"قضية بنعلا": الحكومة الفرنسية تُفلتُ من مذكرتَيْ حَجب الثقة

الحكومة الفرنسية تُفلتُ من حَجب الثقة وترحيلُ "قضية بنعلا" إلى سبتمبر

31 يوليو 2018
اعتبرت الحكومة الفرنسية قضية بنعلا "قضية فردية"(جيرار جوليان/فرانس برس)
+ الخط -
كما كان منتَظَراً، لم تُسقط "قضية ألكسندر بنعلا" الحكومة الفرنسية. ولم تنجح مذكرة حجب الثقة التي تقدَّم بها حزب "الجمهوريون"، إذ لم تحصل سوى على 143 صوتاً، وهي أصوات هذا الحزب (101 من بين 103)، إضافة إلى أصوات نواب حزب "التجمع الوطني" وأصوات الشيوعيين ونواب "فرنسا غير الخاضعة"، فيما رفض الاشتراكيون التصويت. وحتى تسقط الحكومة، يتوجب تجميع 289 صوتاً، وهو مستحيلٌ بسبب تمتع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأغلبية مطلقة مريحة في مجلس النواب

المصير ذاته، أي الفشل، عرفته، أيضاً، مذكّرة حجب الثقة الذي تقدم بها اليسار، مجتمعاً، ولو أن عدد المصوّتين كان منخفضاً، نظراً لأن حزب "الجمهوريون"، لم يشارك في التصويت، رغم تصويت مارين لوبان وزملائها. وكانت النتيجة تصويت 74 نائباً، وهو رقم بعيد عن الرقم المطلوب، أي 289.            

وهكذا تنتهي أشغال مجلس النواب الفرنسي، الذي سيكرّس آخر أيامه، غداً الأربعاء، للتصويت على "قانون اللجوء والهجرة". 

وقبل أن يَركن النواب للراحة طيلة شهر أغسطس/آب، تَوجّب عليه أن يحسم اليوم، في مذكّرتَيْ حجب الثقة عن حكومة إدوار فيليب.    

وتأتي محاولة إسقاط الحكومة بعد أسبوع من التراشق العنيف بين المعارضة وبين نواب الأغلبية، بعد ظهور مقال صحيفة "لوموند"، يوم 18 يوليو/تموز، الذي كشف ضلوع ألكسندر بنعلا، وهو مستشار أمني لماكرون، في أحداث عنف في تظاهرة عيد العمال الماضي، وهو ما جعل المعارضة تتحدث عن "قضية دولة"، وبالتالي عن مسؤوليات الحكومة والإليزيه، ودورهما في التغطية على قضية تعود لأكثر من شهرين، وهو ما ردت عليه الأغلبية بأنها ليست سوى "قضية بنعلا"، أي "قضية فردية"، وأنها "غير مقبولة وصادمة"، وأن المسؤول "نال عقابه وتمّ تسريحُهُ"، ثم إن القضية "توجد الآن بين أيدي القضاء، ويجب انتظار الحكم".


وشهدت نقاشات حجب الثقة تدخّل كريستيان جاكوب، رئيس الفريق البرلماني لحزب "الجمهوريون"، متحدّثاً عن "قضية بنعلا- ماكرون"، والتي رأى فيها "قضية دولة"، من حيث أن المسؤولية تتجاوز بنعلا، إلى مسؤولية "جمهورية تواطؤات ضارة". وسخر من "العقوبات  المصطنعة" في "جمهورية ماكرون المثالية"، الذي يتميّز بـ"المحاباة". وأدان تصميم الحكومة على المضيّ قُدُماً في مشروع "الإصلاح الدستوري"، الذي تأجّل إلى الدخول القادم، على خفض عدد نواب البرلمان. وسخر جاكوب من نواب الأغلبية الذين أصبحوا "انقياديين أكثر من أي وقت مضى". 


وكان رئيس الفريق البرلماني لحزب "الجمهوريون" قد أكّد، في مقال نشرته صحيفة "لوجورنال دي ديمانش"، أمس الأول الأحد، أن "حجب الثقة عن الحكومة أملته الرغبة في الاستماع إلى رئيس الحكومة"، كي يتحدث عن "تقصير الحكومة"، وأملته أيضاً الرغبةُ في "الحصول على أجوبة الحكومة، وإبراز مَظاهر الخَلَل الكبرى التي حدثت على أعلى مستوى". 


كما تدخّل النائب الشيوعي أندري شاساني، ممثلاً لتحالف الاشتراكيين والشيوعيين و"فرنسا غير الخاضعة"، فأدان إقدام نواب الأغلبية على عرقلة أعمال لجنة التحقيق التابعة لمجلس النواب. ورأى أن الحكومة، التي يرأسها إدوار فيليب "غرقت في فضيحة دولة"، وبالتالي فإن "الأزمة التي نعيشها من مسؤولية الحكومة وأيضا مسؤولية الرئيس". ثم انتقد "إجهاز ماكرون وحكومته على المُكتسَبات الاجتماعية، التي توارثتها فرنسا في تاريخها". 

ثم تناول الكلمة رئيس الحكومة إدوار فيليب، فلخَّصَ، في البدء، رؤيته لما يجري، وهي أن الأمر يتعلق بـ"قضية فردية"، هي "قضية بنعلا"، أي قضية "خلل وظيفي شخصي"، وهو خَللٌ، عُوقِب عليه بنعلا، "على الرغم من أن حجم العقوبة يمكن أن يُناقَش"، واعِداً بأن القضاء "سيقول كلمته، وحينها سيتم تنفيذ عقوبات إضافية على ضوء ذلك". 

وذكّر فيليب بأن الجمهورية المثالية ليست معصومة عن الخطأ، و"يمكن أن نقول بأعلى أصواتنا: إن الديموقراطية تشتغل جيداً"، مذكّراً اليمين واليسار معاً، بالفضائح التي حدثت أثناء تولّيهما السلطة، من "قضية استطلاعات الرأي في الإليزيه" و"قضية الوزير جيروم كاهوزاك"، اللتين لم يستطع البرلمان الحسم فيهما، ومُتّهِماً أطيافَ المعارَضة بأنها "تستخدم الشعبوية وتتحدث عن مليشيات موازية وعن نظرية المؤامَرَة" وما ترى فيه "نزوعاً ملكياً لدى ماكرون". ثم استعرض رئيس الحكومة، أمام نواب أغلبيته وتحت صدى تصفيقهم، "منجزات" حكومته خلال سنة من ولاية ماكرون، مؤكداً أنّ الحكومة لن تسقط أمام هذا الامتحان، ولن تتوقفَ عن الإصلاحات ولن تتراخى عنها. وسخر من هدف المعارَضة، بكل أطيافها، والتي تتعلق بـ"الوصول إلى الرئيس"، و"إيقاف الإصلاحات". 

 
 وإذا كانت الحكومة الفرنسية أفلتت من السقوط، فإن هذا لا يعني أن كل شيء قد انتهى، وأنَّ "قضية بنعلا" قد وصلت إلى نهايتها، وهو ما عبّر عنه النائب عن "فرنسا غير الخاضعة"، إيريك كوكريل، بالقول إن "كلّ يوم تنكشف فيه أشياء جديدة عن تصرفات بنعلا". كوكريل كان يستحضر الفيديو الجديد الذي نشره موقع "ميديا بارت" ويظهر فيه ألكسندر بنعلا وهو يمسك بأحد المتظاهرين، في حديقة النباتات (Jardins des plantes)، خلافاً لما قاله الأخير يوم الأحد لصحيفة "لوجورنال ديمانش".

ولا تزال لجنة التحقيق التابعة لمجلس الشيوخ، فعّالة، رغم هُدنَة الصيف، وستُعاود أنشطتها، وربما تبدأ باستجواب ألكسندر بنعلا، وهو ما يرحّب به المعنيُّ بالأمر، رغم معارضة وزارة الداخلية، وأيضاً استجواب شخصيات أخرى مقربة من ماكرون، كمستشاره الخاص إسماعيل إيميليان، الذي كان على علم بنسخ الفيديوهات التي حصل عليها بنعلا من طرف ثلاثة ضباط شرطة، كما أن الرأي العام سينتظر نتائج التحقيق القضائي.

 

 

المساهمون