروحاً.

ويشير الباحث والصحافي فراس فحام، وهو أحد أبناء محافظة إدلب، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هذه هي التشكيلة الوزارية الثانية لحكومة الإنقاذ التي تقدم استقالتها بعد الإعلان عن الحكومة منذ عامين".


وأضاف فحام أن "هذه التشكيلة والتي سبقتها تستقيل بعدما تبين لها أنه يراد لها أن تكون واجهة لتبرير عمليات الاحتكار والاستئثار بالموارد من قبل قيادة (هيئة تحرير الشام)، إذا وجدت الحكومة نفسها واجهة مدنية تريد منها (الهيئة) مناورة أمام المجتمع الدولي".

ويتابع أن "الاستقالة سبقتها حالة سخط شعبي في مناطق نفوذ (الهيئة) و(الإنقاذ) ويعود إلى أن هذه الواجهة استخدمت لتبرير عمليات وقرارات فرض الضرائب التي تقف وراءها (هيئة تحرير الشام)، بالإضافة لاحتكار المحروقات من قبل شركة (وتد) التي تتبع أيضاً لـ (الإنقاذ) و(الهيئة)، وبالتالي لا أحد يقبل بأن يكون واجهة لعمليات سلب أموال المدنيين بذرائع مختلفة، كضرائب ترسيم السيارات وغيرها؛ فلم يكن أمامها سوى الاستقالة".

ويرى فحام أنه "سواء تغيرت الحكومة وأتت تشكيلة جديدة أو بقيت التشكيلة السابقة على حالها، فليس أمامها الكثير لتفعله، لأن القرار النهائي بيد قيادة (هيئة تحرير الشام)، التي تتبع الأسلوب الأمني في إدارة الملفات المختلفة والسيطرة على الشمال السوري، فسابقاً زمن التشكيلة الوزارة الأولى للحكومة كان هناك تفاؤل من الذين قبلوا أن يعملوا ضمن الحكومة، بأن يتم تمكينها فعلاً من إدارة المؤسسات والموارد وأن تعمل بشكل مستقل عن قرارات الفصائل، لكن سرعان ما اصطدموا بالحقيقة والواقع الذي يشير إلى أن (الهيئة) تريدهم مجرد أدوات لتبرير تصرفاتها لا أكثر ولا أقل".

من جانبه، يعتقد أحمد سالم، وهو اسم مستعار لأحد النشطاء المدنيين في محافظة إدلب، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه الحقيقي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الاستقالة "إدارية وروتينية"، ضمن معرض إجابته حول سؤال يتعلق بالتبعات المحتملة حول هذه الاستقالة، مضيفا "للجواب عن هذا السؤال لا بد من الحدیث عن ماهیة الاستقالة، فحكومة (الإنقاذ) تقول إنها قدمت استقالتها لانتهاء فترتها الزمنية، وبالتالي فإن الاستقالة روتينية وبالإمكان إعادة تسمية نفس الاشخاص رٸیساً ووزراء فالاستقالة هي إدارية بحتة".

ويتابع سالم: "حتی إن جاءت حكومة جديدة وأشخاص جدد، فهي ستتبع لفصيل عسكري، لذلك فالتغییر شكلي ما دامت تنفذ أجندة الفصيل المنبثقة عنه، و(الإنقاذ) منذ تشكيلها لا تعدو أن تكون حكومة جباية لا خدمات، فكل وعودها بتوفير الخدمات الأساسية هي مجرد وعود كلامية، وواقع البنی التحتية والخدمات في مناطق نفوذها یدلل علی أن الشعب خارج حساباتها ولا تحسب أي حساب لسخط شعبي ما دامت محمیة عسكرياً من قبل ذلك الفصيل".
ويشار إلى أنه ومنذ تشكيل الحكومة قبل عامين فإنها لا تزال تواجه انتقادات ورفضاً على المستوى الشعبي في إدلب والمناطق التي تنشط فيها، وازدادت حدة السخط مؤخراً، ولا سيما بعد هجوم "هيئة تحرير الشام" على قرية كفرتخاريم شمالي إدلب، بحجة فرض رسوم وضرائب على إنتاج مادة زيت الزيتون، بالإضافة إلى رفع أسعار الخدمات كالماء والكهرباء واحتكار المحروقات مع قدوم فصل الشتاء ما أدى لارتفاع حاد في أسعارها.

وتشكلت حكومة "الإنقاذ" في أواخر عام 2017 بإشراف من "هيئة تحرير الشام"، وتسلمت "الإنقاذ" الملفات المدنية في إدلب من "الإدارة المدنية للخدمات" التي كانت قد شكلتها "الهيئة" أيضاً عقب السيطرة على مدينة إدلب، وترأسها حينها الدكتور محمد الشيخ وضمن تشكيلته 11 وزيراً، وشهدت نهاية العام الماضي تشكيلة جديدة لهذه الحكومة برئاسة فواز هلال، والذي قلص عدد الوزارات إلى تسع، قبل تقديم استقالته مع تشكيلته يوم السبت الماضي.